آراء

خرافة شعار “الأخوة العربية – الكوردية” سياسياً

زارا صالح
 
كان الكورد في سوريا اول المبادرين لرفع هذا الشعار إيمانا منهم بان ذلك سوف يقيهم عن تهمة الانفصال التي لازمت الانظمة ونخبها وحتى الرأي الجمعي الشعبي الذي ورثه من سياسة أنظمتها الناصرية والبعثية والشيوعية اليسارية لان هذه التهمة أصبحت نهجا تعمل به محاكم النظام فكانت ديباجة الكوردي لديهم معنونة ب (الانفصال واقتطاع جزء من الاراضي السورية)، ثم السبب الاخر الذي حاول الكورد عبره تأكيد انتمائهم السوري وطنا وفق شراكة وطنية تبعد عنهم أيضاً تهمة ( المتسللين والقادمين من الشمال والشرق) فكانت النتيجة إلغاء الهوية وسحبها احصاءا جائرا.
بالعودة الى هذا الشعار الذي لم بأخذ حتى بعده الإنساني ولم يكن ذو قيمة بل ظل هاجسا لأنظمة القمع البعثية والعنصرية وهم في الأساس اصحاب (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ، ولايعترفون سوى بالوجود العربي الذي حول عبر مشاريع القومجيين والبعثيين الى مشاريع الانصهار في بوتقة العروبة وليس فقط رفضوا الشعار ، بل نفذوا شتى المراسيم والمشاريع العنصرية لمحو الوجود القومي الكوردي (الإجراءات عديدة تعريبا وهي معروفة للجميع) .
اي بمعنى السياسة والموقف الرسمي للأنظمة المتعاقبة تجاه الكورد وترجمة شعار ( الأخوة العربية- الكوردية) كان الإنكار والإقصاء والعمل على إلغاء الهوية والوجود (بلاد العرب اوطاني) ومع الأسف فان مختلف الاحزاب والنخب السياسية والثقافية السورية لم تختلف موقفها عن موقف النظام (باستثناء مواقف البعض من الشخصيات) قبل الثورة السورية وبعدها خاصة من قبل شتى انواع المعارضات الاستنساخية البعثية .
الخلل في العلاقة العربية- الكوردية بكل تأكيد يعود الى تلك الرؤية السياسية التي ذرعها الفكر العروبي الناصري والبعثي من بعده وأصبح إرثا لدى جميع النخب والذي يشكل خللا بنيويا في العقلية السلطوية العربية في قبول الاخر المختلف والتعامل وفق ثقافة التملك والمنية وعقلية (نحن خير أمة …) وعلى الجميع الانصهار ضمننا هذا عدا انه لم يكن هناك عقد اجتماعي او سياسي ودستوري يؤسس عليه الوطن الذي لم يكن موجودا منذ الاستقلال .
الى تاريخ اليوم لايستطيع هذا العقل قبول شريك اخر بمعناه الإنساني فكيف تتوقعون الامر بمفهومه السياسي الذي يعني الإقرار بالحقوق القومية والشراكة بين شعبين مختلفين الذي يحتاج الى دستور وعقد اجتماعي جديد تبني عليه الدولة الاتحادية المستقبلية . لهذا لا عجبا من مواقف تصدر بين فترة وأخرى من شخصيات سورية معارضة (اخرها تصريحات غليون) لانها نابعة من هكذا رؤية بعثية رسمية مشوبة بشوفينية العقل الباطني المتشرب بثقافة (خير أمة وغيرها) ، رغم مرور اربع سنوات من علاقة الدم التي أصبحت جسرا بين مكونات سوريا الا انه الجهل المقصود ما يزال عنوانا للمعارضة التي تعيد انتاج سلطة وثقافة النظام نفسه باسم الثورة ومع كل تطالب بالتغيير وهي بحد ذاتها صورة مستنسخة عنها لهكذا رؤية وتتقاطع مع داعش وملحقاتها الظلامية التكفيرية ولا تفرق بينها وبين الثوار الحقيقيين، فهي من جهة تدين داعش وتقول انها جزء من النظام ومن جهة اخرى تدافع عن داعش وتصفها بالثوار عندما يتعلق الامر بالكورد..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى