“كوباني” بين الوجود الكُردي والمصالح التركية
ولات العلي
إذاً تمكنت الحكومة التركية من تحويل بوصلة حزب العمال الكًردستاني جنوباً بنسبة 45 درجة مئوية، أو أقل من ذلك خارج حدود تركيا، وبالتحديد تجاه مدينة “كوباني”، بعد أن كانت فوهة بندقياتهم متجهة إلى “أنقرة”، رغم صومها عن إطلاق النار تنفيذاً لإتفاقية السلام بين حكومة أردوغان وحزب العمال الكُردستاني التي تنازل خلالها الأخير عن حلم كُردستان مقابل الإفراج عن “قائد الحزب عبدالله أوجلان”
800 مقاتل كُردي من الغريلا- قوات حزب العمال الكُردستاني- دخلوا أراضي كوباني، للدفاع عن حرمتها تلبية لنداء حزب العمال الكُردستاني واستغاثة المدينة من إرهابي داعش، الذين بسطوا سيطرتهم على أكثر من عشرة قرى شرقي كوباني وغربها وباتوا على مشارف المدينة.
800 كردياً، من الغريلا، أو حتى لو كانوا مدنيين من كُرد الشمال، لن يستطيعوا تجاوز اسلاك الحدود مع سوريا بدون عِلم الجندرمة التركية وموافقتها؛ تركيا التي سمحت في بداية الثورة بتدفق المئات لا بل الألاف من الإسلاميين إلى سوريا، للوقوف في وجه تمدد حزب الاتحاد الديمقراطي – ب ي د – بشكل أساسي ؛ هاهي اليوم تجنى ثمار أفعالها، واضعة الكُرد بفوهة النار في مواجهة طموحات “داعش” الإرهابية.
ربما سيطرة “داعش” على كُوباني تعني للأتراك وصول “دولة الخلافة المزعومة” إلى حدودهم مباشرة، وهو ما تخشاه أنقرة، تمدد داعش داخل الأراضي التركية، وعليه يعمل أردوغان بشتى الطرق التودد للكُرد، داعما أياهم أو بمعنى أخر تفادى موجهة طموحاتهم القومية ولو مؤقتاً.
وخاصة أن سماح تركيا باجتياز قوات الغريلا حدودها إلى كوباني أو التغاضي عنه، جاء بالتزامن مع الزيارة التي قام بها رئيس أقليم كُردستان مسعود البارزاني على رأس وفد وزاري إلى أنقرة.
على أية حال، الكُرد باتوا الحليف الأبرز لتركيا، ليس طمعاً بخيرات كُردستان فقط، بل حاجة ورغبة منها بأن يكون الكُرد كبش الفداء في أي مساومة مستقبلية مع الأطراف الأقليمية، ولحين ذاك الوقت سيكون الكُرد الحاجز الذي يقي أحفاد أتاتورك من فوضى الدول العربية وإرهاب “دواعشها”، لذا على الكُرد استغلال هذه الحاجة والفوضى لتثبيت أقدامهم كي لا يسيلوا مع فيض الإرهاب الذي يتدفق على المنطقة
وإن كانت “كركوك” قلب كُردستان، فإن “كوباني” الرئة التي تجلب لها الحياة، وحينما يكون أمنها على المحك، فالوجود الكُردي مهدد، وعليه ينبغي ايجاد تسوية ولو مؤقتة للتركيبة السياسية الكُردية الهشة، كي لا تكون حجر عثرة في وجه حماية المقدسات الكُردية، لأنها ستكلف الكُرد الكثير من الدماء، وكم ستكون كلمة “لَــو” مؤلمة حينها.