آراء

تعميق مأساة السوريين رغم مرور ثلاثة عشر عاماً على انطلاقة الثورة

هيئة التحرير
بقلم: إسماعيل رشيد

قبل ثلاثة عشر عاماً خرج الشعب السوري عن صمته بمواجهة نظام استبدادي ، حوّل سوريا إلى سجنٍ رهيب مستفيداً من ثنائية القطب العالمي أيام الحرب الباردة ، فكانت كلّ ممارسات وجرائم الأنظمة الدكتاتورية تبقى في طيّ النسيان تماشياً مع مصالح وأجندات تلك الدول على حساب حرية وكرامة الشعوب ، ومن هنا ثار الشعب السوري بكلّ مكوناته وفعالياته وبشكلٍ سلمي مطالباً بإنهاء الظلم والعنصرية والتأسيس لدولة ديمقراطية تحفظ حقوق كلّ السوريين ، وبالرغم من تعميق مأساة الشعب السوري نتيجة إطالة أمد الأزمة وظهور مجاميع مسلحة متطرفة وميليشيات خارجة عن القانون ، وطغيان خطاب الكراهية، وفقدان الثقة والأمل لدى السوريين ، و تكريس مناطق نفوذ على الجغرافيا السورية وغياب المشروع الوطني الجامع للمعارضة السورية وعدم قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته وتنفيذ قراراته الأممية ذات الصلة بالشأن السوري ، وبالرغم من كلّ هذه المحددات السلبية ، فإنّ الثورة السورية ستبقى خياراً وجدانياً ونضالياً لشعبنا طالما لم ينتهِ الظلم و الاستبداد ، وعلينا أن نكثّف من جهودنا لإجراء مراجعةٍ شاملة وتقييم المراحل والمنعطفات التي مرّت بها الثورة السورية لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لتفعيل العملية السياسية الأممية التي ستفضي إلى حل سياسي شامل للقضية السورية .

فمنذ انطلاقة الثورة السورية حسمت الحركة الوطنية الكٌردية خيارها بالانخراط في الثورة السورية السلمية ، فكان تأسيس المجلس الوطني الكُردي كحاجةٍ نضالية لتوحيد صفوف الشعب الكُردي والعمل مع المعارضة الوطنية السورية ، فكان التلاحم واللوحة الفسيفسائية التي تعبّر عن حقيقة الشعب السوري ، فكان شعار (واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ) ، وكذلك ( من قامشلو لحوران الشعب السوري ما بينهان) تتصدّر عناوين الحراك الجماهيري ، ومن هنا انتهج النظام سياسات وممارسات قمعية لتحريف الثورة عن مسارها السلمي وأهدافها النبيلة، فكان القتل والتدمير والاعتقالات وإيجاد وكلاء له لضرب المكونات ببعضها وخلط الأوراق ، وهذا أثّر سلباً على ثورة الشعب السوري على كامل الجغرافيا السورية ، ففي المناطق الكُردية أوكل النظام مؤسساته لحزب ب ي د كتفاهم لتحييد الكُرد عن المشاركة و التفاعل مع السوريين ضد نظامه وهو ليس بجديد ، بل إعادة تفعيل اتفاقاته وتفاهماته مع منظومة ب ك ك والتي تعود لعقود ، وأصبحت سلطة الوكالة ( إدارة ب ي د ) تقمع كلّ نشاطٍ للمجلس الوطني الكُردي والفعاليات الكُردية ، وفرضت نفسها بقوة السلاح والترهيب مستغلةً دورها في محاربة داعش ودعم التحالف الدولي لها ، وفرضت جملة من السياسات اللامسؤولة كالتجنيد الإجباري والتعليم المؤدلج وفرض الإتاوات وتجويع الشعب وتهجيره وحرق مقرات المجلس الوطني وخطف الأطفال والقصّر ، وإدارتهم لمناطق عدة ذات الطابع العربي كالرقة ودير الزور ومنبج، وهذا يزيد من الاحتقان والعداوة بين مكونات المنطقة وللأسف بات البعض يصنّف الكُرد من أصحاب قضية مظلومة إلى الظالم، وهذه الثقافة دخيلة على المجتمع الكُردي وحركته السياسية والذي طالما كان ولايزال حريصاً على السلم الأهلي والتعايش المشترك.

وللأسف كلّ ذلك يجري تحت أنظار التحالف الدولي وخاصةً أمريكا صاحبة النفوذ في المنطقة وعلى عاتقهم تقع مسؤولية ما يجري من انتهاكات، وما يجري في عفرين وسري كانيي وكري سبي من انتهاكات وتغيير ديمغرافي من قبل بعض الفصائل المسلحة زادت من معاناة تلك المناطق وقدّمت نموذجاً سيئاً بعيداً عن القيم والتضحيات التي خرج من أجلها السوريون، ولابدّ من تفعيل دور القضاء والمؤسسات والشرطة المدنية في مناطق خارج سيطرة النظام وإخراج المجاميع المسلحة من المدن والبلدات وإدارة المناطق من قبل سكانها الأصليين ، ويبقى الحراك الثوري السلمي لأهلنا في السويداء نموذجاً نضالياً تعيد إلى ذاكرة السوريين الأيام الأولى لانطلاقة الثورة ومعانيها وأهدافها والتي تتطلّب التفاعل والتضامن معها كعينة ناصعة في سجل الحراك الجماهيري السوري .

سنبقى أوفياء لقيم الثورة وتضحيات الشعب السوري ولن نوفّر جهداً لفضح ممارسات وسياسات مَن يسيء لتطلعات السوريين بكلّ مكوناتهم ، والعمل مع المعارضة الوطنية السورية في المحافل الدولية لإنهاء مأساة السوريين وإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية عبر تطبيق القرارات الدولية وخاصةً 2254 ، وذلك عبر دستورٍ يضمن حقوق جميع السوريين ومنهم شعبنا الكُردي على قاعدة التشاركية وبأنّ سوريا لكلّ السوريين دون تمييز أو إقصاء .

المجد والخلود لشهداء الثورة السورية، ولكلّ محبّي الحرية في العالم .

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “318”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى