آراء

المطلوب دعم الوفد الكردي إلى جنيف

عدنان بدرالدين
تتعالى في الأيام الأخيرة بعض الأصوات المنادية بإنسحاب المجلس الوطني الكردي من الإئتلاف السوري المعارض ومن مباحثات جنيف بذريعة رفض “معارضة الرياض” للحقوق الكردية. وتستشهد هذه الأصوات بتصريحات رئيس وفد المعارضة في المفاوضات – أسعد الزعبي – التي أساء فيها للكرد وقضيتهم بطريقة بذيئة، وأيضا بخلو مايطلقون عليه تسمية “وثيقة ديمستورا” من أي ذكر للقضية الكردية، لا بل أنهم يعتبرون الخروج من الأئتلاف شرطا لتوحيد القوى السياسية في كردستان الغربية، كل ذلك مترافقا بحملة إعلامية شرسة تستهدف أعضاء الوفد الكردي إلى جنيف وصلت إلى حد وصمهم ب “الخيانة”. وبغية تسليط الضوء على هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية على قضية شعبنا في كردستان الغربية نود أن نبين الآتي:
أولا: توفير إجماع سياسي في كردستان الغربية في هذ المرحلة المصيرية التي نواجهها هو مطلب شعبي عارم، ومهمة قومية وأخلاقية، يجب العمل من أجلها دون أية شروط مسبقة.
ثانيا: يعرف شعبنا جيدا من يقف وراء إفشال الجهود العديدة التي بذلت من أجل توحيد صفوف حركتنا بمبادرة ودعم لافتين من إقليم كردستان العراق ومشاركة شخصية من الرئيس مسعود بارزاني في هولير 1 و ،2 وفي دهوك لاحقا، وذلك بحجج وذرائع واهية ومن أجل مصالح حزبية ضيقة.
ثالثا: سيكون من السذاجة الإعتقاد بأن “معارضة الرياض” أو أي من المعارضات السورية الكثيرة ستقر بحقوقنا عن طيب خاطر. الحقوق بالفعل تؤخذ ولاتعطى، والسبيل إليها لايمر بالضرورة عبر فوهات البنادق، ولو أنها إحدى هذه السبل، إذ أن المعركة الدبلوماسية لا تقل أهمية في كثير من الأحيان عن الكفاح المسلح، على الأقل في الحالة الكردية، التي يفرز تاريخها بجلاء حقيقة أن الكرد غالبا خسروا كل مكاسبهم في ساحات القتال على طاولة المفاوضات.
رابعا: مشاركة الكرد في مفاوضات جنيف، بغض النظر عن فشلها أو نجاحها، هي ضرورة قصوى. فجنيف هي محفل دولي مهم يعقد برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة دولية وإقليمية واسعة يجب أن لايغيب عنه الكرد تحت أي سبب. صحيح أن المشاركة الكردية هي دون المأمول، وعلينا جميعا أن نعمل من أجل توسيعها وتعزيزها. لكن ذلك لن يتحقق عبر الإنسحاب من الأئتلاف أومن جنيف، بل بتقديم المزيد من الدعم والمساندة للوفد الكردي هناك، والعمل بالتوازي مع ذلك من أجل وفد كردي مستقل في المفاوضات، فالمسألتان غير متعارضتين، بل أنهما تكملان بعضهما البعض.
خامسا: إذا كانت روسيا تدعم فعلا فكرة مشاركة الكرد في جنيف بوفد مستقل، كما صرح بذلك الإستاذ عبدالحميد درويش، فالأولى بها أن تعمل على تقريب وجهات النظر بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان، وهي تملك ما يستلزم من أدوات التأثير لتحقيق هذا الهدف، أقله فيما يخص – تف دم -، أوأضعف الإيمان فرض حضور حزب الإتحاد الديمقراطي في المفاوضات كطرف فاعل في المعادلة السياسية والعسكرية السورية. بدون ذلك لايمكن الكلام أساسا عن وفد كردي مستقل، لكن الواقع أننا نسمع من روسيا بوتين، فيما يخصنا ككرد، جعجعة ولانرى طحنا.
سادسا: من المبكر الحكم على مفاوضات جنيف، إذ أنها لاتزال في بدايتها. وما أطلق عليه إسم “وثيقة ديميستورا للمبادى المشتركة بين المعارضة والنظام” هو مجرد تصور كونه فريق الوسيط الدولي عن النقاط التي تمثل برأيه القاسم المشترك بين طرفي الحوار. ليس هناك أي إتفاق حتى الآن بين الطرفين،وهو ما ذيل به ديمستورا نفسه ورقته هذه، كما أن المعارضة السورية رفضتها، أي أن إشهار الوثيقة المزعومة هو تضليل متعمد يستهدف من وراءه الطعن في مصداقية الوفد الكردي الى جنيف، وإظهاره بمظهر المساوم على الحقوق الكردية الثابتة.
من نافل القول التأكيد هنا مجددا على أهمية وحدة الموقف والخطاب الكرديين في ظل المواقف المعلنة من النظام والمعارضة على حد سواء. لابديل عن وحدة الكرد، كل الكرد، في ساحات القتال وفي ميادين الدبلوماسية. لا حليف للكردي في هذه الأوقات العصيبة وهو يخوض معركة إنتزاع الحقوق وفرض الذات في مواجهة سياسات الإنكار والشوفينية غير أخيه الكردي. أما كرديا، فإن سياسات فرض الذات بالقوة، وإنكار الآخر المختلف، وإحتكار الحقيقة، وكم الأفواه، والملاحقات، والإعتقالات، وحملات التخوين، وعلى الخصوص منع الآلاف من البيشمركة المدربين من المشاركة في معركة الدفاع عن أرضهم وشعبهم ضد الإرهاب والإستبداد، نقول أن كل هذه الممارسات المؤسفة هي سياسات بلا أفق لن تكون نتائجها كارثية على شعبنا كله وحسب، بل على أصحاب هذه السياسات في المقام الأول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى