آراء

فيشخابور.. بوابة تكاد توصد

ليلى قمر

يتساءل سكان كُردستان سوريا: ماذا لو كان معبر فيشخابور مفتوحاً بشكلٍ طبيعي أمام العابرين منه ذهاباً وإياباً،

وكلٌ حسب حاجته لتلك الزيارة. ؟

فكما هو معلوم في كل ّ دول العالم، يتمّ التعامل مع المنافذ الحدودية عبر نظام معين ، حيث يكون ذاك النظام معياراً لضمان سلامة الأطراف المشتركة في تلك المنافذ، وكذا تكون آلية العمل فيه مبعث راحة للمسافرين عبره،

عندما افتُتح المعبر الحدودي فيشخابور؛ تنف ّس كُرد سوريا الصعداء، نتيجة قلة فرص الخروج من جغرافية كُردستان سوريا، إلا ما ندر ، فكان مفتوحاً أولاً لدواعٍٍ إنسانية، وبالفعل كان قناة لنقل حالات عديدة لتلقي العلاج في كُردستان العراق وبالعكس.

وشهد المعبر حالة نزوح كبيرة من كُردستان سوريا، نتيجة العمليات العسكرية خلال اجتياح الجيش التركي للمنطقة في مرحلتي عفرين وسري كانييه/ رأس العين .

لم يكن عنصر الأمن والأمان، فقط، دافعاً لهجرة أبناء المنطقة، إنما العامل الاقتصادي والوضع المعيشي المتدهور وقلة فرص العمل وانتهاكات حزب الأتحاد الديمقراطي لكلّ القيم والمعايير واقتيادهم للشباب للتجنيد الإجباري ، كلّ هذه العوامل جعلت من معبر فيشخابو الرئة الوحيدة التي يمكن أن يتنفّس منها سكان كُردستان سوريا، لكنّ الحاصل هو العكس، فقد كانت الأولوية للمدعومين من أصحاب المحسوبيات، وكلٌّ بحسب جهة دعمه، طبعاً من خلال ذلك مرّت حالات كثيرة.

والأن وبعد الكثير من الأحداث التي أدّت إلى إعادة فتحه وحدوث انفراج نوعي في آلية عمل المعبر، وسهولة الدخول والخروج منه،

ماذا لو تمّ تخصيص نظام للزوار والسائحين من كلا الطرفين، وخاصةً أنّ الراغبين بقضاء

أيام العطل والاستجمام في كُردستان العراق كثر،؛ كونها تمتلك مناطق سياحية خلّابة تجتذب السائحين حيث أنّ سكان كُردستان سوريا تنقصهم ميزة الدخول والخروج كباقي شعوب الأرض الى دول العالم .

نستطيع القول بأنّ العيش في جغرافية كُردستان سوريا يعتبر سجناً مقيتاً في حال صعوبة الدخول والخروج من فيشخابور ، فالذهاب عبر الطرق الاعتيادية الأخرى يعتبر مخاطرة كبيرة لعوامل كثيرة .

لذا فإنّ إغلاق فيشخابور كان رصاصة الرحمة في عزلة هذه البلاد، تحت بند “إغلاق المعبر لدواعي أمنية” أو غيرها ،وللمرة الثالثة منذ افتتاحه الأول .

يبدو أنّ العمل على وجود هيكلية مغعّلة ليس بالأمر الهيّن، وخاصةً إن لم تكن الجهات القائمة والقاضية بالأمر مكترثة لما يعانيه الشعب من قهرٍ واحتقانٍ ، إن لم يكن من كلّ العوامل المذكورة، آنفاً، والتي كانت كفيلة لخلق حالة هجرة غير طبيعية إلى بلاد الاغتراب، فهجرة الأبناء من الوطن وبقاء ما يعادل 90 بالمئة من الآباء والأمهات في وحدة صعبة، تحتاج لتهيئة الظروف الحياتية ؛ لتكون مريحة نسبياً لإفساح المجال وتحفيز الشباب للعودة للوطن وذلك بمنح فرصة جديدة للعيش بأمانٍ برأب الصدع والخلل في منظومة العيش ووقف استنزاف القيمة البشرية.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “309”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى