آراء

المراهقة السياسية تدمّر الدولة والمجتمع

نمرود سليمان

بالرغم من التجارب المريرة التي مرّت على شعوب الشرق الأوسط خلال المرحلة الاستعمارية وبعدها مرحلة الحكام العرب بعد الجلاء وأخيراً مرحلة ما يسمّى الربيع العربي ، نلاحظ بأنّ قادة العرب بمختلف أنواعهم الكبار والصغار منهم يتعاملون مع الواقع السياسي الملموس بنوعٍ من المراهقة السياسية، بمعنى يقرأ هؤلاء الواقع السياسي ومعادلاته وفقاً لرغباتهم وعواطفهم ويبتعدون عن المنهج العلمي في التفكير وعن المنطق السياسي ويخلقون واقعاً سياسياً وفقاً لرغباتهم عكس ما هو قائم .

من الطبيعي أن يصطدم الواقع الذي صنعه هؤلاء المراهقين بالواقع الحقيقي القائم على الساحة السياسية وبدل العمل على الاعتراف بأخطائهم يتهمون الاستعمار القديم والجديد والدول الكبرى واسرائيل ومعهم أعداء الداخل يقصدون ( المعارضة ) بأنهم سبب كلّ ما يتعرض له الوطن والشعب من نكبات في المجالات كافة، إذا خرج الشعب بمظاهرة طالباً الحرية والديمقراطية والمواطنة يتهمه المسؤول المراهق وجهازه الأمني بالتآمر على الدولة وبتوجيه خارجي تآمري .
المراهق السياسي لا يعرف كيف يختلف مع الآخر بالتالي لا يعرف كيف يتفق ، والمراهقون السياسيون لا يعترفون بالأخر المختلف أصلاً.

المراهقة السياسية كما أثبتت تجربة العقد الماضي موجودة في الأنظمة وفي المعارضة ، المعارضة السورية كمثال أو ما يسمّى المعارضة السورية يطالبون بتغيير النظام وبالوقت نفسه يمارسون أدواته السياسية والامنية والعسكرية ولم يقدموا ما هو أفضل لأنّ أغلبهم صُنع كمعارضة ولم يخرج من رحم وطنه لذا يتصرّفون كمراهقين .

المراهقون السياسيون من قادة العرب يتعاملون مع وسائل التطور العلمي التكنولوجي ( وسائط التواصل ) ويسمحون للشعب باستخدامها ولكنهم لا يقبلون بالممارسة الديمقراطية والحرية الموجودة في البلدان التي يستوردون منها وسائط التواصل الاجتماعي، أحياناً هؤلاء القادة يرفعون شعار الحرية والديمقراطية ولكنهم لا يستطيعون الخروج من خندقهم الديني والمذهبي والطائفي. والأقليمي.

الدولة التي يحكمها المراهق السياسي لا تتطور؛ لأنها لا تملك مؤسسات تُخرّج رجال دولة، بل يختارون مسؤولي الدولة حسب العلاقات الشخصية ، كلّ مَن له علاقة شخصية نفعية أمنية يصبح مسؤولاً في الدولة .
عندما تسيطر المراهقة السياسية على مسؤولي الدولة تدمّر الدولة والمجتمع.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “315”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى