رهانات “أردوغان” الخاسرة في العراق وسوريا
يكيتي ميديا- Yekiti Media
لم يزل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يعيش أوهام الإمبراطورية العثمانية، ويريد أن يجدد أمجاد هذه الإمبراطورية فى «عثمانية جديدة» على أرض المنطقة وعلى الأخص فى العراق وسوريا، فهو يريد الموصل، وسبق أن أرسل قواته إلى شمال العراق تحت ذريعة الاستعداد لتحرير الموصل من تنظيم «داعش» الإرهابى على إثر تعرض أطماعه فى شمال سوريا بعد تدهور علاقاته مع روسيا عقب إسقاط الجيش التركى لإحدى المقاتلات الروسية من طراز «سوخوى- 24» على الحدود التركية – السورية، عندها أعلنت روسيا منع تحليق أى طيران تركى داخل الحدود السورية.
دائمًا كان الأكراد هم ورقة تركيا للتغطية على الأطماع التركية فى الأراضى العربية، ويبدو أن التطورات الجديدة فى العلاقات التركية – الروسية، وتحسن هذه العلاقات على ضوء تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، جددت أطماع أردوغان فى شمال سوريا، ومن هنا جاءت عملية «درع الفرات التركية» فى شمال سوريا لتجدد أطماع تركيا فى الشمال السورى، خاصة فى محافظة حلب.
البداية كانت فى العراق قبل أن تتوجه القوات التركية وتتوغل فى شمال سوريا، فالزيارة التى قام بها مسعود برزانى رئيس إقليم كردستان العراق لتركيا مؤخرًا جاءت ضمن تطورات مهمة فى العراق، أبرزها ارتباك إدارة الحكم والسياسة فى بغداد بين فرقاء الحكم، ودخول حيدر عبادى وبالذات عدد من أهم الوزراء، خاصة وزيرى المالية والدفاع، ردًا على دخول الحكومة فى مواجهة مع رئيس البرلمان والتصويت لإقالته.
هذه الأزمة بين أركان الحكم فى العراق تزامنت مع أزمة أخرى مع حكومة كردستان حول تحرير الموصل، وإصرار قوات البشمركة الكردية العراقية على المشاركة فى تحرير الموصل وإعلان أن «الأرض لمن يحررها» أى أن أى أرض تحررها البشمركة من الموصل ستكون ضمن أراضى كردستان العراق، وبعدها ترددت أنباء عن اعتزام قادة إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء شعبى فى الإقليم بخصوص تقرير حق تقرير المصير للشعب الكردى توطئة لإعلان الاستقلال وقيام دولة كردستان العراق.
هنا كانت الورقة الأهم لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان ليتدخل لمد النفوذ فى شمال العراق على أساس أن تركيا ستكون فى حالة استقلال إقليم كردستان هى النافذة الأهم لهذه الدويلة الجديدة فى ظل عداء إيرانى مستحكم، خوفًا من إقدام أكراد إيران على تشكيل دويلة كردية مماثلة فى شمال غرب إيران، فى وقت يتفاقم فيه التوتر أيضًا بين طهران وأربيل (عاصمة كردستان العراق) بسبب التصرفات العدائية لكردستان العراق تجاه بغداد، خصوصًا فيما يتعلق بإصرار أربيل على الدفع بالبشمركة فى تحرير الموصل بدافع من أطماع كردية فى محافظة الموصل. ولذلك كان لا بد من التباحث التركى مع برزانى تحسبًا للإقدام الكردى على هذه الخطوة.
زيارة البارزاني المربكة لأنقرة
من هنا، أربكت زيارة مسعود برزانى رئيس إقليم كردستان العراق لأنقرة، كل الحسابات بخصوص الموقف التركى الراهن من أكراد سوريا، وحقيقة الحرب التى يخوضها الجيش التركى فى شمال سوريا ضد ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى سوريا (قوات حماية الشعب)، التى اعتبرها بن على يلدريم، رئيس الحكومة التركية، فى تصريح له عقب لقائه المغلق مع برزانى بعد لقاء الأخير مع الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، «امتدادًا لمنظمة حزب العمال الكردستانى، وأن تركيا تنظر إليهما كتنظيمين إرهابيين»، فى الوقت الذى تعد فيه حكومة برزانى لاستفتاء شعبى فى إقليم كردستان العراق حول تقرير مصير كردستان.
وإذا أخذنا فى الاعتبار أن الرئيس التركى أردوغان هو الذى وجه الدعوة إلى برزانى، فإن هذا الارتباك يزداد حدة، إذ كيف يقاتل أردوغان أكراد سوريا لمنعهم من فرض فيدرالية تخصهم فى الشمال السورى، على أساس أن ظهور مثل هذه الفيدرالية يمكن أن يمهد الطريق إلى تحويل هذه الفيدرالية إلى كيان كردى مستقل عن الدولة السورية، وأن مثل هذا الأمر يعد خطرًا وجوديًا لأمن واستقرار الدولة التركية، فى الوقت الذى يدعو فيه برزانى لزيارة تركيا، وهو يدرك أن برزانى يعد لانفصال كردستان العراق عن الدولة العراقية، وتأسيس دولة خاصة للأكراد فى شمال العراق، لن يقل خطر قيامها الذى بات شبه مؤكد، عن خطر قيام فيدرالية كردية فى شمال سوريا ما زالت محتملة.
فقد أوضح برزانى فى ختام زيارته لأنقرة أن هذه الزيارة جاءت بناء على دعوة من الرئيس التركى فى هذا الوقت الحساس لجميع الأطراف، واعتبر أن الزيارة مثلت «فرصة لبحث جميع الموضوعات خلال اللقاء مع الرئيس أردوغان، ورئيس حكومته بن على يلدريم»، مشيرًا إلى أن «المباحثات شملت العلاقات الثنائية فى المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وسبل تعزيزها. كما شملت العلاقات بين كردستان وبغداد». الأمر واضح إذًا، أردوغان هو الذى دعا برزانى ليبحث معه العلاقات الثنائية الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تركيا وكردستان العراق، فى الوقت الذى يعد فيه إقليم كردستان العراق ورئيسه وحكومته للاستقلال عن العراق، كما أن المباحثات شملت بحث العلاقات بين أربيل وبغداد، أى أن الرئيس التركى تعرض للبحث فى العلاقات الراهنة وآلية العلاقات المستقبلية بين دولة العراق، والدولة الكردية الجديدة وعاصمتها أربيل.
كيف يستقيم هذا كله مع الحرب الضروس التى يخوضها الجيش التركى لمنع أى احتمال لتأسيس كيان كردى شبه مستقل فى شمال سوريا؟ هل لتركيا أهداف أخرى من هذه الحرب تتجاوز هدف منع كيان كردى سورى فى شمال سوريا؟ إذا أخذنا فى الاعتبار أن مثل هذا الكيان المحتمل لا يمكن أن يكون أكثر خطورة عن الأمن والاستقرار فى تركيا من قيام دولة لأكراد العراق على الحدود الجنوبية من الأراضى التركية، وبالذات المنطقة الأكثر كثافة فى سكانها الأكراد الأتراك، وبالذات مدينة ديار بكر، مع وجود معسكرات لحزب العمال الكردستانى التركى المعارض فى جبال قندوز فى شمال كردستان العراق.
■ هل يمكن أن يكون قبول أردوغان بقيام الدولة الكردية فى شمال العراق مرتبطًا بتفاهمات كردية – تركية تخص محافظة الموصل المحتلة من تنظيم «داعش» الإرهابي؟
– السؤال مهم فى ضوء توضيحات صدرت على لسان قيادى فى الحزب الديمقراطى الكردستانى الذى يترأسه برزانى بخصوص الوفد السياسى رفيع المستوى من إقليم كردستان العراق الذى سيتوجه إلى بغداد للبحث فى مسألة الاستفتاء على تقرير مصير كردستان، ومسألة الموصل، والعلاقات الاقتصادية بين الإقليم وبغداد. فحسب هذا القيادى فى توضيحه لأسباب إصرار حكومة كردستان العراق على بلورة اتفاق مسبق مع حكومة بغداد، مثل تحرير الموصل من ميليشيات تنظيم «داعش»، بأن «الموصل ليست كأى مدينة عراقية أخرى. هذه المدينة تحتضن مكونات قومية ودينية مختلفة.. وجغرافيتها كبيرة. نحن أمام سيناريوهين هما: هل نعود إلى سيناريو ما قبل «داعش» فى هذه المدينة الذى اتضح أنه كان سيناريو خاطئًا، أو نفكر فى صياغة مختلفة لإدارتها، بحيث نعطى الضمانة لمكوناتها الدينية والقومية المختلفة».
