
حلب وعفرين بين نار الفصائل وأزمات الحياة اليوميّة
تشهد أحياء الشيخ مقصود والأشرفيّة في مدينة حلب تصعيداً خطيراً في التوترات الأمنيّة، مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين الفصائل المنضوية تحت سلطة دمشق ومسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، ما أدّى إلى محاصرة المنافذ الرئيسيّة للحيين بشكل وحشي.
هذه الاشتباكات أدّت إلى قطع جميع الاحتياجات اليوميّة من مواد غذائيّة وأساسيّة، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء والمياه وعرقلة كافة الطرق، مما تسبّب بحالةٍ من الذعر والخوف بين السكان. هذا الواقع دفع آلاف العائلات الكُرديّة للنزوح إلى مدينة عفرين وقراها المجاورة، هرباً من العنف والفوضى.
في ظل هذه الأوضاع، يواجه الأهالي في عفرين معاناة جديدة مرتبطة بموسم قطاف الزيتون. فقد بدأ السكان بمراجعة المكاتب الاقتصاديّة التابعة للأمن العام، وتحت إشراف الفصائل المسلحة، التي فرضت عراقيل بهدف عرقلة الأهالي بحجة تنظيم الوكالات الزراعيّة وتحديد نسب القطاف، مع فرض شروط تعجيزيّة على المغتربين، حيث يُطالبون بدفع 50% من محصول الزيتون كوديعة حتى يتمّ استيفاء الوثائق المطلوبة.
ويزداد الوضع تعقيداً لأنّ معظم حقول الزيتون موروثة وغير مسجلة بأسماء الورثة نتيجة الانقطاع عن الأراضي، وصعوبة إتمام معاملات تسجيل الأملاك بسبب مبررات أمنيّة قديمة، لا سيما أنّ عفرين تعتبر منطقة حدوديّة، مما يعقّد من الحصول على التراخيص الأمنيّة لنقل الملكيّة.
إضافة إلى ذلك، تنتشر حالات السرقة والتشليح تحت أنظار الأمن العام، حيث يتورّط بعض عناصر الفصائل المسلحة في أعمال النهب، كما لا تزال ظاهرة حمل السلاح بيد عناصر من تلك الفصائل الذين لم يلتحقوا بالأمن العام، ما يزيد من معاناة الأهالي في القرى النائية.
وفيما يخصّ دور السكن والمحلات التجاريّة، يتمّ تسليمها لأصحابها بشكل تدريجي بعد دفع مبالغ ماليّة، في ظل ظروف صعبة تجبر السكان على القبول بهذه الترتيبات لضمان عدم تدمير منازلهم.
هذه الأزمات المتشابكة بين الحصار الأمني في حلب والتعقيدات الإداريّة والأمنيّة في عفرين تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الكُرد في شمال سوريا وسط صراعات الفصائل وتدخلات السلطات المتعددة، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه المناطق وأمن سكانها.






