سلاح “حزب الله” لا يخيف الإسرائيليين بل… اللبنانيين
جان الفغالي
يوم الجمعة من الأسبوع الفائت، أطل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في مناسبة يوم القدس العالمي، ليعلِن: «السلاح الأساسي بعد ما استخدمناه، والقوات الأساسية بعد ما طلَّعناها». بالمعنى ذاته، مطلع آذار الفائت، أطل رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ليعلن: «لم نستعمل كلّ أسلحتنا، وأسلحة الحرب المفتوحة لم نفتح مخازنها بعد، والعدوّ يعرِف ذلك».
معروفٌ عن «حزب الله» أنه لا يناوِر في موضوع ما تحتويه ترسانته العسكرية من أسلحة، لكنه لا يفصِح عنها، انطلاقاً من اعتبارات «الأسرار العسكرية»، لأنه بذلك يُبقي الإسرائيلي في حالٍ من عدم الإرتياح، والدولة العبرية تُسخِّر استخباراتها لكشف ما يملك «الحزب» من أسلحة، وأين هي موزَّعة. السيد نصرالله، وفي أربعين القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين، الذي قُتِل في انفجار في سوريا، قال بالفم الملآن: «موازنة «حزب الله» وأسلحته وصواريخه تأتي من الجمهورية الإسلامية في إيران، ومالنا المقرر لنا يصل إلى لبنان وليس عن طريق المصارف، كما تصل الصواريخ من إيران».
من خلال كل ما تقدَّم، لا نقاش في أنّ ترسانة «حزب الله» من الأسلحة مصدرها إيران، لكن الرواية لا تنتهي عند هذا الحد، فـ»حزب الله» ينوِّع مصادره من التسلُّح، قديمها وحديثها، لديه، على سبيل المثال لا الحصر: أسلحة تركها له الجيش السوري عند انسحابه من لبنان في ربيع العام 2005، ولديه أسلحة يتم إنتاجها في مصانعه في لبنان، وهناك أسلحة تصل إليه من إيران، برّاً عبر سوريا حيث الحدود مباحة ومستباحة، وبحراً عبر مرفأ بيروت، وجواً عبر مطار بيروت، وحادثة إنزلاق شاحنة مدنية عند كوع الكحالة، محمَّلة أسلحة لـ»حزب الله»، بمواكبة مسلَّحة منه، كشفت خط إيصال السلاح من إيران إلى سوريا، ومنها إلى البقاع، ومن البقاع إلى بيروت فالجنوب، وكانت لافتة أنّ «حزب الله» طالب فوراً بـ»استعادة» الشاحنة التي صادرها الجيش اللبناني.
وهناك «سكة» إيصال أسلحة إلى «حزب الله» عبر «السوق السوداء»، وهي الأسلحة النوعية ويتم استيرادها من تجار أسلحة دوليين، حتى لو كانوا من الغرب، وأحياناً بغضِ نظرٍ من بعض الحكومات، وهناك سوابق إيرانية في مجال التسلح حتى من مصانع أسلحة أميركية، فأثناء الحرب العراقية – الإيرانية، احتاجت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى صواريخ، كان الأمر يخالف القانون الأميركي والسياسة الخارجية الأميركية في كل الأوجه. فقد كان بيع الاسلحة إلى ايران ممنوعاً بموجب القانون الأميركي آنذاك.
عام 1986، قامت ادارة ريغان- سراً ومن دون مسوغ قانوني- بتحويل الأموال التي حصلت عليها من بيع الاسلحة خلسة إلى ايران إلى قوات الكونترا. قام بالصفقة المقدم أوليفر نورث ومعه جنرال متقاعد هو ريشارد سيكورد، وصلة الوصل الأساسية ألبرت حكيم وهو تاجر سلاح أميركي من أصول إيرانية. أموال إيرانية، صواريخ أميركية، الأرباح إلى «كونترا»، وعرابو الصفقة ضابطان أميركيان وتاجر سلاح من أصول إيرانية.
ما يحدث مرة، يحدث كل مرة، الإدارات المتعاقبة للولايات المتحدة الأميركية براغماتية، وهذا ما ظهر عام 1986، أيام الرئيس ريغان، والجمهورية الإسلامية الإيرانية براغماتية، أطلقت الديبلوماسية الأميركيين من السفارة الأميركية كـ»هدية» للرئيس رونالد ريغان غداة دخوله البيت الأبيض. «حزب الله» براغماتي وإلا كيف سهَّل اتفاق الغاز البحري مع «عدو يجب رميه في البحر». بهذا المعنى لا يعود سلاحه مخيفاً للإسرائيليين، مهما هدد له، بل هو سلاح مخيف للبنانيين، حين يُدخله في المعادلات السياسية الداخلية.
نقلاً عن نداء الوطن