لقاءات وحوارات

زكريا الحصري ليكيتي ميديا: لا اتوقع مصير وسيناريو كوباني ان يتكرر في عفرين, لكن اخشى ان تكون عفرين لواء اسكندرون آخر

  أعداد وحوار محمد رمضان

تعد عفرين أحد أهم مدن كردستان سوريا, وهي مركز منطقة كورداغ واسمها الكُردي هي جياي كورمنج وتتألف من مركز المنطقة عفرين  وسبع نواحي يتبعها اداريا اكثر من 350 قرية وتجمع, انخرطت كما غيرها ومنذ البداية بحركة المقاومة بكل مراحلها من الفترة العثمانية مرورا بالانتداب الفرنسي وصولا الى عهد الاستقلال وتأسست فيها العديد من التجمعات السياسية وكان لهم الدور الفعال في تأسيس اول حزب كوردي بسوريا حيث كان نصف عدد المؤسسين من منطقة عفرين, لذا التقت يكيتي ميديا مع الاستاذ زكريا حصري الباحث في التاريخ السياسي والملم بتاريخ الحركة السياسية الكردية في سوريا  للوقوف على ماهية عفرين ودورها في الحركة السياسية, بالإضافة الى دورها اثناء السورية, وبخصوص التطورات الاخيرة التي تشهدها تلك المنطقة.

السؤال الاول : في بداية أود أن تعطينا للمحة عن واقع ’’مدنية عفرين’’ خلال خمس سنوات الماضية من عمر الأزمة السورية

من المعلوم ان الكورد في الجزء الغربي من كوردستان الملحق بسوريا وفي كافة مناطق تواجدهم كانوا ومنذ عقود يناضلون لنيل حقوقهم والتمتع بحريتهم اسوة بباقي الشعوب وعفرين التي هي مركز منطقة كورداغ واسمها الكوردي هي جياي كورمنج – والتي تتألف من مركز المنطقة -عفرين – وسبع نواحي يتبعها اداريا اكثر من 350 قرية وتجمع – انخرطت كما غيرها ومنذ البداية بحركة المقاومة بكل مراحلها من الفترة العثمانية مرورا بالانتداب الفرنسي وصولا الى عهد الاستقلال وتأسست فيها العديد من التجمعات السياسية وكان لهم الدور الفعال في تأسيس اول حزب كوردي بسوريا حيث كان نصف عدد المؤسسين من منطقة عفرين ، وقد عانت كما كل المناطق الكوردية من السياسات التمييزية والانكارية والمنع من قبل السلطات الاستبدادية الحاكمة في دمشق وتعرضت لعمليات التغيير الديمغرافي وزرع مستوطنات عربية فيها ولكن جذوة المقاومة لم تهدأ فيها وقدمت الشهداء وما زالت على طريق الحرية .
ومنذ قيام الثورة السورية 15- 3- 2011م لم تغب عفرين عن التظاهرات السلمية المطالبة بالحرية والانعتاق منددة بسلطة البعث وكانت التظاهرات تعم شوراع عفرين رافعين علم كوردستان يتقدمهم المناضلون والتنسيقيات ورجالات الحركة الكوردية الى ان وصلت الى حد اخذت تهدد النظام بعد مظاهرة 3-2 2012م وهذا ما دفعت السلطة الى تحريك خلاياها واتباعها التي وللأسف كانت كوردية اللسان والشكل وبعثية الفكر والانتماء فهاجموا التظاهرات بالسكاكين والعصي والشتيانات ( سيوف ) واللجوء الى اساليب الاختطاف والاغتيالات والتصفية للنشطاء والسيطرة على الشوارع بقوة السلاح وبمساعدة النظام السوري الذي اوعز الى كافة فروعه الاستخباراتية بالاندماج مع هذه التشكيلات وقيادتها تحت مسميات كوردية (Mala Gel – و محاكم الشعب – اسايش – هيئات حاكمة ومؤسسات ..) .
حيث كانت مجزرة عائلة الشيخ نعسان ومجزرة برج عبدالو التي عرفت بشهداء علم كوردستان وتصفية كاوا خليل والعديد من النشطاء وملئت السجون ومراكز الاحتجاز السرية بالمعتقلين ( سجن الاسود – وسجن الكهف ….) حيث بلغ ما عرف حتى الان من عدد المعتقلين منذ بداية الثورة اكثر من ( 700 ) معتقل و مفقود لا نعلم ما اذا تم تسليمهم للنظام او للجماعات الاخرى او تم تصفيتهم ؟، وسرعان ما سيطروا على المدن الكوردية لأغلاق الطريق امام اي تحرك ثوري حقيقي ضد النظام وذات مضمون كوردي وتحرري ولزيادة التحكم بالناس وتهجير الكورد وادلجة العقل الكوردي بما يتوافق مع اجنداتهم الغير كوردية تحت تسميات وهمية افتراضية ( الامة الديمقراطية – الادارة الديمقراطية …) فرضوا القوانين القرقوشية من التجنيد الاجباري للسيطرة على قوة الشباب وتسخيرها لأجنداتهم وابعادهم عن الثورة ودفع الاخرين الى الهجرة و ادلجة التعليم تحت خيمة اللغة الكوردية و مصادرة الاملاك الخاصة وفرض الاتاوات والضرائب وفرض ارهاب فكري وثقافي ومنع الاعلام عدا عن اعلام النظام وما يتوافق مع سياساتهم وتسخير كافة نواحي الحياة لخدمة اهدافهم فالأغاني والفن والرياضة ولقمة العيش وكل شيء اخر ما هي الا وسائل لخدمة مخططاتهم .
وقد ترافق كل ذلك مع تراخي الاخر الذي يحمل الهم الكوردي القومي والوطني وانتشار فكرة منع الاقتتال الاخوي بين الكورد وان هذه المرحلة لن تطول وستزول بزوال النظام ولكن حسابات الاخر الكوردي لم تكن دقيقة ولم تستند على معطيات وقراءة صحيحة للواقع والخارطة السياسية ولا بد ان نذكر ان الدعم اللامحدود من عدة جهات للسلطة الوكيلة للنظام (PYD) مقابل ضعف القيادة وكلاسيكية التفكير لدى الطرف الكوردي الاخر ومحدودية الدعم كان له الاثر الاكبر في فرض معادلة غير كوردية ومؤيدة للنظام في الجزء الغربي من كوردستان الملحق بسوريا .

السؤال الثاني : -هل هناك مواقع أو نقاط عسكرية في المناطق التي تتعرض بين حين وأخر للنيران المدفعية التركية على سبيل المثال قرية ’’ حمام ’’

ان القصف التركي لنواحي وقرى ومدينة عفرين تزامن مع تقدم قوات النظام المدعومة من الطيران الروسي و الكتائب ذات الصبغة الطائفية وتمكنها من الوصول الى مدينتي ( نبل والزهراء ) في شمالي حلب ومع تقدم قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات الحماية الشعبية (YPG) جوهرها في مناطق تل رفعت ودير جمال ومارع ومحيط اعزاز والسيطرة على مطار ( منغ ) ، والتحكم بالطريق الدولي بين تركيا وحلب _ طريق غازي عنتاب – الذي يربط بوابة السلامة في اعزاز مع كافة المناطق الخاضعة للمعارضة السورية من الريف الشمالي والشرقي لحلب والتي تعتبر المدخل الرئيسي لتركيا الى ( المنطقة الامنة ) التي تريد تركيا اقامتها بين عفرين وكوباني بعرض حوالي 10 كيلومتر وطول بين 90- 110 كيلومتر والتي تشمل جرابلس والباب والمنبج واعزاز والقرى الاخرى والتي تضم المكونات الثلاثة الكورد والتركمان والعرب .
ان شعور تركيا بانها خسرت اوراقها ولم تعد اللاعب الرئيسي في سوريا افقدها توازنها وادخلها في قرارات خاطئة ومنها المتاجرة بقضية اللاجئين للضغط على اوربا لتنفيذ اجنداتها ، كما قامت وبدل من كسب الكورد ومحاولة مساعدتهم لحل قضيتهم كونهم اكبر تجمع يشارك تركيا الحدود والارض والمصالح قامت بدعم بعض الحركات الخارجة عن العصر والتطور وقصف المناطق الكوردية التي اغلبها لم تكن مواقع عسكرية بل تجمعات مدنية مما تسبب بسقوط الضحايا وتدمير ممتلكات المدنيين ، واذا كانت تركيا تريد ان تستهدف المواقع العسكرية فاعتقد انها تعلم جيدا بمكان تواجدها ، كما ان الاعمال العسكرية تقع في مطار منغ واعزاز وشمال حلب وليس في دير بلوط وقرمتلق وشيه ومدينة عفرين وجنديرس وسنارة وبازيان وغيرها علما ان النظام ايضا قام بقصف القرى – باشمرا وكوند مزن –في شيروا بجبل ليلون بالقذائف وخلف ضحايا وتزامن القصف التركي والنظام مع قصف بعض الكتائب المتشددة وقيام الـPYD J بفرض المزيد من الاجراءات والاعتقالات , اذا التزامن بين القصف التركي والكتائب والنظام واجراءات الـPYD ليس صدفة واعتقد انها تهدف الى تحقيق نفس الاهداف وهي تدمير المنطقة وتهجير ما تبقى فيها من الكورد وصولا الى التغيير الديمغرافي للمنطقة ولاهمية عفرين المستقبلية ضمن خارطة المنطقة .

السؤال الثالث : -يقال أكثر من مصدر أن سكان مدينة عفرين الأصلين لا يتجاوز 40% من أجمالي الحالي أن كان هذا صحيحاً فهذا الرقم مخيف للغاية ؟ كذلك من هي الجهة التي تقوم بتمويل أهالي نبل وزهراء بشراء الأراضي و أشجار الزيتون في منطقة عفرين ؟

بداية ان نسبة الكورد من سكان عفرين المدينة مع كامل منطقة جياي كورمنج – كورداغ – قبل 2011م كان يتجاوز 90% مع وجود نسبة صغيرة من العرب اذين قدموا الى المنطقة من لواء الاسكندرونة بعد ضمها لتركيا عام 1939م ثم دفعات اخرى اتى بها النظام السوري لتفنيذ قانون الاصلاح الزراعي والمرسوم 49 وقررات استملاك الاراضي الحدودية من قبل الدولة وقرار 580 تاريخ 1977و 1998م بتعريب 116 قرية – تعميم 122 تاريخ 1992وغيرها من القررات ) واستقدام العائلات من ابو الظهور والباب ومنبج وحلب والسفيرة من العشائر (العميرات 2- – لهيبي 3– حساني 4– عجيلي 5– بكاري 6– بو خميس 7– بوبني 8– حديدي 9– نعيمي 10- عجاني 11- حركوك 12- السبخاوية ) سواء ضمن اطار تنفيذ مخطط الحزام العربي او كموظفين واداريين وعناصر امنية ، واستوطنوا في تجمعات استيطانية صرفة او مختلطة مع الكورد مثل (1- تل طويل 2– تل سلور 3– تل حمو4– محمدية 5– كفير6– نسرية7– فريرية8– ابو كعب 9- بابليت10– كوكبة 11- انابه 12- مريمين 13- شوارغة 14- الزيدية 15- مدينة جنديرس 16- مدينة عفرين 17- قارسقا ) .
رغم كل الاجراءات السابقة بقي الكورد متمسكين بالارض وكانت نسبة الكورد المهاجرين من عفرين هي الاقل بين المناطق الكوردية ، الا ان هذا الواقع بدأ يتغير بعد عسكرة الثورة وسيطرة القوى العسكرية ولا سيما بعد اعلان ما يعرف بالكانتونات والادارة الديمقراطية التي ترفض الكوردية حيث فتحت ابواب عفرين امام استكمال المخططات الاستيطانية السابقة والتغيير الديمغرافي ولا سيما من سكان مدينتي نبل والزهراء ذات الاتجاه الطائفي والمدعومة من النظام والحسينيات الايرانية حيث هناك معطيات تشير الى نقل سجلات العائلات من المدينتين واللذين كانو يقيمون بحلب الى السجل المدني بعفرين ونواحيها اي نقل ما يعرف ب( كوتك – او الخانة ) الى عفرين واعتبارهم من السكان الاصليين لعفرين وهذا ما يثير التخوف لدينا وخاصة انهم مدعومين من النظام السوري وايران ونخشى ان تكون العملية هي ضمن مخطط تهجير الكورد وتوطين العرب ذوي الاتجاه الطائفي محدد وربط عفرين مع الشريط الساحلي ( سوريا المفيدة ) واعتبارها صلة الوصل بين الساحل ولواء الاسكندرونة هذا المشروع الطائفي الذي يبدأ من حدود لبنان حيث حزب الله الى دمشق ( الزبداني ومضايا ) وحمص حيث تصل للساحل من اللاذقية وطرطوس ثم ريف ادلب ( كفريا والفوعة ) الى عفرين من الجنوب الغربي ثم نبل والزهراء وصولا الى كوباني والجزيرة الكوردية الى اقليم كورستان وانتهاء بايران ، ورغم كل ذلك ما يزال الريف العفريني محافظا على تشكيله الكوردي رغم ان مدينة عفرين وجنديرس قد تأثرت الى حد كبير بهذه السياسة و يشكل العرب نسبة كبيرة منها لكنها لم تصل الى حد الاغلبية لكنهم يسيطرون على المفاصل الرئيسية للحياة الاقتصادية والامنية .

