آراء

النظام قادم للتطبيع

محمد جمعان

يظهر في الفترة الأخيرة، ونتيجةً للتواصل المكثّف من دول كثيرة، وبدعم واضح من ايران وروسيا، أنّ دول كثيرة مثل: المملكة العربية السعودية ومصر بالإضافة إلى تركيا تريد التواصل وتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد.

هذا الواقع الجديد يُظهِر دلالات قاطعة جامعة بين تلك الدول، وكذلك الواقع الذي وصلت إليه المعارضة السورية.

يظهر من الوهلة الأولى أنّ تلك الدول لا تريد أيّ تغيير ديموقراطي يحصل في المنطقة، ومن ضمنها في سوريا.

و في حال سيطرة نظامٍ ديموقراطيٍ علماني في سوريا مما قد يفرض حالةً من التغيير في المنطقة وهذا قد يعرّض عروش كثيرة إلى الزلازل، بالإضافة إلى أنّ واقع الحال فرض قناعاتٍ جديدة في المنطقة، وعلى الصعيد الدولي أثبتت واقعاً جديداً آخر ومنها :

فشل المعارضة السورية في أن تكون البديل الأصلح للنظام، فهي اأصبحت مشتّتة، تابعة ومتصارعة فيما بينها؛ وبالتالي الإسلام السياسي أفرغ الثورة من محتواها الثوري، الذي كان من المأمول منها، وبعد هذه التضحيات والمآسي التي مرّت فيها سوريا و خلال أكثر من عقدٍ من الزمن كان يتأمّل تغييراً ديموقراطياً علمانياً.

ويظهر أنّ الدول المعنية لا تريد إعادة تجربة العراق، مع أنّ تلك التجربة فشلت إلى حد ما في التغيير، والذي كان من المأمول منه أن يؤدّي إلى نظامٍ ديموقراطي علماني ولكن تحوّل ذلك النظام إلى نظامٍ ميليشياوي فئوي طائفي، عملياً أُفرغ من محتواه الديموقراطي بأن يلبّي طموحات الجماهير العراقية الفقيرة والتي عانت من ويلات الحروب والفقر والتهميش.

ويظهر من الاتصالات الدبلوماسية الأخيرة في المنطقة و ما حولها أنّ تلك الدول من السعودية إلى مصر والعراق وإلى إيران وتركيا كلها يجمعها مصلحة واحدة بأن يكون على رأس النظام في سوريا هو نظامٌ ضعيف و تابع لهم أفضل من بديلٍ ديموقراطي قد يجلب مشاكل لتلك الأنظمة وللمنطقة عموماً.

ولهذا فإنّ تلك الدول تجتمع الآن لعودة العلاقات مع نظام الأسد “على علاته” أي مبدأ أن نتعامل مع الذي نعرفه أفضل من الذي لا نعرفه والذي نجهل نتائجه.

هم غير مهتمّين لما يعانيه الشعب السوري، وماذا يطلب ولماذا قامت الثورة؟ والتضحيات التي قدّمها الشعب السوري بكافة فئاته وقومياته؛ لتغيير نظام الحكم المستبد المخابراتي الذي أرهب الناس والعباد لعقودٍ .. فهذا التغيير الذي يصبو إليه الشعب أصبح صعب المنال، وكذلك لم يعد مطلوباً من جهاتٍ كثيرة من هذه الدول.

ولهذا كله فإنّ تلك الاتصالات من كافة الجهات، إن كانت عربية، لرجوع النظام إلى الجامعة العربية والبدء بتطبيع العلاقات معه حيث بدأت تونس والعراق بالعلاقات الجيدة والآن السعودية على الطريق حيث التواصل المكثف من قبل الوسيط الروسي والإيراني بين النظام وتركيا، ماهي إلا دلالات على أنّ النظام سيعود وبقوة ليبسط سيطرته على كامل التراب السوري، حيث سيكون مقبولاً على الساحة الدولية، ويفرض شروطه في بعض الأحيان نتيجةً للدعم الذي يكسبه من الدول والجهات الداعمة له.

كلّ هذا العمل من التواصل و اللاعمل من أطراف معينة يأتي بخيارات واضحة وهي أنه نعم لواقعٍ جديدٍ فرضته الظروف ومصالح دول معينة حيث النظام بات مقبولاً والمعارضة على الهوامش وليس للكُرد إلا الحصرم.

ورحمة الله على الشهداء، والمآسي والهجرة ما هي إلا عادة تعوّد عليها السوريون من كُردهم وعربهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى