آراء

لماذا نظام الملالي في طهران، سيسقط؟

د. محمد جمعان

وصف الكاتب الصحفي مصطفى أمين الديمقراطية والديكتاتورية بالشكل التالي:

الديمقراطية هي: شعب يراقب وبرلمان يحاسب وصحافة تنتقد.

الديكتاتورية هي: شعب يهتف وبرلمان يصفّق وصحافة ترقص. الديكتاتورية هى زفة لا تنتهي وطبول لا تسكت ومزامير لا تتوقّف.

والديمقراطية هي بحث ودرس وعلم وخبرة وحوار ونقاشات.

الدكتاتورية هي أقواس نصرٍ تُقام، وأعلام تخفق، وثريات تتدلّى .

والديمقراطية هي أسئلة واستجوابات ولجان تحقيق برلمانية، ومبارزة أفكار تُعلن على الشعب.

في الديمقراطية أيد تعمل وتبني وتنشئ وتكتب وتخطّط، وفى الديكتاتورية الأيدي مشغولة بالتصفيق والحناجر تدوي بالهتافات، والشوارع غاصّة بالمظاهرات والمكاتب مغطّاة باللافتات ولا وقت عند الحكّام للتفكير، فإنّ أي رأيٍ يموت في ضوضاء الطبول والزمامير.

وهكذا علّمنا التاريخ أنّ الأنظمة الدكتاتورية والتي تُبنى على العنف وإلغاء الآخر لا تدوم؛ لأنها وفي التجارب العالمية ليست تشاركية ومحطّمة للثروة والبشر، تلك الأنظمة تحاول أن تبني مجتمعاً على نمطٍ واحد للتفكير، وأسلوب حياة وأعراف وتقاليد معزولة عن العالم، وهذا يعيق المجتمعات في تقدمها الطبيعي؛ لأنّ هذه المجتمعات كثيرة الجوانب والمطالب والتوجهات والأفكار.

والذي يؤكّد حتمية عدم سيرورة هكذا أنظمة أنها تعيق وتقف أمام التطور الطبيعي للجماعات، وتنبذ دور المختلف وهذا بحدّ ذاته يسبّب الانفجارات في المجتمع.

ولذلك ونتيجة حتمية التجارب البشرية في التطور وعدم قبولها بوقف ذلك التطور، فإنّ نظام طهران الذي يقف أمام التطور الطبيعي للمجتمع وحريات شعوب إيران فإنه سيسقط لا محالة ولو إلى حين …

وهناك أسباب كثيرة أخرى تجعل من سقوط نظام الملالي أمراً محتماً، منها:

إنّ العالم الغربي الذي لا يرضى بأن تحصل إيران على السلاح النووي، وسببه معروف، لأنه نظام لا يمكن الوثوق به. وما سبب إصرار نظام الملالي على الوصول لذلك السلاح الفتاك إلا دليل على أنه يريد استعماله في حروبه الدائمة… وتبريراته موجودة دائماً، إن كان ضد الكفر وللدفاع عن الله.

والسبب الآخر والذي يدلّ على أنه ساقط لا محالة، هو أنه فاقدٌ للثقة لدى شعبه.

نتيجةً للعنف الذي تمارسه ضد المعارضة، والهمجية التي سلّطها ضد مواطنيه، ويظهر هذا النظام أنه يفتك بكلّ مَن لا يقبل به، فهو يقتله بدون أية مراعاة للقوانين والأعراف الدولية أو الإنسانية.

وكذلك أفقر شعبه نتيجة خوضه لحروبٍ في شتى أنحاء العالم، من القيام بدعمه للعمليات الإرهابية عن طريق عملائه المزروعين في كل أصقاع العالم، وكذلك دعمه للأنظمة الدكتاتورية والمنظمات الإرهابية مثل النظام السوري والحوثيين في اليمن وكذلك حزب الله في لبنان وحربه المفتوحة ضد إسرائيل.

نظام الملالي يبني مجتمعاً على أسس وقوانين تعتمد على الشريعة الإسلامية وبطريقته الخاصة المقيتة التي لم تعد تصلح أو تتماشى مع المجتمعات الحديثة والعصر الحديث، هذه المجتمعات المبنية على حرية الرأي وحرية المرأة وحقوق الإنسان والخ.

نتيجةً لكل هذه السياسات المدمّرة للاقتصاد والإنسان، لقد فقد ذلك النظام ثقة شعبه وبالتالي ثار شعبه ضده ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر لم تخمد ثورة الشعب ضده في الفترة الأخيرة.

وبدأ بتنفيذ أحكام الإعدام للشباب الثائرين المعارضين، ونفّذ البارحة حكم الإعدام بحق شابٍ كُردي – مطرب الراپ الكُردي حيث أعدِم بعد فترةٍ قصيرة من اعتقاله دون محاكمة عادلة والتهمة هي: معاداة الله.

وما صدق الشباب الإيراني مع هذه الثورة بعد انطلاقتها من كُردستان، حينما قتل النظام چينا أميني، إلا حقيقة واقعة بأنه لا يهاب تلك السلطة الهمجية والتي أصبح قتل الانسان لديه شيئاً عادياً وواجباً دينياً وأخلاقياً، كما فعله ولازال يسلكه النظام السوري التابع له، حتى وصل بهم السخف والاستهتار بالإنسان إلى أن وصلوا إلى حد أنهم عندما يقتلون معارضاً أنهم يطلبون ثمن طلقاتهم من أهل القتيل.

إنني على يقين أنّ الثورة الايرانية لن تستكين، والدليل أنّ القتل المتعمّد اليومي والإعدامات لم تعد تخيف الشباب الثائر ضده.. وما الفيديوهات التي ينشرها الشباب كل يوم عن خروجهم اليومي الى الشوارع وحرقهم لصور الخميني – الدجّال والخامئيني، وما شعارهم: الموت للدكتاتور إلا دليلٌ على القهر والكره الدفين في نفوس الجماهير ضد رموز هذا النظام.

إنها لصورة معبّرة قوية للغاية عندما نرى الشاب الكُردي المعصوب العينين وهو يغنّي قبل إعدامه، أغنية: نحن لا نخاف.

لهذه الأسباب وأسباب أخرى كثيرة، يطول الحديث عنها، فإنّ الثورة الشعبية ضد هذا النظام المارق سوف تستمرّ، ولا بدّ لدول العالم الحرّ والمنظمات الدولية أن تقف بوجه هذا النظام وتطرده من المنظمات الدولية كما فعلت منظمة الدفاع عن حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة والتي ستبعده أكثر فأكثر عن المجتمع الدولي.

وما على المجتمع الدولي إلا تكثيف الضغط من خلال إجراءات محددة وسريعة:

دعم المعارضة في الداخل الإيراني، دعم المعارضة الديموقراطية والتي تؤمن بحقوق الانسان وحق الشعوب الايرانية في تقرير مصيرها.

وهكذا فإنّ حتمية انتهاء هذا النظام، نظام الملالي، وسقوطه بات قاب قوسين وأدنى، هذا النظام البعيد كلّ البعد عن روح العصر، فإنه بالتأكيد ساقط لا محالة. فهو لن يصمد أمام الهجمات الداخلية من شعبه، ومن المجتمع الدولي من الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى