بدأت دولة الخلافة الإسلامية الحرب ضد الأكراد (في العراق والشام) .!؟
خليل مصطفى
الإسلام شرعة ( تنظيم للحياة البشرية الجميلة ونظام ضبط للحقوق والواجبات ) أنزله الله على مراحل لكافة الناس .! بدأ نزوله اللطيف مع أبوهم آدم، ثم تواتر نزوله على نوح وأولاده ( بعد الطوفان )، ومن بعدهم ( كما أراد الله مناسباً للبشر ) على الأنبياء جميعاً ( خاصَّتهم : إبراهيم وموسى وعيسى )، حتى اكتمل تنزيله في أواخر عهد النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) المرسل رحمة للعالمين .! فإذاً الإسلام قديم وهو دين الإنسان الأول آدم .. وهو دين كل الأنبياء ( لقوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ــ سورة المائدة ــ الآية 69 ) .! وحين اقتضت إرادة الله إتمام شرعة الإسلام للبشرية، اختار الرجل الصالح الصادق الأمين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من بين العرب، ليكون آخر نبي مرسل لأجل إتمام المهمة ( لقوله تعالى : اليوم يأس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وأخشونِ، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ــ سورة المائدة ـ الآية 3 ) .!
والحقيقة العجيبة أن العرب ( والأصح الأعراب ) كانوا ( قبل وأثناء عهد النبي ) مشركين وجهلة حتى النخاع، وما كانوا يدركون عن شرعة الإسلام شيئاً .!؟ بل كانوا من أشد الأعداء ( قولاً وفعلاً ) لـ محمد وأصحابه ولـ الإسلام، ألم يُخطط الأعراب لعملية اغتيال النبي ليلاً وهو نائم في فراشه داخل بيته .. وجمعوا لتنفيذها ( 40 بطلاً ) فارساً من قبائلهم ( لا يختلف بخصوص ذلك عاقلان ) .!؟ وبإرادة الله اقتدى بـ محمد قسم من الأعراب، فأصبحوا أعزة وصنعوا دولة الإسلام، وساسوا كل البشر بالعدل ( دون تفضيل العرب والمسلمين على غيرهم ) .! وبرهان ذلك قول خليفة المسلمين ( العربي ) عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ : ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومن أعتز بغير الإسلام ذل .! ) .!؟ لكنه حين أعتز خلفاء المسلمين وحكامهم بغير الإسلام أذلهم الله، فدفع بغيرهم .. ممن مزق الدولة الإسلامية لـ دول، والأمة الإسلامية لـ شعوب وقبائل باتت تتناحر فيما بينها ( من أجل متاع الدنيا .. لا غير ) .!؟
فإذا كان : من حق الفرد ( وقد جعله الله مُخيَّراً لا مُسيَّراً ) أن يختار دينه ومذهبه وحزبه .. ويسكن الأرض التي تتأمن عليها كرامته الإنسانية، وعليها يُحقق تطلعاته ( المشروعة ) .! وإن كان : من حق الشعوب ( وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ) أن يحققوا تطلعاتهم عبر تقريرهم لمصيرهم بأنفسهم . وعليه : فإن حق حرية الفرد في الاختيار .. وحق الشعوب في تقرير مصيرها .. كلها حقوق مشروعة، وقد كفلتها شرعة الله ( وقد كان ذاك كله .. متاحاً في الدولة الإسلامية )، وأيضاً كفلتها المواثيق والقوانين الدولية الوضعية ( منذ عصبة الأمم .. إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الحاليين .. ) .!
إذاً ( بعد تلك المقدمة ) : لا ضير إن طالب العرب السنة بحق تقرير مصيرهم، وصناعة دولتهم العربية السنية ( دولة الخلافة الإسلامية )، على المساحة التي يُشكلون فيها الغالبية السكانية ( من العراق والشام ) . فذلك حق مشروع ( تكفله الشرائع السماوية، والقوانين الدولية الأرضية ) . ولكن ذلك الحق يظل مرهوناً بعدم مخالفتهم لـ نصوص الشرائع السماوية، وخرقهم لـ مواد وبنود القوانين الدولية . بمعنى عليهم الالتزام : أولاً بـ عدم اضطهاد .. وظلم .. وسلب حقوق أبناء القوميات الأخرى ( مسلمين وغير مسلمين ) . ثانياً اعتراف دستور دولتهم بالآخر .. لينال الآخرون كافة حقوقهم الإنسانية والقومية .. وبعدها سيكون ( بديهياً ) من حق العرب السنة، مطالبة غيرهم ( الآخر ) احترام دولتهم .. وأداء الواجبات تجاهها .!؟
أخيراً : لقد طبق رسول الله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه شرعة الإسلام ( لقوله تعالى : إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ــ سورة آل عمران ـ الآية 19 )، القائلة بوجوب تطبيق : لا إكراه في الدين .. لا استعباد .. ولا ظلم .! أما الآن : فلماذا بدأت دولة الخلافة الإسلامية ( يقودها العرب السنة ) بمقاتلة أكراد العراق وسوريا ( وهم عباد الله )، رغم أن غالبيتهم مسلمين سنة، وأنَّ الله هو الذي جعلهم أكراداً ( ويقول تعالى في سورة المائدة، الآية 32 : من قتل نفساً بغير نفس أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) .!؟ ولماذا تودُّ دولة الخلافة الإسلامية اسْتعباد الأكراد في كوردستان العراق وسوريا ( وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً على أرض الله ) .!؟ ثم أليس للشعب الكوردي الحق في أخذ حصَّته ( دولة مستقلة ) من أرض الله .. كما أخذت الشعوب الأخرى حصصها ( يقول الله : ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ــ المائدة، الآية 40 ).!؟
21 / 9 / 2014 قامشلو
ـــــــــــــــ ( نهاية المقال ) ـــــــــــــ