الموصل في أروقة الدول الإقليمية
محمد رمضان
قُبيل الإعلان عن ساعة الصفر لتحرير مدينة الموصل العراقية ثاني أكبر المدن بعد العاصمة ’’ بغداد ’’ من قبضة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش ’’ سارعت عدّة عواصم في المنطقة لتمرير مشاريعها عبر أجنداتها للمشاركة في تحرير المدينة إلّا أنّ كلَّ الجهود قوبلت بالرفض في المشاركة من الجانب العراقي .
وقد صرّح الرئيس التركي ’’ رجب طيب أردوغان ’’ مراراً وتكراراً بضرورة مشاركة قوات الجيش التركي في عملية طرد تنظيم الدولة من الموصل، لا سيّما في ظلّ ما حُكي عن الخوف التركي من نتائج المعركة على الأمن القومي التركي ومن سيطرة الجماعات الشيعية الموالية لإيران على منطقة سنيّة بحتة . وقد أثارت مشاركة أنقرة في المعركة حساسيّة بغداد التي تطالب الأتراك بالانسحاب من المناطق التي دخل إليها الجيش التركي عنوة عنه مثل منطقة ’’ بعشيقة’’ وغيرها ، في ظلّ تأكيد الرئيس التركي على إصرار بلاده المشاركة حتى في المفاوضات التي ستعقد فور انتهاء عملية تحرير مدينة الموصل وما حولها من تنظيم الدولة . والأخبار الواردة من تلك المناطق ذكرت أنّ الأتراك قاموا بتدريب مقاتلين من الطائفة السنية في وقت سابق لكي يشاركوا في أيّة معركة مرتقبة ، بينما نوّه المراقبون على أن أنقرة تريد مشاركة قوات تركمانية وسنيّة في عملية التحرير وتخشى أن يكون قضاء تلعفر الذي يعتبر امتداد للمكوّن السنِّي بين سوريا والعراق محصلة خاسرة للمعادلة .
ومختصر الأمر في نهاية المطاف بيد القوات العراقية المركزية والقوات الكردية المتمثلة ب’’ البيشمركة ’’و بمساندة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية جاء هذا التنسيق بموجب الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بعد الزيارة الأخيرة التي قام بهاالسيّد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق إلى بغداد .
و مع اشتداد حدّة المعارك على مشارف مدينة الموصل وتحرير أجزاء واسعة من سهل ’’ نينوى ’’ هذا ما أزعج الأطراف الإقليمية عدة ممّا يجري في ساحة المعركة ومع التقدم على كافة الجبهات نحو المدينة بالتالي فقد قاموا بتحريك الخلايا النائمة على الخطوط الخلفية للقوات الكردية بتسلّل عناصر من تنظيم الدولة إلى مدينة كركوك لكسر إرادة تلك القوات في الخطوط الأمامية .
خلاصة القول إنّ تركيا و أيران تحاولان خلق صراع طائفي طويل الأمد بين مكوّنات المنطقة تحت ذرائع واهية ’’ سنية و شيعية ’’ لضمان الديمومة و الاستمرارية في القضاء على حلم المكوّن الكردي بإنشاء دولتهم القومية على أرضهم التاريخية أمّا عن المطالب التركية الأخيرة من نظيرها الأمريكي في إنشاء منطقة أمنة في شمال العراق على غرار ما حصل في بلدة جرابلس شمالي سوريا ممّا يذكرنا بما فعلته الدولة التركية في شمال قبرص 1974وحتى هذه اللحظة تلك القوات موجودة على الأراضي القبرصية والهدف من ذلك احتلال وليس تطهير المنطقة من التنظيم الإرهابي فهل يدرك قادة الكرد ما يحك حولهم من المؤامرة كما حصل أبان معركة جالديران 1514 وتقسيم بلاد الكرد بين العثمانيين والصفويين بموجب معاهدة ’’ قصر شيرين ’’ 17مايو 1639ونترك جلاء الصورة للأيام القادمة.