المعارضة السورية بين العبر و المكر
انطلقت الثورة السورية كحالة شبه طبيعية لما حدث في بعض البلدان العربية و التي اتسمت بالربيع العربي و لعل عجلات عربة البو العزيزي التونسي الطالب الجامعي الذي اضرم النار في جسده بدأت تتدحرج بسرعة نحو غربها و شرقها و هزت عروش الطواغيت المتصلبة بكراسي الاستبداد و القمع و نياشين العسكر و انتجت ردا عنيفا كانت كامنة خلال كل تلك الاحقاب من الظلم اللامتناهي بحق شعوبها .
و تواجد امام سير عجلة عربة البوعزيزي المئات بل الالاف من المرتزقة و الشبيحة و الجمالة و الخيالة و وصفت تلك الثورات و هؤلاء الجموع المتبرعة للموت في الشوراع و الساحات بالمندسين و الجراثيم و كائنات كونية و كل اشكال التقزيم بهدف ابعادهم عن مطاليبهم الحقيقية في غدا اجمل لاوطانهم .
و لكن تطور الصراع في بعض البلدان العربية و خاصة سورية منها اصبحت ساحة مفتوحة لابشع انواع القتل و الذبح بحق السوريين من مختلف الاجنحة المتناحرة و التي تملك السلاح و فرضت على المجتمع قوانينها و أرائها و سحقت تلك البذور المنادية بالحرية و الكرامة و التهم نيران بنادقها الناشطين و الصحفيين و كبل حركتهم بطوق سلفي و مذهبي ابعده عن رؤيته الحقيقية عن مفاهيم الثورة .
ان تلك الشريحة الشبابية و المثقفة و التي نادت بسوريا لكل السوريين لم يبقى لها دورا في أعلاء أزيز الرصاص و تمطير السماء بالبراميل المتفجرة و سيلان غاز الكلور على المدنيين و العزل و الموت جوعا و في البحار و النفي و التشرد و الحصول على اقل تقدير لكفن يدفن فيه شيخا او عروسا او رضيعا .
الملحمة في سوريا درامي و بامتياز و هؤلاء الذين يدعون بانهم مشروع معارضة و يمثلون تلك الفئة الملائكية و التي لم تبخل بالغالي و النفيس تزامنا مع حجم سنوات القحط السياسي و القمع و الاستبداد و فرض الجزمة العسكرية فوق القانون و تدنيس حقوق الانسان و تهميش مكوناتها الراقية و التي تتجلى قوتها من تنوعها في هذا الفسيفساء السوري الجميل .
إلا ان المعارضة الحالية لم تستخلص العبر و كيف يتم ذلك و ندرك تماما ان اغلبها ان لم تكن كلها تنتمي لتلك الذهنية الفردية و التي بالاساس تتلمذت بمناهج الاحادية و السلطوية من مدارس الاخوان المسلمين او احزاب البعث و في احسن الاحوال من بقايا الشيوعيين .
و اثبت التجربة التاريخية لتلك الافكار فشلها ليس كفكر فقط و انما كادارة ايضا و تكورت على بعضها باعلى هيئاتها و حلاتها عندما سنحت لها الفرصة لتسليم السلطة لتتميز بعبادة الفرد و الديكتاتورية و ذهبت بشعوبها لترميها بويلات الفقر و مستنقعات الجهل و لتنتهي بدولة فاشلة .
و من الطبيعي ان يتسأل السوري اليوم ما قدمته تلك المعارضة السياسية و ما هو مشروعها الجديد لمستقبل سوريا ؟
إن كانت سوريا دولة مركزية و إن كانت قوانينها إسلامية و ان كان اسمها الجمهورية العربية السورية و إن كانت سورية جزء من الوطن العربي دون أخذ الأعتبار برأي باقي مكونات سوريا غير العربية و إن كانت خالية لأي دور للمرأة و إن كانت دولة مواطنة فقط ..و إن كانت ….و غيرها من الشعارات العروبية و الاسلاموية و التي هدرت بموجب تلك الخطوط العريضة السوداء المتعصبة و تلك اللحى الطويلة الممشطة كل طاقات البشر و الحجر و التي استمدت من العقلية القبلية المنحدرة من العهود القرو وسطية .
لذا حان الوقت لتلك المعارضة للتخلص من مفاهيمها البالية و رميها كأي محرمة كلينكس في سلة المهملات و النظر بأفق جديد نحو مستقبل سوريا و ليحزن المرء اشد الحزن عندما يكتب او يصرح من بمثابة ما يدعى شيخ الحقوقيين هيثم المالح او غيره من الباحثين السورين و يزيفوا التاريخ و الجغرافيا و حتى احيانا قد يصل معهم لتزييف المنبت و الولادة .
و هنا انا كسوري كيف لي ان اثق باحد اقطاب المعارضة او اكثر و هم يقومون بتزوير الحقائق و الادلة .
أي كائنا من هؤلاء يستحق أن يمثل الشعب السوري بمكوناته و يكون قدوة لمستقبل سورية و التي اعطت في سبيل حريتها اثمن ما يملكها و سطرت أروع ثورة بوجه الطغاة .
بهجت شيخو