
بيان المنظمة الآثورية حول الأحداث في مناطق الساحل السوري
Yekiti Media
تتابع المنظمة الآثورية الديمقراطية بقلق بالغ ما يجري في بعض مناطق الساحل السوري من تصاعد للعنف والانتهاكات بحق المدنيين في اليومين الأخيرين، وما يرافق ذلك من عمليات انتقامية وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، تحت ذريعة ملاحقة فلول النظام السوري السابق.
وإذ تؤكد المنظمة الآثورية الديمقراطية أن الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة حمل السلاح وحصره بيد القوات الأمنية الشرعية، فإنها تدين بشدة انتشار السلاح خارج إطار سلطة الدولة، كما تدين أي هجوم على قوات الأمن السورية التي تعمل في إطار القانون من أجل حفظ الأمن في أرجاء البلاد، وترى أن الانفلات الأمني لن يكون في مصلحة السوريين ولن يساهم في بناء دولة مستقرة.
وتحذر المنظمة الآثورية في الوقت نفسه من خطورة الانزلاق نحو صراعات ذات أبعاد طائفية يتمناها ويؤججها ويستدرجنا إليها أعداء الشعب السوري من حلفاء النظام البائد، لا سيما بعد محاولات البعض تحميل الطائفة العلوية مسؤولية ما ارتكبه النظام السابق من جرائم وفظائع لم يسلم منها حتى أبناء الطائفة العلوية أنفسهم. لذا فإن التعامل مع المكونات المجتمعية وفق منطق العقاب الجماعي لن يؤدي إلا إلى تعميق حدة الانقسامات وإعادة إنتاج الصراعات التي نهشت جسد الشعب السوري منذ خمسة عشر عاما. وعليه تؤكد المنظمة أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها القانوني العادل بعيدًا عن منطق الثأر والانتقام.
لقد أدت العمليات العسكرية التي أطلقت لملاحقة فلول النظام السابق في اليومين الأخيرين، إلى انتهاكات فظيعة ومرفوضة ومدانة بحق بعض أهالي منطقة الساحل، كما أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين الأبرياء العزل الذين لا علاقة لهم لا بفلول الأسد ولا بالنظام السابق. هذه الانتهاكات الفظيعة هي ممارسات مدانة وغير مبررة بأي شكل من الأشكال، ويجب على السلطات معاقبة المسؤولين عنها وضمان عدم تكرارها.
بعد مرور ثلاثة أشهر على هروب الأسد واستلام الإدارة الجديدة لمقاليد الحكم، لم يعد مقبولًا تبرير الممارسات الخاطئة على أنها “سلوكيات فردية” كلما وُجهت انتقادات لأداء وسلوكيات أفراد الأجهزة الأمنية أو لمؤسسات الدولة. على الإدارة الجديدة، التي باتت اليوم هي الدولة والسلطة الحاكمة، أن تتحمل مسؤولياتها الكاملة في حفظ الأمن وتوفير الأمان، وحماية المواطنين ومحاسبة أي مرتكب للانتهاكات، أيا كان حجمها، وفق القانون الدولي والقانون السوري.
إن المنظمة الآثورية الديمقراطية، ومن منطلق الحرص الوطني، ويقينا منها أن الشرخ في المجتمع السوري عميق جدا ويحتاج إلى معالجات هادئة وعاقلة، تطالب الإدارة السورية الجديدة بما يلي:
• حماية المدنيين في مناطق العمليات العسكرية، والوقف الفوري لجميع الممارسـات المرتكبة ضدهم، والالتزام بقواعد القانون الدولي المتعلق بحماية المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، وكل من لم يحمل السلاح خلال النزاعات العسكرية.
• السماح لمنظمات حقوق الإنسان السورية والدولية بالدخول إلى مناطق النزاع، لتتحرى وتعاين ما حدث على الأرض في الأيام الماضية، وتسجل ملاحظاتها وإحصاءاتها وتنشر تقاريرها حول الاحداث دون رقابة أو تحيز.
• عقد مؤتمر سوري جامع للمصارحة والمصالحة، يفتح ورشة عمل وطنية كبيرة ومطولة، ويتناول كل القضايا بشفافية. مؤتمر يضع أسس العدالة الانتقالية، يحاسب المتورطين، يعفو عند المقدرة، يجبر ضرر الضحايا من شهداء ومعتقلين ومخفيين قسراً، ويصلح ما أفسده الدهر الأسدي البائد بين مكونات الشعب السوري.
• عقد مؤتمر وطني يضم القوى السياسية و منظمات المجتمع المدني من جميع المكونات السورية، يحدد الأسس والمبادئ للدولة وتتمخض عنه حكومة انتقالية ولجنة لصياغة دستور دائم. وضمان مشاركتها الفعالة في إدارة شؤون البلاد، وعدم إقصاء أي طرف تحت أي ذريعة.
• التخلي عن نهج الاستئثار والسيطرة على جميع مفاصل الدولة، وصبغ جميع مؤسساتها بلون إيديولوجي واحد، فهذا سلوك خطير يقوض العملية السياسية ويعرقل بناء سوريا الجديدة التي يحلم بها السوريون، معتبرين مما شهدته الثورات السابقة في العالم العربي، ومستذكرين مآلات سياسات الاستئثار والتفرد في هذه البلدان.
ختاما، إن حلم السوريين والسوريات بالتحرر من نير الاستبداد الأسدي لم يكن انتصارًا لفئة دون أخرى، بل كان ثمرة نضال جميع السوريات والسوريين، مسلمين ومسيحيين وإيزيديين، عرباً، وكرداً، وسريان آشـوريين، وتركمان وغيرهم. ومن هذا المنطلق فإن صون هذا الحلم وحمايته مسؤولية جماعية تتطلب وحدة الصف وتعزيز الشراكة الوطنية، وفي هذا السياق تؤكد المنظمة الآثورية الديمقراطية على أهمية دور النخب السياسية والاجتماعية والثقافية والروحية السورية في نبذ وتجريم خطاب الكراهية والتجييش الطائفي ودعوات الانتقام والتشفي.
الرحمة لأرواح جميع الشهداء الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى.
المنظمة الآثورية الديمقراطية/ المكتب التنفيذي / سوريا السبت 8 آذار 2025