حينما تشمخ الشهادة بها.. الشهيدة ليلى قاسم مثالاً
ليلى قمر – ديريك
في العودة إلى سريالية النضال الكُردي على مستوى كُردستان والدور الحيوي للنساء سواءً في الأعمال العسكرية وتوابعها ، سوف نلحظ وفي كلّ ملحمةٍ منها وجود ومشاركة فعّالة فيها وفق ظروف وشكل تلك المشاركات ، ومع تحولات الظروف السياسية وزيادة الهيمنة على كٌردستان وشعبها برز أيضاً الدور العملي للنساء الكُرديات ، هذا الدور الذي تنوّع بتنوّع المساهمات المطلوبة من جهة ، إلى طبيعة وتوازنات الثورات وأشكال الصراع العسكري هنا ، وعليه فقد برزت أسماء وشخصيات دوّنت أسماءهنّ في سجل الخالدين ودخلن قوائم الشرف بذاكرة الشعب الكٌردي ، وفي هذا الإيجاز سأستعرض لمقتطفات من سيرة ونضال فتاة تشرّفت وسأفتخر ومع كلّ التقدير لوالديّ أن وهباني اسمها وقلّدوني الشرف لأستذكر على مدار السنين قصتها والأمثولة التي أفتخر ، ومثلي الكثيرات حتى بات الاسم يفصح وببساطة عن مدلوله التقديري والتشريفي لهذه الشهيدة القديرة ، هذا التقدير الذي ما ابتدأ من لحظة اعتقالها وحتى شهادتها ، وسأوجز بالجبر من مشاعري وكبتاً لها لنوجز بعضاً من أهم محطاتها النضالية .. فمن هي الشهيدة ليلى قاسم حسن وكيف حاكت بجدائلها قصة شهادتها ؟
وخلدت في ذاكرة ووجدان شعبها ، هذه الشهيدة البطلة التي ستذكرها كتب التاريخ والتربية القومية كشهيدةٍ كافحت واستبسلت ، ومن ثم كلبوةٍ قاومت وحشية جلاديها وأعدمت وهي تبتسم .. هذه الفتاة التي مارست كُرديتها وأصرّت أن تشنق بزيها القومي كرسالةٍ ستخلد في الذاكرة الجمعية الكُردية ، وصفحة نضالية ناصعة لها .
وفي العودة إلى الشهيدة ليلى قاسم حيث تقول قصة حياتها ، بأنها ولدت في ٢٧/ ١٢ / ١٩٥٢م ، في واحدة من قرى ريف مدينة خانقين بكُردستان العراق ، وفي أسرة ارضعت أبناءها مع حليب الأمهات حبّ كُردستان وشعبها ، وكان والداها منفتحين على تعليم أولادهم ومنهم ليلى التي أكملت المرحلة الثانوية وانتسبت إلى جامعة بغداد حيث كان والدها قد انتقل وظيفياً إليها ، انضمّت إلى صفوف الحزب الديمقراطي الكُردستاني ، وانخرطت في صفوفها تناضل لنصرة قضية شعبها وبشكلٍ منظّم ، كما انتسبت إلى اتحاد طلبة كُردستان ، وفي هذه المرحلة بات همها الأساس نصرة القضية الكُردية ، و لقوة إيمانها بقضيتها وكذلك دورها النشط في النضال السياسي السري ، وما برعت فيه أثناء ثورة أيلول بقيادة الزعيم الخالد مصطفى البارزاني . ومع عودة الثورة الكُردستانية الى الكفاح المسلح ،بعد تراجع نظام بغداد عن وعوده ، ورفض الثورة الكُردستانية لذلك ، صعّد النظام من وتيرة حربه ضد الشعب الكُردي ، ونظّم حملات اعتقال منظمة ضد النشطاء لابل كلّ مَن تجرّأ وشهر حتى بكُرديته ، ولتقع الشهيدة ليلى قاسم مع خطيبها وبعضٌ من رفاقها في قبضة جلاوزة أجهزة نظام بغداد الدموي ، وذلك في يوم ٢٩ / ٤ / ١٩٧٤ وساقوهم الى أقبية الفروع الأمنية المرعبة للنظام في بغداد ، حيث بدأ مسلسل التعذيب النفسي و الجسدي بحقهم ، ولم يبقَ صنفٌ إلا ومورس عليهم ، وقد فقدت المناضلة واحدة من عينيها ، وجسمها بالكامل غطي بآثار التعذيب الهمجي ، ومما قيل وسرّب بعد ذلك ، وما كشف النقاب أو استطاعت الجهات المعنية الكُردستانية من الوصول إليها بعد إسقاط نظام الطاغية ، على أنّ جلاوزة النظام الوحشي بعد كلّ الفظاعات التي مورست بحقها فقد قرّر وبمحكمة قراقوشية الحكم بإعدامها شنقاً حتى الموت ، وبالفعل نفذ الحكم في يوم ١٩٧٥/٥/١٢م ، وتمّ دفن جثتها الطاهرة في مدينة النجف بعيداً عن كُردستان ، وهنا علينا أن نستذكر وصية الشهيدة ليلى وطلبها من أمها و أختها في واحدة من زياراتهما لها في السجن بإحضار أحد فساتينها الجميلة لها ، قائلة : سأكون عروسة في الأيام القادمة ، وبالفعل فقد أعدمت وهي مرتدية ذلك اللباس الكُردي الجميل ، وهي في ال ٢٢ من عمرها . لقد استشهدت المناضلة ليلى ورغم فظاعة التعذيب ووحشيتها إلا أنها صمدت وقاومت وتحمّلت أبشع أنواع التعذيب وفظاعاته، وفعلاً أعطت دروساً في الثبات والصمود وتحمّل صنوف التعذيب وبوحشية ومن ثم الثبات في حفظ العهد بعدم الانهيار ومن ثم التصريح لجلاديها عن أي أمر أو معلومات قد تضرّ برفاقها ، هذه الجرأة وبعمقها البطولي واجهت بها حبل المشنقة ولتلفظ أنفاسها شامخة الرأس وقنوعة بشهادتها من أجل قضية شعبها ووطنها ، وبروحية التضحية والجرأة ومواجهة الموت أثبتت الشهيدة كم هي مؤمنة بقضية كُردستان وشعبها ، هذه الروحية التي خلقت منها في ضمير الشعب الكُردي أيقونة نضال المرأة الكُردية المعاصرة ، وراية ناصعة ستبقى ترفرف في فضاءات النضال القومي الكُردستاني ،، وسيبقى شعبنا وفياً لأمثال هؤلاء الرائدات في محفل التضحية من أجل الشعب والوطن.
…….
ملاحظة : تمّ الاستعانة بعدد من المقالات وأيضاً التعريفات من غوغل وويكيبيديا، وعليه اقتضى التنويه.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “315“