محليات - نشاطات

في عامودا… “Danûk” يعود للواجهة مجددا

Yekiti Media

لا يزال طقس إعداد السليقة “Danûk”، أي سلق حبّات القمح، واحد من أهم صور التراث لبعض أهالي عامودا وريفها، وينتظره الأهالي في مثل هذه الأوقات من السنة.

مازال بعض الأهالي يحتفظ بالكثير من العادات والتقاليد الموروثة من الآباء والأجداد، ومنها عادة سلق القمح، والتي يسعون من وراءها الى تأمين مؤونة الشتاء من القمح والبرغل بأنواعه، لإعداد الأطعمة التي يدخل فيها القمح
فبعد انتهاء موسم الحصاد والدراسة بالبيادر ومن ثم جمع الموسم، تقوم النسوة بتحضير قسم من محصول القمح للسليقة، فتقمنَ بتنظيف وتنقية القمح المعدّ لذلك من الشوائب مثل الحصيات الصغيرة والأتربة والحبوب الغريبة.

وعن طقس السليقة تتحدّث أم انور: ننتظر السليقة من العام إلى العام، فمع انتهاء موسم الحصاد وجمع حبوب القمح، ننتظر الأجواء المناسبة ليوم السلق، ويفضل أن يكون الجو حاراً نسبياً مع قليلٍ من الهواء كي تجفّ حبات القمح المسلوقة بسرعةٍ، ما يساعد في الحصول على مادة البرغل الناتجة عن طحنها بمواصفات جيدة لا تشوبها الرطوبة أو العفونة.

مضيفةً: قبل عملية السلق نقوم بغربلة القمح وتنقيته من الشوائب العالقة كالحصى وغيرها ثم ننظّف سطح المنزل لفرش السليقة عليه فور سلقها لمدة يومين أو ثلاثة ثم تجمع ويعاد تنقيتها بشكلٍ أدق.

ويمكن وصف عملية سلق القمح بالطقس القروي والريفي الخاص، وأهم ما يميّز ذلك الأجواء العائلية التي تسود العمل
وعن طقس السليقة، بين الماضي والحاضر، تشرح الجدة أمينة بأنّ أهالي القرية بكبارها وصغارها كانوا يجتمعون قديماً للسليقة، حيث كانت أسطح البيوت متلاصقة، فيفرشون الحنطة عليها من أول بيت لآخره وتجتمع الصبايا والشباب لنقل القمح إلى سطح المنزل ويساعد الجيران بعضهم بعضاً، ويفضّل الكثير من الكبار والأولاد تناول سليقة القمح مباشرةً بعد النضج؛ لأنها تمتاز بالكثير من اللذة، ولها نكهة خاصة ومميزة، ويفضّل الأولاد إضافة القليل من السمن والملح.

أبو محمد من أهالي عامودا تحدّث ليكيتي ميديا بأنه يحبّذ البرغل الناتج عن السليقة في قريته، على ذلك الذي يشتريه من المتجر، فيقول: إنّ للبرغل المسلوق، منزلياً، نكهة خاصة، و وجوده في مؤونة البيت بركة، وخاصةً عندما يكون ناتج ما زرعناه وحصدناه، فتحلو مائدة الطعام بأصنافه المتعددة، ما يوفّر على العائلة من الناحية المادية إضافةً لقيمته الغذائية الكبيرة.

ولكن مع الوقت بدأت هذه الظاهرة تقلّ بين الأهالي؛ وذلك بسبب ارتفاع أسعار القمح، وقلة الإنتاج المحلي، فقد وصل سعر كيس القمح هذه السنة الى 250 ألف ليرة سورية، بالإضافة الى أنّ عدد الافراد عند أغلب الأسر قد قلّ عن السابق، فاعتمد العديد منهم على البرغل الجاهز من جميع أنواعه.

تقول السيدة نرمين ليكيتي ميديا: إنّ عائلتها تتكوّن من خمسة أفراد، فهي لا تستطيع سلق البرغل؛ وذلك بسبب مراحلها المتعبة من أعمال التنقية والسلق والجرش .

في ظل الأوضاع الاقتصادية والمادية الصعبة للمواطنين، تعود عادات وتقاليد شعبية كثيرة للواجهة، لاسيما المتعلقة بالمؤونة خلال فصل الصيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى