آراء

بين العقلاء والعملاء مجرد حرف..

عبدالله جعفر كوفلي/ باحث اكاديمي

عملية البناء مهمة شاقة وبطيئة وطويلة ،وتحتاج الى جهودٍ ودعمٍ ، ولكنّ أهم عناصر هذه العملية هو الإنسان، فان كان مخلصاً وماهراً ودقيقاً وعاقلاً ونزيهاً ومحباً لوطنه وشعبه، كانت العملية سهلة ومشوّقة ويتحوّل التعب فيه الى متعة ونزهة، وإذا كان هذا الإنسان فاسداً عميلاً بائعاً لقيمه ووطنه وشعبه ويرى ابناء شعبه في ادنى سلم الشعوب مقهوراً ذليلاً، فصعوبة العملية تتضاعف لمرات ويستغرق طويلاً وتهدر أموالاً طائلة.

العقل نعمة الله تعالى على الاإسان وهو ما يميّزه عن سائر المخلوقات، لذا يجب أن لا يضيعه أو يهمله أويستخدمه في القضايا الضارة ببني جنسه، وعليه استعماله في ما ينفع الإنسان من معارف وعلوم وابتكارات واختراعات.

العقل محلّ التفكير وموطن التدبير وسمي العقل عقلاً لأنه يمنع صاحبه من الوقوع في المصائب والمهالك.

أما العملاء بالمفهوم الاقتصادي هم الذين يرتادون المحال التجارية بقصد التسوق وشراء ما يحتاجونه من سلع وبضائع.
وفي مجال السياسة والأمن للعملاء مفهوم آخر، فهم فئة من الشعب على اختلاف مواقعهم ومناصبهم ومكانتهم و وظائفهم وإمكاناتهم المادية الذين يرتبطون بشكلٍ أو باخر بدولةٍ أخرى أو جهةٍ معينة ويعلنون ولاءهم وإخلاصهم لها، ويعملون وفق أجنداتهم وينفّذون برنامجهم، أى إنهم الذين لا يريدون الخير لشعوبهم بل يعملون على إذلالهم وإبقائهم في ذيل مسيرة التطور والازدهار، هؤلاء هم أبواب مفتوحة وطرق معبّدة أمام أسيادهم ويقفون عند رهن إشاراتهم، بل ينتظرون واللعاب يسيل من أفواههم وآذانهم صاغية لتلقّي أوامرهم.

العملاء هم الذين يعملون ليل نهار لمحاربة العقلاء، وقد أعلنوا الحرب ضدهم ولا سلام بينهم، فلا يسمحون لهم بالعمل ولا يفتحون المجال أمامهم للتفكير والابداع.

العملاء ينفّذون الإملاءات الخارجية ويعتمدون على أمثالهم ويدعمونهم لتولّي المناصب والكراسي والوظائف المهمة، لأنهم فاشلون، فيعتمدون على الفاشل في كلّ شيء.

الاختلاف بين العقلاء والعملاء مجرد حرفٍ في اللفظ ولكنه بُعد السماء والأرض في المفهوم والمعنى، فكم من حرفٍ غيّرَ مجرى الحياة وأنزل الإنسان الى الهاوية أو رفعه إلى العُلا.

جعلنا الله عز وجل من العقلاء المخلصين الصالحين والبناة الأصلاء للوطن والشعب، وأعاذنا الله من العمالة وحبّ الأعداء والعمل لهم وكفانا شرهم.

فالأوطان يبنيها العقلاء ويهدمها العملاء!!

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 299

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى