آراء

في الذكرى السادسة والأربعين لاستشهاد عروس كُردستان “ليلى قاسم حسن الكلهوري”

محمد زكي أوسي

البطاقة الشخصية التي اختارتها الشهيدة ليلى قاسم حسن لنفسها:

الأسم الكامل: ليلى قاسم حسن كلهوري

اللقب: عروس كُردستان

اسم الأم: جبال زاغروس

تاريخ الولادة: 16 آب 1946م. (تاريخ تأسيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني)

فصيلة الدم: P.D.K

العنوان: كُردستان.

اسمها الكامل ليلى قاسم حسن الكلهوري, ولدت عام 1953م. في قرية (باتميل) الصغيرة التابعة لقضاء خانقين في جنوب كُردستان.

ترعرعت في أحضان أسرة كُردية وطنية مناضلة, والدها الشهيد كان عاملاً في مصفى (الوند) للنفط, رضعت الكُردايتي مع حليب أمها, حيث كان والدها الشهيد يحدثها دائماً عن الكُرد وكُردستان, عن انتفاضات وثورات بارزان وجمهورية مهاباد والمسيرة المعجزة إلى الإتحاد السوفييتي آنذاك, كانت ليلى قاسم حسن الصبية الوحيدة التي اقتحمت مدرسة قريتها الصغيرة رغم كل العقبات وأنهت المرحلة الابتدائية بتفوق وأرسلها والدها إلى مدينة خانقين لمواصلة الدراسة فأنهت المتوسطة (الإعدادية) ثم الإعدادية (الثانوية) بتفوق لتتوجه إلى بغداد وتنتسب إلى (كليـة الآداب – جامعة بغداد – قسم علم الإجتماع) عام 1972م.

في عام 1970م. انتسبت إلى صفوف الحزب الديمقراطي الكُردستاني وبدأت تناضل بكل حماس مع كوكبة من رفاقها الشبان المناضلين وفي مقدمتهم شقيقها (سلام) معلمها الحزبي ورفاقها (جواد فيلي – نريمان فؤاد – حسن حمه رشيد – وآزاد وقاسم) وذلك بعد اتفاقية 11 آذار 1970م. التي تضمنت الإعتراف بالحكم الذاتي لكُردستان.

اتصفت الشهيدة ليلى بالذكاء الوقاد و الوطنية والإخلاص والأدب والحياء والجرأة والإقدام في إتخاذ القرارات الحاسمة, تحركاتها السياسية وحيويتها ونشاطها المنقطع النظير, وانجازها الواجبات الوطنية المنوطة بها بسرعة ونجاح خارق دون خوف أو تردد كل هذا جعلها محط أنظار ومحبة واحترام الجميع لمن يود التقرب منها والاستماع إليها وحضور الإجتماعات التي كانت تديرها, لكن هذا وضعها أيضاً تحت مراقبة الأجهزة القمعية وكلاب الحراسة النتنة, وخاصة في العام 1974م. حيث تراجع النظام العراقي عن الإعتراف بتطبيق بنود قانون الحكم الذاتي ولما لم تيأس وتابعت نشاطها الحماسي, ألقت الأجهزة القمعية القبض عليها واعتقلتها مع أربعة من رفاقها المناضلين المؤمنين بالحزب الديمقراطي الكُردستاني وقائدهم البارزاني الخالد وألقوا بهم في زنزانات سجن أبي غريت السيء السمعة والصيت, ولم تستطع كل أساليب التعذيب الوحشي أن تنال من إرادتهم الفولاذية ولم يفضِ أحدهم بسرٍ حزبي ولو صغير مطلقاً, وبذلك أصبحت ليلى قاسم (عروس كُردستان) حديث الناس بسبب وطنيتها وشجاعتها واتجاهها السياسي وعشقها للكُرد وكُردستان وإيمانها المطلق بقيادة البارزاني الخالد.

محاكمتها وتنفيذ حكم الإعدام فيها:
أودعت المناضلة الشهيدة ليلى قاسم حسن في زنزانة منفردة في سجن أبي غريب وبعد محاكمات صورية حُكِمَ عليها بالإعدام شنقاً حتى الموت, وقبل تنفيذ حكم الإعدام فيها زارتها والدتها وشقيقتها (صبحية) في السجن فأذرفتا عليها الدموع فكان أن طلبت منهما عدم البكاء وطلبت منهما وهي تبتسم كما عادتها دائماً غير خائفة من الإعدام, إحضار ملابس كُردية مع مقص لقص شعرها حسب رغبتها لدى الزيارة الثانية والأخيرة, سألتها اختها عن سبب هذا الطلب وما نية ليلى بعد احضار اللباس والمقص؟!

ابتسمت ليلى وكأنها ليست قاب قوسين أو أدنى من أجَلِهَا وستبقى تناضل مدى الحياة وأجابت أختها قائلة: (أختي العزيزة كما تعلمين سأكون ضيفة على أرض كُردستان التي عشقتها, وستتقبلني وتحضنني بحنانها وعطفها, أنا شرف كُردستان, حين تستلمون جثتي أرجو أن تهللوا لي ونشدوا بالبارزاني البطل وأطلب حمل لقب (عروس كُردستان) وأن تصبح زلفي رمزاً للنضال وهدية دائمة لعائلتي ورفاق نضالي والنهج الذي سلكته وتحت خفايا الزلوف خبأت أسرار حزبي).

وفي صبيحة يوم (13/أيار / 1974م.) حضر الجلّادون المتوحشون, وأحضروا عروس كُردستان بملابسها الكُردية وكأنها مقبلة إلى حفل عرس بهيج ومعها رفاق دربها يسيرون نحو المشنقة برؤوس مرفوعة وهم يهتفون: (عاشت كُردستان, عاش البارزاني, الموت للطغاة والفاشست) وكان هذا قبل أن تُلَف حِبال المشنقة حول أعناقهم.

ماذا قالت الشهيدة ليلى وماذا فعلت قبيل إعدامها؟:

تقدمت الشهيدة ليلى قاسم بكامل أناقتها مرفوعة الرأس نحو حبل المشنقة وهي تردد بأعلى صوتها السلام الوطني الكُردستاني (ئه ي ره قيب) وتهتف المجد والخلود للكُرد وكُردستان والبارزاني والبارتي, وابتسمت ساخرة من الجلّاد الذي وضع حبل المشنقة حول عنقها وهي تقول: (بإعدامي لن تنالوا من عزيمة شعبي ففي كُردستان ملايين مثل /ليلى/). المجد والخلود للشهيدة ليلى ورفاقها الأبطال, وانطلقت روحها نجمة متلألئة في سماء كُردستان, وتبقى مدرسة للكُردايتي والنضال.

ماذا قالوا في ليلى قاسم حسن؟

– زميلة لها تقول: (كانت ليلى فتاة مثالية في نظر الجميع, يكنون لها الإحترام والحب لأنها كانت تشاركنا الآلام والأحزان التي نعانيها بسبب أفكارنا, كانت تحترم آرائنا وكانت متمسكة بقضية شعبها وشعارها (كُردستان أو الموت).

– صّرح الطبيب المشرف على مراسيم عملية الإعدام قائلاً:

(حين وضعوا حبل المشنقة في عنق ليلى كانت تضحك وتستهزئ بالجلّاد قائلة: (أيها الطغاة أنتم مخطئون جداً بأن عملية شنق بنت كُردية سوف تنهي الروح القومية لدى الكُرد, فكل كُردية هي ليلى قاسم أخرى وشارة للشجاعة والنضال والمقاومة).

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “274”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى