آراء

دراسة وصفية تطورية لأعمال الفنّان فرات ولي

إدريس شيخة

أغنية جديدة بعنوان (نسرين) للفنان المحبوب  فرات ولي (من ألحانه) وكلمات الشاعر:هوار أبو ألند

توزيع وتسجيل: شيار غمكين
تصوير ومونتاج الفنان: برا دوست
عزف الآلات الوترية: أحمد موسى
الأغنيه تتميّز عن غيرها بخروج الفنّان عن المألوف في الأغنية الكُردية وإضفاء روحٍ ونمطٍ جديد على مقاطع الأغنيه من حيث التناغم واللحن والإيقاع والنغمة والجرس الموسيقي لذلك تعيّن عليه ترتيب عناصر الموسيقى في نسقٍ له دلالةٌ، وتلك العناصر تشمل سلسلة متصلة كاملة من الاحتمالات المتعلقة بمدى تحديد المؤدّي للشكل النهائي للعمل المقدم في الأداء حيث قام الفنان بكتابة جميع الألحان والأوتار وخطوط الباص في تدوينٍ موسيقى جميل ومختلف ، فقد كان  لديه درجة من الحرية لإضافة تفسير فني للعمل، بوسائل مثل تغييره للنمط الكلاسيكي المقيد بشريطٍ واحد من الميزور الموسيقي و التعبير و الصياغة، واختيار كَمٍّْ من الوقت لجعل فيرماتاس ( وحدة قياس الترددات في الفيديو ) تتأرجح كالنسيم الهادئ البارد في ليالي الصيف الحارة وتتوقّف فجأةً لينعم الجسد والروح بليلةٍ منعشة ، و في حالة الآلات الوترية انحنى بها قليلاً مشكّلاً نمطاً تستسيغ بها النفس عند الإسقاط عليها مطوّعاً آلات النفخ أو الأدوات النحاسية بكلّ أنواعها، إذ أنّ الملحّن أو الموسيقار الذي يفكّر ويكتب الموسيقى التي تحتوي على نظام إيقاعي معين يتوقّع وجود مترجم لهذا الإيقاع إما مغني أو آلاتي الذين بدورهم يقومون بالأداء لاحقاً،

عمل الفنان في التدوين الموسيقي كمجموعة من الاتجاهات في أداء الأغنية مستخدماً تأثيرات معبرة مثل الاهتزاز أو التنغيم، فإنّ عملية تقرير كيفية أداء الموسيقى التي تمّ تأليفها وتسجيلها  تسمّى “تفسير”. يمكن أن تختلف تفسيرات المؤدّين المختلفة لنفس العمل الموسيقي بشكلٍ كبير، من حيث الإيقاع المختار وأسلوب العزف أو الغناء أو صياغة الألحان.

الملحّنون ومؤلّفو الأغاني الذين يقدّمون موسيقاهم الخاصة، يقومون بالترجمة الفورية، تماماً مثل أولئك الذين يعزفون موسيقى الآخرين. يُشار إلى المجموعة القياسية من الاختيارات والتقنيات الموجودة في وقت معين ومكان معين باسم ممارسة الأداء، بينما يستخدم التفسير عموماً ليعني الخيارات الفردية للفنان فرات فقد غنّى أغنيته بكلّ سلاسةٍ، ففي تكنيك سرد الأغنية بدا الملحّن وبشكلٍ أكاديمي من قرار المقام الذي غنّى عليه الأغنية فعزفت بتكنيك عالي وبدأ بشكل حليات موسيقية راكزة بين الجمل المكررة، لكنّ التكرار لم يكن مكرراً بنفس التفسير الموسيقي بل حاول التغيير  تجنباً لإحداث الملل عند المستمع ونجح في ذلك عندما ينتظر المستمع الجملة التالية لأنه يتوقّع أن لا تكون نسخة طبق الأصل من المقطع الأول، لأنّ الأغنية تجمّلها الزخارف من خلال الطرق على الأوتار بطريقة الرش واستعراض الحليات بشكل مطابق لصوت الفنان من خلال المفاتيح الطربية والسحب في زند الآلات بواسطة مدّ الأصابع، أبدع الفنّان في أن يضفي من روحه وعميق إحساسه ليتسنّى له زخرفة أغنيته ببعضٍ من الزخارف الموسيقية التي تجعل من أغنيته أكثر تميزاً وأسهل تعبيراً وأنعم حفظاً على العقل واللسان مما يدلّ على أنّ فرات يمتلك قدراً من الثقافة الموسيقية، فتتنوّع طبيعة ووسائل الاختلاف الفردي للموسيقى، تعتمد على الثقافة الموسيقية في البلد والفترة الزمنية التي كُتبت فيها…. فالأغنية كالبصمة، من المستحيل تطابق النوتة الموسيقية لأغنيةٍ معينة حين أدائها من قبل فنّانين، فلكلّ فنانٍ بصمته الخاصة على سبيل المثال، غالباً ما كانت الموسيقى التي تمّ تأليفها في عصر الباروك، لا سيما في الإيقاع البطيء، تُكتب في مخطط عاري، مع توقع أن يضيف المؤدّي زخارف مرتجلة إلى خط اللحن أثناء الأداء. تضاءلت هذه الحرية عموماً في العصور اللاحقة، مما ارتبط بالاستخدام المتزايد من قبل الملحّنين لتسجيل أكثر تفصيلاً في شكل ديناميكيات مفصلة، وما إلى ذلك ؛ يصبح الملحّنون أكثر وضوحاً بشكلٍ موحد في كيفية رغبتهم في تفسير موسيقاهم، على الرغم من أنّ مدى دقة و إملاء هذه الموسيقى يختلف عند الفنّان فرات . بسبب هذا الاتجاه من الملحّن الذي أصبح أكثر تحديداً وتفصيلاً، فتطوّرت ثقافته في النهاية حيث أصبح الإخلاص للنية الكتابية للمؤلف ذا قيمة عالية و من شبه المؤكد أنّ هذه الثقافة الموسيقية مرتبطة بالتقدير العالي الذي غالباً ما يحظى فيه الملحّنون الروّاد من قبل المتلقّين.

هذا الفنان الراقي الذي ترعرع بين أحضان أوراق التوت البري (طوريشك) في قرية جوهريا من ريف عامودا البطلة في بيت مناضل، فقد سقاهم والدهم ماء الوطنية منذ نعومة أظفارهم وكتب على جبينهم Kurdistana jiyane ، ولد الفنّان فرات سنة 1974وكان منذ صغره يعشق الموسيقى وآلة التنبور تحديداً، فكان يصنعها على يديه هو وأخوه جوان، فتعلّم العزف وهو صغير ، كان يغنّي في البدايه لفنانين كبار آنذاك ، ثم بدأ يستقلّ بنفسه ويشكّل شخصيته الخاصة، وبالفعل نجح في ذلك وكانت بداية انطلاقه من خلال ألبوم مشترك مع جوان ولي بعنوان (xatûna gula )سنة 1996 في تلك الفترة قام مع مجموعة من رفاقه بتأسيس فرقة خوناڤ في عامودا وكان المسؤول الأمني للفرقة مما تسبّب ذلك في تعرضه للاعتقال والمساءلة لأكثر من مرة ،في عام 1997 أصدر ألبومه الثاني بعنوان (Rêwiyo )وكان تصميم الغلاف من احدى لوحات الفنان (سونداي تتر) الذي كان يصنع آلة التنبور من أعواد المثلجات ويعزف عليها. عام 2004 تعرّض للاعتقال إثر انتفاضة آذار وتمّ استجوابه لأكثر من مرة، أصدر الألبوم الثالث سنة 2006 باسم (Qamişlo)مع فرقة خوناڤ.

شارك كناشط في ثورة الحرية والكرامة، وفي عام 2013 تمّ اعتقاله مع الكثير من رفاقه في مكتب حزب يكيتي في عامودا إثر مجزرة عامودا، والتي تمّت على يد سلطة الأمر الواقع لحزب (پ ي د) ونتيجة المضايقات والاعتقالات التي تعرّض لها مع عائلته اضطرّ لمغادرة الوطن عام 2014 إلى ألمانيا، حيث ألّف العديد من الأغاني الجديدة وكانت آخر أغنية له نسرين ،التي تناولتُ تحليلها في هذا العدد.
أهم أعمال الفنّان فرات هي : (ji ku hatîye gulamin)
( Limin kombûne derdê Jîn)( Yezdan min kirye destar)كلمات وألحان جوان ولي:
أغنية.  Stêrê.  من كلمات  عمران عامودي
أغنية  şêrîn were  . من كلمات  بروسك موسى نجل المرحوم سعيد أبو رياض
أغنية Nisrîn  من كلمات هوار بافي الند
أغنية Qamişlo من كلمات كادار جوهري
وشعر المقدمة بيشروج جوهري.

لقد استطاع الفنّان فرات إغناء المكتبة الموسيقية الكرديه بموسيقاه المتنوعه ذات الطابع المتغيّر من أغنية إلى أخرى متحكماً فيها من خلال ثقافته وإحساسه المرهف خلال فترةٍ زمنية قصيرة هي نتاج فكره الصافي، ليثبت أنّ الفنان يولد بالفطرة ليكون فنّاناً.

فقط الكُردي يلزمه المنتج ليترجم إبداعه إلى واقعٍ ملموسٍ، وبما أننا لا نملك وطناً على الأرض فالمؤسسات الإنتاجية غير موجودة وينتهي إبداع معظم فنّانينا أمام صخرة الواقع المرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى