تقرير لـ(هيومن رايتس ووتش) يرصد مجزرة كوباني
«كنت أسمع الرصاص والانفجارات من كل مكان حولي، وأنا محاصرة في السيارة، أنزف، من الخامسة والنصف صباحاً حتى منتصف النهار، حتى أنقذني أفراد وحدات حماية الشعب» بهذه العبارة تصف فاطمة، 33 سنة، ما حدث معها حين كانت تقود سيارتها إلى أحد مستشفيات كوباني مع زوجها في ساعة مبكرة من صباح يوم الهجوم، لتسلم جثمان والدها الذي توفي جراء مرضه في الليلة السابقة.
هذا جزء من شهادة فاطمة لـ منظمة (هيومن رايتس ووتش) التي أصدرت أمس الأثنين تقريراً حول مجزرة كوباني التي وقعت إثر هجوم لعناصر تنظيم ‹الدولة الإسلامية› بتاريخ 25 يونيو/حزيران 2015 على مدينة كوباني التي راح ضحيتها 262 مدنياً وجرح ما لا يقل عن 273.
تصف فاطمة تفاصيل ماحدث بقولها «رأينا سيارتين محملتين برجال في زي وحدات حماية الشعب. وظنناهم من مقاتلي الوحدات، فلم نعتقد أن هناك مشكلة. لكنهم صوبوا أسلحتهم إلينا وبدأوا في إطلاق النار. قتلوا زوجي وصديقه. أصيب زوجي في الرأس واكتست السيارة بدمائه».
فاطمة الحبلى في شهرها التاسع وضعت طفلها في موعد لاحق من نفس اليوم أثناء معالجتها من الطلقات النارية تقول لـ (هيومن رايتس ووتش) «كانوا يطلقون النار علينا عمداً ـ ونحن لسنا مقاتلين، بل كنا نحاول الوصول إلى المستشفى».
جاء في مقدمة التقرير الذي حمل عنوان «سوريا ـ قتل عمدي لمدنيين بأيدي داعش» أن متشددين مسلحين، يغلب الظن أنهم من أعضاء تنظيم ‹الدولة الإسلامية› المعروف أيضاً باسم ‹داعش›، تعمدوا استهداف أشخاص كانوا يعرفون أنهم مدنيون في هجوم على مدينة كوباني.
استند تقرير المنظمة على شهادات 15 مدنياً، وبينهم 8 من الجرحى ممن نجوا من المجزرة حول تداعيات الهجوم الذي نفذه عناصر من تنظيم ‹الدولة› يرتدون أزياء تشبه أزياء الجماعات التي كانت تحارب ‹داعش› في كوباني بغرض خداع المدنيين واكتساب ثقتهم و قتلهم بأسلحة تتضمن البنادق الهجومية والمدافع الرشاشة، والأسلحة البيضاء والقنابل اليدوية في بعض الحالات.
تحدث التقرير عن تفاصيل الاعتداء حينما فجر المقاتلون ثلاث سيارات مفخخة يقودها انتحاريون في محيط كوباني، ثم طافوا بالمدينة في عربات بيضاء أو على الأقدام، مطلقين النار على المدنيين أثناء فرارهم في الشوارع أو محاولة النجاة في سياراتهم. وقام بعض المعتدين بتعقب المدنيين داخل المنازل لقتل أعداد كبيرة من أفراد العائلات. كما قامت القناصة بإطلاق النيران على المدنيين من الأسطح، وإصابة المدنيين الذين حاولوا انتشال الموتى والجرحى، وأخذ عشرات من المدنيين كرهائن، وقد نشب القتال بين القوات الكردية وقوات ‹داعش› المزعومة بعد ذلك بقليل واستمر حتى استعادت القوات الكردية السيطرة على المدينة في 27 يونيو/حزيران.
وتبعاً للتقرير فإن مقاتلي ‹داعش› حاصروا مكاتب وزارة الدفاع في حكومة كوباني وهاجموا نقاط تفتيش، إلا أنهم لم يستهدفوا غير ذلك من المنشآت العسكرية في المدينة، وأن 21 من مقاتلي قوات حماية الشعب قتلوا في المدينة والأرياف المحيطة بها ، إضافة إلى 14 من أفراد قوة الشرطة الكردية. و أن جميع المعتدين قتلوا عدا سبعة فروا إلى تركيا، بدون تقديم إحصاء للخسائر.
وقد تضمن التقرير تصريح لـ ليتا تايلر، وهي باحثة أولى في مجال الإرهاب ومكافحة الإرهاب: «وصف الناجون مقتلة بأيدي داعش كان هدفها الرئيسي ترويع السكان المحليين. وتشير جميع الروايات إلى أن الاعتداء كان هجوماً مدبراً على السكان المدنيين للمنطقة».
وقالت (هيومن رايتس ووتش) في التقرير إن على اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في الجمهورية العربية السورية التحقيق والمسارعة إلى تقديم التقارير عن اعتداء كوباني. وعلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بحيث يمكن إخضاع حوادث من قبيل مذبحة 25 حزيران في كوباني، وما يرتكبه سائر الأطراف من انتهاكات في النزاع السوري، للتحقيق الكامل وتقديم المسؤولين إلى العدالة
ويسترسل التقرير بشكل مطول في سرد شهادات الشهود من أقرباء الضحايا الذين تم اجراء المقابلات معهم من قبل (هيومن رايتس ووتش) في شانلي أورفة وبلدة سوروج التركية، المواجهة لكوباني على الحدود السورية-التركية، وكذلك بالهاتف من كوباني.
روك أونلاين