تمرد جديد لسجناء داعش في الحسكة
تمرد مجدداً عناصر من تنظيم “داعش” محتجزون في سجن تشرف عليه “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، في عصيان يتكرر بسبب عدم وجود حلول لمشكلة هؤلاء المحتجزين منذ سنوات من دون محاكمات.
وذكر الناشط أبو عمر البوكمالي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أمس الخميس، أن الطيران المروحي التابع للتحالف الدولي كان يحلق منذ مساء أول من أمس الأربعاء، في أجواء سجن غويران (الصناعة) بحي غويران جنوبي مدينة الحسكة، وسط انتشار الشرطة العسكرية وقوات أمنية تابعة لـ”قسد” وقوات “الأسايش” (قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية) في محيط السجن الذي يضم سجناء من تنظيم “داعش”. وأوضح البوكمالي أن استعصاء عناصر “داعش” جاء إثر محاولة قوات “قسد”، أول من أمس الأربعاء، مدعومة بقوات التحالف، نقل نحو 40 سجيناً من جنسيات أجنبية وبينهم عراقيون من سجن غويران إلى سجن مدينة الشدادي الواقع ضمن قاعدة الشدادي جنوبي الحسكة، الخاضعة لسيطرة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وتضاربت المعلومات حول احتجاز السجناء لعناصر من “قسد” داخل السجن، وتمكنهم من الوصول إلى سطح سجن غويران شديد الحراسة والتحصين.
من جهتها، نقلت وكالة “سانا” الرسمية التابعة للنظام السوري، عن مصادر محلية قولها إن “أعمال فوضى وشغب اندلعت في سجن غويران الذي يضم آلافاً من إرهابيي تنظيم داعش وتسيطر عليه مليشيا قسد بدعم من قوات الاحتلال الأميركي في مدينة الحسكة، تبعها عصيان عام داخل السجن”. وأكدت المصادر أن مجموعة متخصصة من القوات الأميركية “دخلت سجن غويران أمس (الأربعاء) قبل فترة قصيرة من اندلاع أعمال الشغب للتفاوض مع عدد من متزعمي تنظيم داعش الإرهابي لنقلهم كما جرت العادة إلى القواعد الأميركية بريف المحافظة”، وفق الوكالة.
وفي السياق، نشر ناشطون مقاطع فيديوعلى مواقع التواصل الاجتماعي أمس الخميس، تظهر مدرعات أميركية تجول في حي الصالحية داخل مدينة الحسكة. من جهته، قلل مصدر مقرب من “الإدارة الذاتية” في حديث مع “العربي الجديد”، من أهمية ما جرى في السجن، وأشار إلى أن ما حدث “لا يرقى إلى مستوى التمرد والعصيان”، مؤكداً أن “الأمر تحت السيطرة”.
وسبق لسجناء تنظيم “داعش” أن نفذوا أكثر من تمرد في سجن غويران، ووصل عدد منهم في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، إلى باحة السجن بعد تحطيم أحد الأبواب. كما نفذ سجناء التنظيم خلال العام الماضي أكثر من عصيان كان أقواها أواخر يوليو/تموز من ذات العام، حيث قتل وأصيب عدد منهم بعد أن قامت “الأسايش” بإطلاق النار عليهم عقب مقتل عنصر منها.
ووفق مصادر مطلعة، يضم سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة، آلاف العناصر من تنظيم “داعش” من خمسين جنسية، كانوا قد استسلموا إلى “قسد” خلال الحملة العسكرية التي قامت بها بمساندة من التحالف الدولي للقضاء على “داعش”، في منطقة شرقي نهر الفرات. وكانت هذه الحملة بدأت عملياً أوائل العام 2016، وانتهت بداية عام 2019، مع استسلام المئات من المسلحين في ريف دير الزور الشرقي، حيث كانت بلدة الباغوز آخر معقل لهم في منطقة شرقي نهر الفرات. وترفض الدول التي ينتمي لها هؤلاء السجناء استلامهم، ما يسبب معضلة كبرى لقوات “قسد”، وهو ما يبقي هذا الملف من دون حلول، خصوصاً أن الأمم المتحدة ما تزال بعيدة عنه حتى اليوم، ولم تُمارس ضغوطاً كافية على الدول التي ينتمي إليها المحتجزون لاستلامهم وطيّ هذا الملف.
ووضعت مصادر مطلعة في محافظة الحسكة العصيان الجديد، في سياق “مطالب من السجناء بتحسين ظروف احتجازهم وتقديمهم لمحاكمات، وجمعهم مع عائلاتهم الموجودة في مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي”. ويشهد هذا المخيم هو الآخر أعمال شغب متكررة وعصيانا بين وقت وآخر، وجرائم تُرتكب بحق سجناء من سجناء مثلهم يبدو أنهم الأكثر تشدداً، في ظلّ عجز الإدارة المشرفة على هذا المخيم عن الحد من هذه الجرائم. وتكتفي بعض الدول باستلام الأطفال والنساء التابعين لها من مخيم “الهول”، بينما ترفض استلام عناصر يحملون جنسياتها، تفادياً لمشاكل ربما تنشأ في حال عودتهم.
في السياق، رأى المحلل السياسي السوري الكردي، رمضان محمد، في حديث مع “العربي الجديد”، أن حكومات الدول التي ينتسب إليها سجناء التنظيم الموجودون لدى “قسد” وخصوصاً الغربية “توفر على نفسها مشقة الاهتمام الأمني والاقتصادي بهؤلاء العناصر”، مضيفاً: “تدرك هذه الدول أن استلام هؤلاء مكلف لها”. وأشار إلى أن “قسد تحاول تسليط الضوء على وجودهم من حين لآخر، وتطالب بإجراء محاكمات لهم في منطقة نفوذها في الشمال الشرقي من سورية”.
العربي الجديد