تداعيات التدخل التركي في سوريا ومخاوفها الدائمة!
محمد رمضان
في ظل التطورات المتسارعة على الحدود الجنوبية مع الجارة سوريا وبعد تفاقم الأزمة السورية ودخول عامها الخامس وفقدان النظام السوري سيطرته على الجزء الشمالي من البلاد، الأمر الذي أدى إلى مخاوف تركيا حيال ذلك بخاصة بعد هزائم وانسحاب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من عدة مناطق كان أخرها مدينة تل أبيض وقبلها مدينة كوباني “عين العرب” على وقع ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودخول مقاتلي وحدات الحماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا) وبسط سيطرته على الشريط الحدودي عبر ربط المناطق الكردية مع بعضها البعض في سوريا، سارعت الحكومة التركية بدورها إلى استدعاء كبار القادة العسكريين المرابطين على طول الحدود السورية تحسباَ لأي طارئ على حدودها الجنوبية، حيث رافق ذلك تحضيرات عسكرية وحشود قوات برية ونشر بطاريات مضادة للصواريخ بالتزامن مع إطلاق حملة دبلوماسية لشرح مواقفها للأطراف الخارجية وخاصة مع الدول الغربية وحلف الناتو ومع حلفاء النظام السوري كإيران وروسيا، وذلك إن تركيا ليس لديها نوايا دخول الأراضي السورية بقصد الاحتلال وإنما لحماية نفسها من تنظيم الدولة و فصيل كردي انفصالي حسب مزاعم تركيا وهنا السؤال يطرح نفسه على الساحة بما أن حزب الشعوب الديمقراطي دخل قبة البرلمان التركي ككتلة سياسية والذي يعتبر أن حزب الاتحاد الديمقراطي جناحاً له في سوريا وعلى علم بأنه لا يملك مشروع كردي حسب مزاعم صالح مسلم وقادة حزب العمال بأن زمن الدولة القومية قد ولى، ولهذا السبب فلا داعي لمخاوف تركيا من كرد سوريا وبالتالي هناك تعقيدات كبيرة حول أي عمل تقوم بها الدولة التركية حيال أي تدخل عسكري في سوريا.
كذلك تدرك الحكومة التركية جيداً، كما جاء على لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بأن تركيا لن تجر وراء مغامرات ولن تسمح في تحول الأحداث والوضع الراهن إلى تهديد الأمن القومي التركي إن اقتضت الضرورة فلن تتردد تركيا في التدخل العسكري في سورية على المستوى الشعبي في تركيا ،ذلك خشية من أن يقوم تنظيم الدولة بنقل نشاطه إلى تركيا، وهذا ما جعلت تركيا أكثر تحمسا لفكرة تكبيد قوات الحماية الكردية خسائراً لتنظم الدولةتحت غطاء طيران التحالف ،وهو ما أحيا مخاوف تركية من إمكانية سعي كرد إلى إقامة دولة على الحدود التركية طبعاً وفق المنظور التركي للأحداث.
وكما يبدو إن المتغيرات التي ربما تدفع للتدخل التركي لا تقتصر على ما يحدث على أرض الواقع ، لكن كما يبدو أن واشنطن قد نجحت في تغيير قناعات تركيا، فيما يتعلق بأولوياتها إذ كان الهدف الأول المعلن لأنقره منذ تفجر الصراع السوري هو إسقاط نظام بشار الأسد، وقد سعت أنقره مرارا إلى أقناع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بتوسيع عملياته لتطال أيضا قوات نظام السوري وشرطت مشاركتها التحالف بحدوث ذلك، وهو ما مثل نقطة خلافية في علاقتها بالولايات المتحدة لكن التطور الأخير جعل من تركيا تغير من موقفها بإعادة حساباتها وفق فهمها الأمني للأحداث المتلاحقة . في المحصلة هناك سيناريو في حال تخلي قوات التحالف الدولي عن دعم مقاتلي وحدات الحماية الشعبية تلبية لمطلب تركي بهذا الخصوص ودخول تركيا في مواجهة مباشرة مع تنظيم الدولة، وفي كلتا الحاليين تتجه تركيا نحو حربٍ داخلية على غرار الأزمة السورية لوجود خلايا نائمة لتنظيم الدولة داخل الأراضي التركية وكذلك مسألة القضية الكردية العالقة منذ عقود، وما علىينا أن تنتظر ريثما تتضح صورة الحقيقة في الأيام المقبلة!
اورينت