السؤوال الرابع : على ضوء ما يجري في عفرين هل نحن أمام  كوباني جديدة ؟؟!!

لا اتوقع مصير وسيناريو كوباني ان يتكرر في عفرين ولكن اخشى ان تكون عفرين لواء اسكندرونة اخر او كما المادة (140) في العراق والمناطق المتنازعة عليها بين عدد من القوى منها العلويون بالساحل والسنة بالداخل وتركيا بالشمال ويضيع الكورد في خضم هذه الصراعات اذا نجحت سياسات التغيير الديمغرافي السكاني بتهجير الكورد وتوطين العرب وبالتالي جعل الامر يبدو ديمقراطيا حرا .

السؤال الخامس : هل تعول على الحركة الكردية بإخراج ’’كردستان سوريا ’’ من نفق مظلم في ظل تشرذمها وتنافرها ؟كذلك منذ فترة وجيزة تم إعلان عن طرف أخر تحت مسمى تحالف الوطني الكردي ما تعقيبك على ذلك

انا اعول على الشعب ووعيه ومقاومته ونضاله للضغط على كافة الاطراف الكوردية لتوحيد الخطاب والمطالب واحداث التغيير المطلوب في بنية واليات وديناميكية الاحزاب الكوردية ونقلها من حالة التشرذم والتناحر الى حالة التكامل وعلى قدرة المفاوض الكوردي في ايصال المصالح الكوردية الى طاولة المفاوضات و الحل والقدرة على دمج المصالح الكوردية مع المصالح الدولية والعالمية وجعل تحقيقها مصلحة عليا للعالم الحر وعلى دعم رئاسة وحكومة ومؤسسات وشعب كوردستان العراق بقيادة الرئيس مسعود البارزاني ، واراهن على الشباب الكوردستاني بأجزائه بقيادة التغيير المطلوب .
اما بخصوص الوليد الجديد ( التحالف الوطني الكردي ) ابارك لهم واتمنى ذلك ولكن مضمون بيان التأسيس لا يجعلني متفائل وعليه لا اعتقد بانه سيضيف جديدا الى الحالة الكوردية لان كل ما حدث هو تغيير الاسم ليس اكثر فبدل من اسم – احزاب المرجعية – اصبحت احزاب – التحالف – اولا ، وكونهم قد اختاروا الاصطفاف الى الجانب المحدد الذي ينكر ويعارض كل ما يتعلق بالمشروع الكوردي من جهة ثانية ، ويمكن ان يضيفوا المزيد من التعالي والاستفراد الى منظومة تف دم والسلطة الوكيلة على الارض بدعمهم لهم دون مقابل من جهة ثالثة واخيرا يمكن ان يصبغوا بعض الكوردية على شكل هذه الادارة كونهم يحملون اللاحقة الكوردية في نهاية اسمائهم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى