محليات - نشاطات

عامودا.. السليقة “Danûk” تراث ريفي ما زال مستمراً

Yekiti Media

مع حلول فصل الخريف تعود إلى مدينة عامودا وريفها واحدة من أقدم العادات الريفية التي ما زال الأهالي يحافظون عليها، وهي موسم السليقة الذي يجمع بين التحضير للشتاء والتعاون الاجتماعي والاعتماد على خيرات الأرض.

في هذا الموسم تبدأ النساء في تحضير القمح بعد تنقيته وغسله جيدًا، ثم يُغلى في قدور كبيرة على نار الحطب لساعات طويلة حتى ينضج، وبعدها يُفرّد على أسطح المنازل أو في الساحات ليجفّ تحت أشعة الشمس قبل أن يُطحن ويُستخدم لاحقًا في إعداد البرغل والقمح المجروش وعدد من الأكلات الشعبية التقليدية.

تقول السيدة زينب، وهي من أهالي مدينة عامودا: تحضير السليقة عملية تتطلّب جهداً ووقتاً لكنها ممتعة نقوم بها كل عام ونشعر وكأنها مناسبة صغيرة تدخل البهجة إلى المنزل ، حيث رائحة القمح أثناء الغليان تملأ البيت دفئاً وتجعلنا نشعر بقرب فصل الشتاء.

أما أم خليل، وهي سيدة مسنّة من ريف عامودا، فتوضح بقولها: السليقة لها نكهة خاصة تختلف تماماً عن المنتجات الجاهزة في الأسواق، طعمها طبيعي وفوائدها الغذائية أعظم ومن شوال واحد من القمح نصنع أنواع متعددة مثل البرغل الناعم والخشن والجريش بكميات تكفينا لسنة كاملة ؛ مما يجعلها اقتصادية ومفيدة في الوقت نفسه.

ويشير الأهالي إلى أنّ موسم السليقة يحمل بعداً اقتصادياً واضحًا ، إذ يوفّر على الأسر جزءاً من مصاريفها الغذائية خاصة في ظل ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة، كما يخلق جواً من التعاون بين العائلات في تبادل القدور الكبيرة والحطب والمساعدة في التحضير ليصبح الموسم مناسبة تجمع بين العمل والفرح في آن واحد.

ويقول بعض السكان إنّ الطقس هذا العام ساعد في سرعة تجفيف القمح وجودة السليقة ما جعلها أنجح مقارنةً بالسنوات الماضية معتبرين أنّ هذا الموسم رزق من الأرض ونعمة تستحقّ الشكر.

ورغم تغير نمط الحياة، ودخول الأدوات الحديثة ما زال كثير من سكان عامودا وريفها يحرصون على الحفاظ على هذه العادة التي تمثّل رمزاً للتراث الريفي وارتباط الناس بأرضهم وإنتاجها.

وتبقى رائحة القمح المسلوق المنتشرة في أزقة عامودا كل خريف علامة مميزة لموسم السليقة تذكّر الأهالي بأنّ البساطة ما زالت حاضرة، وأنّ التمسك بالعادات القديمة شكل من أشكال الوفاء للذاكرة وللأرض التي منحتهم القوت والدفء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى