شمال شرق سوريا: استمرار تجنيد الأطفال
سلطات الأمر الواقع لم تتخذ أي إجراءات ضد حركة شبيبة كردية
أرسلت هيومن رايتس ووتش كتابا إلى قسد وإلى الإدارة الذاتية في 26 أغسطس/آب، تطلب معلومات حول دور حركة الشبيبة الثورية في تجنيد الأطفال، بالإضافة إلى الخطط والخطوات التي اتخذتها السلطات لمعالجة الأمر، لكنهما لم يردّا. كتبت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في 9 سبتمبر/أيلول.
تقدم الولايات المتحدة دعما كبيرا لـ قسد على شكل مساعدات عسكرية وتدريب ودعم لوجستي لهدف أساسي هو قتال “تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا لـ’داعش‘) في شمال شرق سوريا. يتضمن هذا الدعم نشر قوات أمريكية، وضربات جوية، والإمداد بالأسلحة والعتاد، ومساعدة قسد في الحفاظ على سيطرتها على مناطق كان داعش يسيطر عليها في السابق.
إذا أرادت قسد والمجموعات التابعة لها أن تُعالج فعليا تجنيد الأطفال المستمر، يتعين عليها أن تُوقف فورا أنشطة تجنيد الأطفال التي تنفذها المجموعات المسلحة المنضوية في تحالفها، وأن تضمن ألا تقوم جهات تابعة لها أو جهات خارجية بعمليات تجنيد في المناطق الخاضعة لسيطرتها. عليها أن تجري تحقيقات حقيقية في أنشطة تجنيد الأطفال غير القانونية في مناطق سيطرتها، وتُحاسب المسؤولين عنها. عليها تعزيز المراقبة والمحاسبة لجميع المجموعات العاملة في مناطق سيطرتها، بما في ذلك عبر إنشاء أنظمة مراقبة أكثر فعالية، وعليها في الوقت نفسه ضمان قنوات اتصال واضحة بين الأطفال المجنَّدين وذويهم.
يتعين على قسد أن تعيد جميع الأطفال دون سن الـ 18، بسلامة إلى عائلاتهم، وأن تؤمن الدعم الطبي والنفسي لهم. ينبغي لها أن توسّع مكاتب حماية الأطفال التي أنشأتها للمساعدة في إنهاء تجنيد الأطفال، وضمان تمتعها بالموارد والموظفين والسلطة لإجراء تحقيقات، وأن تتعامل بجدية مع جميع التقارير حول الأطفال المفقودين.
بصفتها حليف أساسي لـ قسد، ينبغي للولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لضمان تنفيذ هذه التدابير، وأن تنظر في فرض عقوبات على حركة الشبيبة الثورية لدورها في تجنيد الأطفال. يحظر “قانون منع الجنود الأطفال” الأمريكي على الولايات المتحدة تقديم المساعدة العسكرية إلى الحكومات التي تجند الأطفال وتستخدمهم. قالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة أن تطبق المبادئ نفسها على المجموعات المسلحة غير التابعة للدولة التي تدعمها.
قال كوغل: “اتخذت قسد والإدارة الذاتية خطوات مهمة لإنهاء ممارس تجنيد الأطفال المؤذية، إلا أن عدم معالجتها مشكلة التجنيد القسري والسري الذي تقوم به حركة الشبيبة الثورية يُهدد بإهدار التقدم المُحرَز”.
عندما استمرا في محاولة استعادة أطفالهما. قال والد طفلة عمرها 14 عاما وهي الفتاة الوحيدة في عائلته الممتدة، إن أحد أعضاء الشبيبة الثورية أخبره أنه “حتى لو أشعلت النار في نفسك هنا، فلن تعود ابنتك”. قال أب آخر، فُقدت ابنته (16 عاما) منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، إنه زار “عشرات المكاتب”، بما فيها مكتب حماية الطفل لطلب المساعدة، لكن الرد الوحيد الذي تلقاه كان من أعضاء حركة الشبيبة الثورية الذين أخبروه أن ابنته “لن تعود أبدا” إليه.
في حين أفاد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في العام 2022 أن قسد اتخذت إجراءات تأديبية ضد أفرادها الذين ينتهكون الالتزامات التي تعهدت بها لمنع تجنيد الأطفال، بموجب خطة عمل الأمم المتحدة لعام 2019، لا يوجد ما يشير إلى أن قسد أو الإدارة الذاتية اتخذت أي خطوات للتحقيق ومحاسبة حركة الشبيبة الثورية على تجنيد الأطفال.
حركة الشبيبة الثورية في سوريا
راجعت هيومن رايتس ووتش معلومات مفتوحة المصدر ذات صلة، منها المواقع الإلكترونية الخاصة بحركة الشبيبة الثورية والإدارة الذاتية و”حزب الاتحاد الديمقراطي”، الذي يعمل كقوة سياسية مهيمنة في الإدارة الذاتية. كشفت هذه المراجعة أن حركة الشبيبة الثورية، التي تعرف نفسها كحركة اشتراكية مستوحاة من أفكار عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، متوافقة أيديولوجيا مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي. الموقع الإلكتروني لحركة الشبيبة الثورية متوفر بشكل متقطع وقنواته على يوتيوب وتلغرام ما تزال مفتوحة. حيثما أمكن، قدمت هيومن رايتس ووتش روابط إلى صيغ مؤرشفة من الصفحات الإلكترونية ذات الصلة المتاحة على أرشيف “ويباك ماشين” الذي أسسته منظمة “إنترنت أركايف” (أرشيف الإنترنت).
