قسد ولعبة شد الحبل بين أمريكا وروسيا..
فؤاد عليكو.
لاشكّ أنّ قوات سوريا الديمقراطية وحاملها السياسي، حزب الاتحاد الديمقراطي pyd، يعيشان الآن في وضعٍ لا يحسد عليه، إن لم نقل في مأزق حقيقي حول كيفية التعامل مع القوتين العظيمتين عالمياً، اللتين شاءت الظروف والوضع الجيوسياسي المعقد في سوريا أن يتواجدا معاً، عسكرياً، في بقعة جغرافية صغيرة، لدرجة أن تصطدم آلياتهما العسكرية على طريق واحد، كما حصل في الرميلان، أو حتى التشابك بالأيدي كما حصل في بلدة تل تمر، علماً أنّ لكلّ دولة أجنداتها الخاصة، المختلفة عن الأخرى سياسياً حيال الأزمة السورية، فأمريكا تقف إلى جانب المعارضة وتدعمها سياسياً ومادياً الى حد ما في مواجهة النظام ، إضافةً إلى فرضها عقوبات قاسية من جانب واحد عليه (قانون قيصر)، وتضغط على الدول الراغبة في بناء علاقات مع النظام لمنعها من ذلك، كلّ ذلك من أجل الضغط على النظام بغية إرغامه على الحل السياسي الدولي للأزمة السورية وفق القرار الدولي 2254 ، وتماشياً مع هذه الرؤية فهي تضغط على قسد وpyd بالذهاب عملياً إلى صف المعارضة السورية من خلال البدء بتوحيد الموقف الكُردي اولاً، كنقطة انطلاق لفتح حوار أشمل مع القوى العربية سواءً في شرق الفرات أو غربه، وإذا ما تحقّق لها ذلك فإنها ستحقّق عاملين هامين، الأول: تشكيل جبهة عريضة في مواجهة النظام و روسيا من حيث المساحة الجغرافية التي ستصبح بحوزة المعارضة والتي تعادل 40% من مساحة سوريا ووجود كتلة سكانية سورية تقدّر ب 14 مليون نسمة والتي تعادل 60% من سكان سوريا اذا ما أضيف إليهم اللاجئين السوريين في تركيا، وهذا ما سيحقّق التوازن الجيوسياسي بين النظام والمعارضة، وما يترتّب على ذلك من تقوية الموقف الأمريكي بشكل ٍكبير في التعامل مع الأزمة السورية أمام روسيا وحلفائها.
والعامل الثاني: فإنّ التقارب بين المعارضة وقسد سيفضي بالضرورة إلى التفاهم بين قسد وتركيا أيضاً، وهذا ما تسعى إليه أمريكا منذ فترة طويلة، للتوافق بين حليفيها، الاستراتيجي( تركيا) والمرحلي (قسد)، وما تسبّب ويتسبّب ذلك من خلافات كبيرة بين تركيا وأمريكا حول ذلك، لكن الصعوبة تكمن في رفض حزب العمال الكُردستاني pkk صاحب القرار النهائي ل pyd وقسد في الذهاب بهذا التوجه، بدون وجود تفاهم بينه وبين تركيا، وهذا مستبعد ضمن الظروف الحالية، لذلك يفضّل pkk التعامل مع النظام على التعامل مع تركيا ،خاصةً وأنه – pkk – رسّخ علاقاته مع إيران والحشد الشيعي في العراق.
أما روسيا فإنها تنطلق من رؤية متكاملة واضحة المعالم في وقوفها إلى جانب النظام بكلّ امكاناتها العسكرية والسياسية، وعملت وتعمل باستمرار على سيطرة النظام على كامل الجغرافيا السورية، بغية تأهيله دولياً من جديد، وعليه فأنها تضغط على قسد و pyd بالذهاب الى الحوار مع النظام، على غرار ما حصل مع العديد من المناطق السورية، كريفَي دمشق وحمص ودرعا دون تقديم ضمانات وتوفير للخصوصية الجغرافية لقسد خارج إطار الدستور المعمول به حالياً ،وهذا يعني التفاهم مع النظام في إطار قانون الإدارة المحلية المعمول به حالياً ، الأمر الذي لا يستطع قسد و pyd قبوله بعد كلّ التضحيات الكبيرة التي قدّموها ، وبالتالي فإنّ رفض المقترح الروسي كلياً يدفع بروسيا إلى التلويح بسحب يدها من الالتزامات الموقّعة بينها وبين تركيا في 2019 لوقف التدخل التركي في سوريا وترك مصير قسد عرضةً للتدخل التركي، كما حصل في عفرين عام 2018، خاصةً إذا علمنا أنّ معظم مناطق الشريط الحدودي ومنطقة الشهباء خاضعة للحماية الروسية.
على ضوء ما تقدّم يتضح جلياً المأزق الحقيقي ل قسد وpyd فمن جهة لايستطيع التوقيع مع النظام كما يريده النظام و من جهة أخرى لا يستطيع التفاهم مع الائتلاف وتركيا كما تريده أمريكا بسبب رفض pkk للفكرة ، وعليه فإنّ المرحلة المقبلة حرجة جداً وحبلى بتطورات جديدة، وقد يكون التفاهم الأمريكي/الروسي حول حل الأزمة السورية بشكلٍ عام مخرجاً مقبولا ل pyd من هذا المأزق.
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 294