تدريبات أميركية في التنف رسالة تحدٍ للإيرانيين
Yekiti Media
قبل أيام من انتهاء المهلة المحددة لتطبيق الاتفاق الروسي- التركي حول مدينة إدلب (شمال غربي سورية)، تصاعد التوتر أمس بين فصائل المعارضة في الشمال السوري و «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، في وقت تحدّت واشنطن أمس مطالب بسحب قواتها من سورية، ونفّذت تدريبات عسكرية داخل قاعدة التنف المتاخمة لحدود سورية مع العراق والأردن (جنوب شرقي سورية)، في ما اعتُبر رسالة تحدٍ للنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين.
وكانت مواجهات وقعت أمس بين فصائل «الجبهة الوطنية للتحرير» الموالية لأنقرة، و «هيئة تحرير الشام» بدأت في منطقة بلدة كفر حلب (شمال سورية)، وسرعان ما تمددت إلى مناطق عدة متاخمة للمنطقة العازلة التي ينص الاتفاق الروسي – التركي في شأن إدلب، على إقامتها. تزامن ذلك مع تظاهرات اندلعت في مناطق عدة في الشمال السوري، كان لافتاً أنها رددت للمرة الأولى هتافات مناوئة لـ «هيئة التفاوض السورية».
وعلّق الناطق باسم هيئة التفاوض يحيى العريضي أن الهيئة «تُقدر الصرخة التي ساهمت في حماية إدلب من هجمة وحشية محتملة من النظام وأعوانه، وتأمل في تعزيز صوت الحراك لأنه حافظ على جذوة الثورة وروحها». لكنه قال لـ «الحياة»: «هناك بعض الأصوات النشاز، وبعض المحتجين يعمل عمداً ضمن مخططات معدة مسبقاً، وبعضهم عن ضعف معرفة لتشويه الهيئة». وزاد: «مع وجود بعض المآخذ على بعض شخوص الهيئة، لكن ذلك لا يستدعي تدمير المؤسسة الوحيدة الباقية في ساحة الثورة السورية، وتحقيق أمنيات النظام وداعميه في إضعاف صدقية الائتلاف أو نسف وجوده».
وغداة «إصرار» موسكو على «ضرورة رحيل القوات الأميركية» من منطقة التنف، وبعد نحو شهر على مناورات واسعة للتحالف الدولي في المنطقة الواقعة على المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، قام طيران التحالف بضربات في إطار مناورات في محيط قاعدة التنف. وقال قائد فصيل «مغاوير الثورة» المدعوم أميركياً مهند الطلاع لـ»الحياة» إن الهدف من المناورات تدريب عناصر الفصيل و «تنظيم التعاون وخلق الانسجام مع قوات التحالف الدولي في تنفيذ العمليات القتالية وحماية المنطقة».
واعتبر قيادي بارز في الجيش الحر أن التدريبات «تبعث برسائل للنظام والروس والإيرانيين»، موضحاً لـ «الحياة» أن «المنطقة تحظى بأهمية استراتيجية للجانب الأميركي، فهي تقع وسط ما بات يعرف بالهلال الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق، كما أنها تقع إلى الجنوب من حقول النفط والغاز والفوسفات التي تتنافس روسيا وإيران على الفوز بعقود لاستثمارها». ورأى أن «التدريبات تبعث برسالة للنظام والميليشيات الطائفية حتى لا يحاولوا الاقتراب من هذه المنطقة بعد أن باتوا قريبين منها إثر التقدم في بادية السويداء». وزاد أن «الرسالة بالنسبة الى روسيا أننا لن نخرج من هذه المنطقة من دون تفاهمات شاملة». وفي ما يخص طهران، قال المصدر إن «التدريبات تؤكد أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالسيطرة على طريق بغداد – دمشق لاستخدامه لنقل الأسلحة والأفراد. والرسالة الأهم أن الجيش الأميركي باق في سورية ما لم ترحل إيران، وما لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل يضمن انسحابها».
وأكد مصدر ديبلوماسي فرنسي متابع لمحادثات الرئيس ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان مع القيادات الأميركية والإيرانية، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، أن هناك تغيراً في الموقف الأميركي بالنسبة إلى سورية، إذ إن إدارة الرئيس دونالد ترامب التزمت البقاء فيها طالما لم ينته تنظيم «داعش»، وطالما بقيت القوات الإيرانية. وقال المصدر إن هذا الموقف الجديد للأميركيين «يعني أن الأزمة السورية قد تتسع الى أزمة إقليمية مع تدخل دولة كبرى ثانية (واشنطن) في سورية».
ولاحظ تطوراً طفيفاً في الموقف الإيراني والروسي في شأن المفاوضات السياسية، إذ يقولون الآن إن على رئيس النظام بشار الأسد أن يدخل في مفاوضات. وقال: «من الصعب الاقتناع بأن الدولتين اللتين انقذتا الأسد لا يمكنهما الضغط عليه للتفاوض». وأضاف ان باريس والمجموعة المصغرة حول سورية تدفع الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا لإطلاق مفاوضات اللجنة الدستورية، لكن الأخير يتردد لأنه لا يرغب في فشل آخر بعدما طالبته روسيا بالانتظار بعض الشيء. وقالت إن دي ميستورا يحتاج إلى حضور النظام على طاولة المفاوضات، لذا يأخذ وقته وينتظر القرار الروسي.
وتحدث المصدر عن تضارب بين الموقف الروسي والنظام السوري في شأن التعاطي مع ملف إدلب، إذ يرغب الأخير في تكرار سيناريوات حلب والغوطة، فيما تدرك موسكو أن الهجوم على منطقة بها عدد كبير من المدنيين، سيكون كارثياً.
الحياة