لحركة الشبيبة الثورية حضور قوي في جميع أنحاء شمال شرق سوريا من خلال المكاتب والمراكز، ومجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية والسياسية والعسكرية التي تستهدف الشباب، والتي يحضر بعضها ويؤيدها مسؤولون رفيعو المستوى من قسد والإدارة الذاتية. بحسب تقارير، شارك أعضاء حركة الشبيبة الثورية في أعمال عدائية ضد المتظاهرين والصحفيين وأحزاب المعارضة السياسية في السنوات الأخيرة.
على صفحة مؤرشفة من موقعها الإلكتروني، تصف المجموعة نفسها بأنها جزء من “مجلس شباب حزب الاتحاد الديمقراطي”. يعرض حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل بارز أنشطة المجموعة الشبابية على موقعه في الإنترنت، ويؤكد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2024 عن الاتجار بالبشر أنهم تابعون له.
يعرض الموقع الإلكتروني لحركة الشبيبة الثورية، وقنواتها على وسائل التواصل الاجتماعي، علنا جهود الحركة لتجنيد الشباب للمشاركة المستقبلية في النزاع المسلح، والعديد من المقالات في منتصف عام 2024 التي تُعلن أن عددا من الشباب انضموا إلى “صفوف حرب العصابات” أو “الشهداء المنتقمون” أو “استجابوا إلى دعوات التعبئة”. غالبا ما تكون المقالات مصحوبة بصور للشباب – يبدو أن بعضهم أطفال – في زي عسكري.
في قسم “شهداء حركة الشبيبة” على الموقع الإلكتروني، تُكرم الحركة روناهي إبراهيم، وهي فتاة صغيرة نازحة داخليا من رأس العين (سري كانيه)، التي غزتها تركيا واحتلتها في 2019. وفقا للصفحة الإلكترونية المخصصة لإبراهيم والتي لا توجد نسخة مؤرشفة منها على الإنترنت لكن هيومن رايتس ووتش لديها نسخة منها، انضمت روناهي إلى حركة الشبيبة الثورية في 2021 في سن 14 عاما وقُتلت في يناير/كانون الثاني 2024 في سن 17 عاما. أشار تقرير إعلامي محلي غطى جنازتها إلى أنها قاتلت مع “وحدات حماية المرأة” وأنها توفيت في حادث غير محدد أثناء تأدية واجبها.
قال شقيق الفتاة البالغة من العمر 14 عاما، والذي يعيش في الشهباء إن حركة الشبيبة الثورية تستهدف الأطفال في المدارس غالبا. قال: “يمارسون أنشطتهم في المدارس تحت ستار الفعاليات الثقافية، لكنهم في الواقع يغسلون أدمغة الأطفال للانضمام إليهم. لم تكن أختي الوحيدة من مدرستها التي انضمت إلى المجموعة، حيث انضم عديد من زملائها في الصف قبلها أيضا”.
وفقا لتقرير صدر عن المركز السوري للعدالة والمساءلة في أبريل/نيسان 2024، والذي وثق 23 حالة تجنيد للأطفال في شمال شرق سوريا بين 2020 و2023، إحدى أكثر طرق التجنيد شيوعا لدى حركة الشبيبة الثورية هي تحديد أطفال المدارس من خلال الأنشطة الثقافية في مراكزهم الخاصة. قال المركز: “غالبا ما يخدعون الأطفال، ويقنعونهم بالتسجيل في دورات تعليمية أو مهنية أو حتى فرص عمل واعدة، في حين أن الغرض الحقيقي هو التجنيد”. وجد تقرير صدر عن منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في يوليو/تموز 2023 أن من بين 52 حالة تجنيد للأطفال وثقتها في مناطق قسد في 2023 فقط، كانت حركة الشبيبة الثورية مسؤولة عن 43 حالة.
في يونيو/حزيران 2022، اعترف مسؤول من حركة الشبيبة الثورية لـ “أسوشيتد برس” بأن المجموعة تجند الأطفال لكنه نفى أي تجنيد إجباري، مشيرا إلى أن الأطفال ينضمون طواعية ولا يتم إرسالهم إلى الخدمة المسلحة إلا إذا اختاروا ذلك بعد المشاركة في التدريب التعليمي.
اعترف متحدث باسم مكتب حماية الأطفال التابع لـ قسد لـ أسوشيتد برس بأن تجنيد الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها قسد كان مستمرا لكنه أكد أن آلية الشكوى فعالة، مشيرا إلى أن قسد أعادت أربعة أطفال إلى عائلاتهم في أوائل 2023، وأن آخرين جنّدتهم جماعات مسلحة ليست جزء من قسد. بموجب القانون الدولي، يتعين على قسد اتخاذ إجراءات ضد تجنيد الأطفال من قبل أي جماعة مسلحة تحت سيطرتها.
www.hrw.org