■ هل يسلم برزانى أكراد سوريا لأردوغان؟
– تصريح المسئول الكردى بخصوص الاتفاق المسبق الضرورى حول مستقبل الموصل مع حكومة بغداد قبل تحريرها يكشف أن قيادة كردستان العراق تلعب على ورقة التعددية العرقية والدينية فى الموصل، وتريد أن تفرض حقوقًا للأكراد فى الموصل، إن لم يكن تقسيم الموصل، فضمانات مسبقة للأكراد وغيرهم، داخل الموصل بعد تحريرها، وهنا يلامس الأكراد أحلامًا تركية فى الموصل.
هل لهذا السبب استدعى أردوغان «مسعود برزانى للبحث فى مستقبل الموصل، وحقوق تركيا فى الموصل»، من منطلق دعم المكون الكردى فى الموصل، أم أن الأمر يمتد إلى دعم تركى لقيام الدولة الكردية فى شمال العراق؟ وهنا يجب أن يكون الثمن واضحًا، وهو ماذا سيقدم برزانى، أو بالأحرى، ماذا قدم من ثمن لأردوغان فى مقابل الحصول على دعمه لقيام دويلة كردستان العراق؟
هل تعهد برزانى بدعم الموقف التركى فى حربه ضد أكراد سوريا، وعدم دعم أى فرصة لأكراد سوريا للحصول على حقوق قومية مشابهة لما سيحصل عليه أكراد العراق؟
ربما يكون هذا كله، لكن أيضًا المؤكد أن أردوغان كان يريد أن يحصل على ضمانات بقطع أى صلة لكردستان العراق مع تنظيم حزب العمال الكردستانى التركى المعارض، ولذلك جاءت الخطوة الاستباقية التركية بغزو شمال سوريا تحت ذريعة التصدى لقوات «الحماية الكردية» التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى شمال سوريا.
فعملية «درع الفرات» التركية التى بدأت يوم ٢٠ أغسطس الماضى باقتحام دبابات الجيش الثالث التركى الحدود مع سوريا متجهة نحو مدينة جرابلس الاستراتيجية فى الوقت الذى كان يتواجد فيه جون بايدن، نائب الرئيس الأمريكى، فى أنقرة لتقديم اعتذارات أمريكية لتركيا حول حيثيات الانقلاب العسكرى الفاشل، وتقديم توضيحات تتعلق بصعوبة الاستجابة الفورية الأمريكية للمطالب التركية بتسليم المعارض التركى، فتح الله كولن، لأنقرة – تعيد الاعتبار مجددًا لأسئلة كثيرة تتعلق بالرفض التركى للمطلب الأمريكى الداعى إلى دخول تركيا كشريك فعّال للتحالف الدولى ضد تنظيم «داعش» وأسباب هذا الرفض حينذاك، وتجدد التساؤل حول أسباب كل هذا الحماس التركى للعودة إلى خيار «التدخل العسكرى النشط» فى سوريا.
استخدام اللاجئين كستار
كان المطلب التركى فى البداية هو فرض منطقة حظر طيران فى شمال سوريا، والهدف الظاهرى هو حماية اللاجئين من المدنيين السوريين من ضربات الجيش السورى، لكن الهدف الحقيقى كان هو تأمين خطوط انتقال المتطوعين للقتال فى سوريا، سواء للانضمام إلى «داعش» أو إلى فصائل المعارضة السورية الأخرى، وتأمين دخول الإمدادات العسكرية من الأطراف الداعمة للمعارضة السورية عبر بوابات الحدود التركية مع سوريا.
ثم تطور الهدف أو المطلب التركى إلى فرض «منطقة آمنة» فى شمال سوريا، أى فرض منطقة نفوذ تركى فى شمال سوريا.
لم يحظ أى من المطلبين التركيين بقبول أمريكى، لذلك لعبت تركيا بورقة التفاعل مع «داعش» التى نجحت فيها بامتياز أجبر الأمريكيين على تقديم تنازلات لتركيا مقابل الحصول على موافقة أنقرة باستخدام قاعدة «إنجيرليك» التركية فى الحرب ضد التنظيم الإرهابى.
هذان المطلبان التركيان حفزا النظام السورى على إعطاء دور أخضر لـ«حزب الاتحاد الديمقراطى» الكردى السورى للانخراط فى الحرب ضد ميليشيات «داعش» التى احتلت أراضى تقطنها أغلبية كردية.
وقتها كان يمكن القول أن تحالفًا ما تأسس بين النظام السورى وصالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، لخوض حرب مشتركة ضد «داعش»، وقامت الميليشيات التابعة لهذا الحزب، التى أخذت اسم «وحدات الحماية» وكان المقصود هو حماية المدن والقرى التى تسكنها أغلبية كردية من تنظيم «داعش»، بالدور البارز فى قتال «داعش» مدعومة من النظام السورى وقتها ومن أطراف أخرى.
كان لهذا التحالف هدفان من جانب النظام السوري، أولهما، توظيف ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطى فى القتال ضد «داعش» فى شمال سوريا كى يتفرغ النظام وجيشه وحلفائه للقتال فى الجبهة الجنوبية، خاصة فى درعا وحول العاصمة، حيث كان الخطر شديدًا فى هاتين المنطقتين، أما الهدف الثانى فكان توظيف هذا الدور الذى تقوم به «وحدات الحماية» الكردية كورقة ضغط واستفزاز ضد تركيا التى كانت تقدم كل أنواع الدعم لفصائل المعارضة.
أما صالح مسلم وحزبه فكان هدفهما هو استغلال ظروف غياب الجيش السورى فى الشمال للتمدد وفرض أمر واقع كردى ونفوذ قوى للحزب وميليشياته تمهيدًا لتأسيس كيان كردى مستقل فى شمال سوريا، وهذا ما حدث بالفعل وهى الخطيئة الكردية التى تتكرر تاريخيًا دون تدبر ووعى لدروس التاريخ.
فالتورط الكردى فى تأسيس فيدرالية أو كيان حكم ذاتى فى شمال سوريا أخذ اسم «روج أفا – شمال سوريا» بدعم أمريكى أدى إلى نتائج عكسية تمامًا إذ أنه استفز كل الأطراف وأدى إلى تقارب فى المصالح بين أعداء الأمس: تركيا مع روسيا وإيران والنظام السورى نفسه، وصل إلى درجة تصريح رئيس الحكومة التركية، بن على يلدريم، بأن «تركيا ترغب فى القيام بدور أكبر فى الأزمة السورية خلال الأشهر الست المقبلة»، معتبرًا أن بشار الأسد «هو أحد الأطراف الفاعلين فى النظام». والقول «شئنا أم أبينا الأسد هو أحد الفاعلين فى النزاع بهذا البلد، ويمكن محاورته من أجل المرحلة الانتقالية».
التقارب التركي الروسي على حساب الأكراد
لسوء حظ الأكراد تقاربت تركيا مع روسيا، وزاد هذا التقارب بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، بعد تردد الولايات المتحدة فى إدانتها عكس روسيا، وبعد وجود معلومات لدى الأتراك أن لواشنطن دورًا فى هذه المحاولة الانقلابية، وبعد تبنى واشنطن ميليشيات وحدات الحماية الكردية السورية فى القتال ضد «داعش» والتحالف العلنى مع حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى السورى فى هذا القتال ضد رغبة تركيا التى اعتبرت أنها مستهدفة من هذا التحالف الذى سيؤسس لكيان كردى فى شمال سوريا، وتراه أنقرة تهديدًا وجوديًا لأمن تركيا ووحدتها، كما أدى هذا الخطر الكردى الجديد فى شمال تركيا إلى تقارب إيران مع تركيا لمواجهة هذا الخطر المشترك.
وهكذا تغيرت كل الظروف بين عشية وضحاها. حدوث تقارب تركى مع كل من روسيا وإيران لوضع حد لهذا الخطر المتمثل فى دعم واشنطن لكيان كردى فى شمال سوريا تراه طهران وأنقرة خطرًا مباشرًا، وتراه روسيا ورقة قوية تخل بتوازن القوى العسكرية فى شمال سوريا لصالح واشنطن.
وفى ذات الوقت حدث قبول من النظام السورى لتدخل تركى ضد ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطى سواءً بضغوط روسية وإيرانية، أو بإدراك لاستخدام «الورقة المقلوبة» أى استخدام تركيا ضد الأكراد، كما سبق أن استخدم الأكراد ضد تركيا، على أساس أن التدخل التركى فى شمال سوريا هذه المرة سيكون محكومًا بتفاهمات روسية وإيرانية مع تركيا.
تحولات وتبدلات فى خرائط التحالفات أجبرت واشنطن أن تتفاهم مع تركيا وأن تدخل وسيطًا بين الحلفاء الأكراد والحلفاء الأتراك وأن توقف إطلاق النار وتقوم بدور فى تقسيم الأرض بين هذين الحليفين، وقام وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، بإبلاغ مولود جاويش، وزير الخارجية التركية، بأن «وحدات حماية الشعب الكردية السورية تتراجع إلى شرق نهر الفرات».
وبدوره أعلن وزير الدفاع التركى فكرى أيشق أن «القوات التركية ستبقى فى شمال سوريا حتى تتمكن وحدات الجيش السورى الحر من فرض سيطرتها على الوضع هناك».
إعادة توزيع النفوذ في سوريا
وهكذا أدى التدخل العسكرى التركى، الذى أخذ اسم «عملية درع الفرات»، إلى إعادة توزيع النفوذ فى سوريا بين حلفاء واشنطن المتخاصمين: المعارضة السورية المسلحة فى ريف حلب الشمالى، الأكراد السوريين وفيدراليتهم إلى الشرق من نهر الفرات، الجيش التركى على أبواب حلب، وفى المنطقة الممتدة على شطر من الحدود بين عفرين وجرابلس، وهى المنطقة التى يعتبرها الأتراك «المنطقة الآمنة» التى كانوا يسعون إليها منذ أكثر من ثلاثة أعوام مضت من عمر الأزمة السورية، وبات فى مقدورهم الآن، الأتراك مع الأمريكيين وباقى الحلفاء، إنشاء خط تماس لأول جيش «أطلسى» مباشر مع الإيرانيين والروس فى حلب، وتهديد مشروع الروس والنظام السورى بتقصير أمد الحرب فى حلب، وهو الهدف الذى تدعمه السعودية وباقى الحلفاء انتظارًا لمجىء إدارة أمريكية جديدة، ربما تكون هيلارى كلينتون على رأسها، إدارة جديدة أكثر تشددًا ضد نظام بشار الأسد وإيران وروسيا.
هدف عنوانه مزيد من الاستنزاف لروسيا والجيش السورى على أمل أن تكون السيطرة على جرابلس خطوة للوصول منها إلى منبج والباب ثم إلى حلب.. الهدف الأسمى والأهم.. عندها سيكون قد نشأ أمر واقع جديد أكبر كثيرًا من التصدى لـ«الكيان الكردى» هدف فرض إعادة توزيع مناطق النفوذ فى شمال سوريا تجعل تركيا هدفها أساسيًا فى معادلة سوريا مع كل الأطراف.
الحلفاء القدامى (واشنطن) والحلفاء الجدد (روسيا وإيران)، نفوذ كانت بوابته هى الكيان الكردى أو بالأحرى ورقة الكيان الكردى التى عادت أهم أوراق الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان.
المركز العربي للبحوث والدراسات