قصة ملعقة الخشب.. من طهاة الملوك إلى مكافأة التلاميذ
من أشهر أقوال جداتنا في مجال الطهي أنه من أجل تحضير طبق لذيذ فأنت بحاجة إلى القليل من حبات الثوم، وبعض القطرات من زيت الزيتون، وملعقة من خشب. فلطالما اعتبرت ملعقة الخشب في المطبخ القديم عنصرا أساسيا فيه، إذ كانت تعد أفضل ما يمكن أن تحرك به ربة المنزل المربيات على أنواعها، أو أطباق اليخنة والمجدرة والكشك وغيرها من مكونات المائدة اللبنانية العريقة، كما أننا نحمل لها في ذاكرتنا صورا من طفولتنا السعيدة.
حصدت ملعقة الخشب شهرة واسعة على مر الزمن، فهي إضافة إلى كونها الأداة الأكثر استعمالا في مطابخ الملوك والأمراء، فقد تم استخدامها كرمز للدلالة على فشل البعض في دراستهم أو في ممارستهم الرياضة.
ففي بريطانيا مثلا وفي القرن الثامن عشر بالتحديد كانت توزع في المدارس للتلاميذ الذين لا ينجزون امتحاناتهم بنجاح، فيكون مجموع علاماتهم المدرسية دون المستوى المطلوب. وبعدها انقلبت المقاييس لتصبح هذه الملعقة بالذات مكافأة تقديرية للتلامذة الذين يتمتعون بشعبية كبيرة بين زملائهم.
ورغم كل الشهرة التي نالتها ملعقة الخشب على مر الزمن، ورغم التاريخ الذي تحمله في طياتها، فإن هذه الملعقة بدأت تنسحب رويدا رويدا من مطابخ ربات البيوت اليوم، كونها لا تتطابق مع مواصفات المطبخ النظيف والسليم. فموقع ملعقة الخشب اختلف تماما بين الماضي والحاضر، إذ صارت من أدوات المطبخ غير المرغوب فيها كما يؤكد خبراء الطهي في المطبخ العصري. فهي برأيهم ناقلة سهلة للبكتيريا من طبق إلى آخر، فباستطاعة مادة الخشب أن تخزن البكتيريا في جوفها وفي شقوقها بشكل كبير.
ويقول الشيف مارون شديد عن هذا الموضوع: «برأيي إن الملاعق الخشبية يجب الا تستعمل في المطبخ بتاتا، فالخشب مادة تمتص السوائل بسرعة، كما أنها تتأثر بالرطوبة والحرارة ومذاق الطعام، فمن خلال رائحتها التي تعلق عليها، نستطيع أن نتعرف إلى نوع الطعام الذي حضرناه مسبقا فيها».