كردستان سوريا و المدافع الفاشل
إن قضية الصراع في كوردستان سوريا حقيقة على أرض الواقع و لا يمكن القفز عليها لأنه هناك المستفيدون من هذا الصراع مادياً و نفوذاً و جاهاً يستمدون دعمهم من الذين لا يقرؤون التاريخ و حقيقة الصراع قراءة واقعية، و هؤلاء يملكون القوة المتحكمة بالأرض من سلاح و عتاد و مال متدفق من أنظمة و حكومات و يملكون كل شئ ما عدا إرادة المصالحة الكوردية من أجل المصلحة الكوردية، إذاً هم أقوياء من جميع النواحي و لكنهم ضعفاء أمام إقامة الصلح و الإبتعاد عن الصراعات داخل المجتمع الكوردي و هذا ما يجعل قضية الطرف الآخر من المجتمع الكوردي المعادي لمنطق القوة و الميال إلى مصالحة وطنية من أجل خدمة القضية الكوردية خاسرة لا محال و هذا ما يجعل الطرف القوي التعمد على الإستفزاز ليضطروا إلى المجابهة معهم ليعطي لهم الذريعة بأنهم يحاربون المسلحين و مع أن العالم يعمل لإجتثاث الإرهاب و لو ظاهرياً و لكن هؤلاء ينجحون في إرهابهم للسكان الآمنين بإمتياز مثلما تم غلق مكاتب حزب يكيتي الكردي في سوريا و مكتب جمعية كولشينا في تل تمر بالحسكة و عمليات كم الأفواه و فرض المناهج المدرسية المؤدلجة.
إذا فكرنا بمنطق العقلانية و الواقعية لكي نفهم صراع القوى الموجودة على الأرض في كوردستان سوريا سوف نصل إلى حقيقة أن لدى ب ي د القوة العسكرية و الأسلحة بجميع أصنافها و كذلك لديها نفوذ و علاقات مع بعض الأنظمة الأقليمية و لديهم أعلام قوي متمثل بعدة قنوات فضائية تعمل ليل نهار لصالح سياساتهم و مشاريعهم و مع ذلك يسعى هذا الحزب أن ينتزع بالقوة و بأي شكل من الأشكال و لو بالإرهاب و المداهمة على سلب حقوق من ليس متفقاً معهم سياسياً أو حزبياً و هذا ما يعكس الأسلوب العنفي و السلوك الفوضوي و المشاغبة لحقيقتهم.
إن الطرف الآخر المتمثل بالمجلس الوطني الكوردي في سوريا طرقوا أبواب المصالحة كثيراً سواء في قامشلو أو هولير أو دهوك و لكنهم لم يجنوا من الطرف الآخر المتمثل بال ب ي د إلا مزيداً من العنف و الإعتقال و حالات الطرد خارج الوطن و الهجوم على المكاتب الحزبية و إغلاقها كما حصل مؤخراً مع مكتب حزب يكيتي و مكتب كولشينا للمرأة بالإضافة إلى قرارات مصادرة أملاك المشردين و المهجرين، و لكنهم يجب أن يدركوا أن طريق النضال لا زال طويلاً و متعب و محفوف بالمخاطر و الإحباط أحياناً و ما دام المجلس الوطني الكوردي ضعيف في هذه المرحلة فإنه لا بد من تحمل المشاق و الصبر لأنه ليس لديه خيار غير ذلك و ما دامت قوى الأمر الواقع تنفذ أجندات أقليمية لا علاقة لها بالمصلحة الكوردية فلن ترد الحقوق الكوردية و لن تتحرر الأرض الكوردية و إن هم تشدقوا بذلك لأن شعاراتهم البراقة و عباراتهم اللفظية ما هي إلا سحابة صيف خادعة، كما يجب أن ننتبه بأن هؤلاء بينهم الكثير من الإنتهازيين الذين جعلوا من قضيتهم حجة لتحقيق مآربهم و أهدافهم التي لا علاقة لها بالقضية الكوردية أساساً بل يعملون لتمرير أهداف الآخرين من خلال قضيتنا العادلة و لذلك يسعون إلى خلق الفتن هنا و هناك و ما الإحتجاجات و المظاهرات في كوردستان العراق إلا دليل دامغ على إتفاق مسبق بين القوى التي رمت بنفسها في أحضان إيران لتخريب المنطقة الكوردية و لأن القضية الكوردية لا تعنيهم كثيراً و يعملون ليل نهار على إلغاء الوطن الكوردي بالكامل و هم مستعدون لبيع قضيتهم بكل ما فيها وطناً و شعباً لتحقيق غاياتهم الشخصية و لذلك إختارتهم إيران لهذه المهمة.
إن أخطر ما يحيط بالقضية الكوردية و في كافة أجزاء كوردستان هو استعداد البعض للمساومة على قضيته العادلة التي أريقت الدماء من أجلها منذ مئات السنين و الإختلاط ما بين مضح للقضية بكل ما يملك للدفاع عنها و ما بين العميل السياسي و العسكري الذي يسخر نفسه من أجل خدمة الآخرين و تحقيق أهدافهم مقابل إغراءات وقتية لكي يجعلوا من القضية قضية جهوية و حزبية أو حتى طائفية و هذا ما يشكل قمة الخطورة على المستقبل الكوردي و إذا لم يهتم الكورد بالخطورة و يضعوا الحلول المناسبة لها فسوف يجد الأعداء ثغرة كبرى في تجذيرها و تكريسها لتخرج من حالة المشروع إلى حالة التنفيذ و التطبيق العملي و سوف نكون من الخاسرين و بالتأكيد جميعنا لأن المدافعين عن قضيتنا العادلة هم مدافعين فاشلين لأن من لا يقدر و لا يحترم شعبه و يحاول تشريدهم و ملاحقتهم و كم أفواههم و مصادرة أملاكهم و يجعل أبنائهم وقوداً في معارك لمصلحة الآخرين سوف يكون دفاعه خاسراً في النهاية لا مجال و يكون منبوذاً من شعبه و عدوه.
مروان سليمان
07.11.2015