لوفيغارو الفرنسية: ايران قوة اقليمية يمتد نفوذها من الحدود الأفغانية إلى البحر الأبيض المتوسط
تطرقت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في تقرير لها، لحيثيات تحول ايران الى قوة اقليمية يمتد نفوذها من الحدود الأفغانية وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط فيما القى الصراع بين طهران والرياض بظلاله على بلاد الشام.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي نشر، الأحد 26 تشرين الثاني 2017، أن “الولايات المتحدة الأميركية قد قدمت بلاد الرافدين هدية لشيعة العراق بعد أن أسقطت نظام صدام حسين في سنة 2003، علما بأن إيران قد دعمت الشيعة ضد السنة، علاوة على ذلك، رفض باراك أوباما تقديم أي مساعدة عسكرية لصالح المسلحين السنة في سوريا، في حين لم تتخل إيران عن المليشيات الشيعية في سوريا ولا عن الطائفة العلوية”.
وقالت “لوفيغارو”، أنه “ولأول مرة منذ إعلان قيام الحكم الاسلامي إيران سنة 1979، نجحت طهران في إقامة ممر إقليمي يربطها ببغداد، مرورا بدمشق، وصولا إلى بيروت، ومن الواضح أن مخاوف العاهل الأردني إزاء نية إيران في ما يتعلق بتأسيس (هلال شيعي) منذ سنة 2004، قد تم تجسيدها على أرض الواقع”.
واضافت، ان “المعارك التي تخوضها إيران داخل هذه الدول الضعيفة، قد تكللت بنجاح كبير يصب في صالحها، وفي هذا الإطار وظفت طهران ورقة المليشيات المحلية، التي تعد في بعض هذه الدول العربية أقوى من الجيوش النظامية نفسها”. وبحسب أحد الخبراء العسكريين، فقد “عملت إيران على أن تؤسس شبكة من المقاتلين الموالين لها في الداخل بهدف فرض رقابتها دون أن تحتاج إلى إرسال قواتها إلى المكان عينه”.
واكدت الصحيفة، ان “الأمر ذاته ينطبق على حزب الله اللبناني، المحتضن من قبل إيران، والذي تأسس إبان مواجهة الغزو الإسرائيلي لبلاد الأرز في سنة 1982، علاوة على ذلك، فقد باتت إيران تتحكم في الفصائل العراقية الشيعية، وخاصة هيئة الحشد الشعبي التي تأسست في سنة 2014، بهدف محاربة تنظيم داعش ويتراوح عددها بين 80 ألفا و100 ألف مقاتل عراقي”.
وأوضحت الصحيفة انه “وعلى الرغم من أن كل الفصائل الشيعية العراقية لا تعتبر موالية لإيران، إلا أن أشهر هذه القوات على غرار منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، على علاقة مباشرة “بفيلق القدس”.
ويعد فيلق القدس الذراع المسلحة لإيران خارج حدودها، ويدير هذا الكيان مجموعة من القادة الذين يعملون انطلاقا من الأوامر المباشرة من قبل قاسم سليماني، الذي يتلقاها بدوره من المرشد الأعلى، علي خامنئي.
وأفادت الصحيفة، بأن “هذه السيطرة الإيرانية في مختلف هذه الدول قد تحققت على حساب الشق السني، الذي تشوبه الانقسامات الداخلية، منذ ثورات الربيع العربي، وخاصة في ظل غياب زعيم حقيقي يتولى توجيهه، ففي الواقع، لم تستعد مصر بريقها بعد، في حين سقطت العراق في مصيدة إيران، في الوقت الذي تحتكم فيه السعودية إلى توجهات ورغبات ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان”.
وتابعت الصحيفة بأن “الطائفة السنية قد تعرضت للتهميش في كل من العراق وسوريا، ما دفعها للاعتقاد بأن تنظيم داعش يعد الكيان الوحيد الذي تفهم نوعا ما معاناتها، علما بأن هذه المعاناة قد عمقت من تعطش السنة للانتقام، ففي خضم الحرب الأهلية العراقية بين سنتي 2006 و2007، تعمدت إيران، من خلال حلفائها في بغداد، اغتيال طياري جيش صدام حسين الذين شاركوا في قصف طهران خلال الحرب الإيرانية العراقية. ولسائل أن يسأل، ما الذي ترمي إليه إيران فعلا من خلال تحريك بيادقها بعيدا عن حدودها؟. ووفقا لدبلوماسيين إيرانيين، لا يبدو أن طهران تعمل فقط على حماية مصالحها، بل تسعى أيضا إلى استعادة أمجاد ازدهار نفوذها الإقليمي في عهد الشاه قبل سنة 1979. في الوقت ذاته، لم يستبعد بعض المراقبين فرضية محاولة طهران إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية”.
وذكرت الصحيفة أن “الحضور الإيراني في المدن المقدسة العراقية، على غرار النجف وكربلاء، يغلب على الحضور العراقي ذاته، وفي هذا الإطار، قال المرجع الشيعي العراقي في النجف، جواد الخوئي، (لقد أصبحنا محاصرين)”، مشيرا إلى أن الحجاج الإيرانيين الذين يقبلون على هذه المدن العراقية الشيعية تتم حمايتهم من قبل قوات إيرانية وليس عراقية.
وفي الختام، أفادت الصحيفة أن التأثير الإيراني تجاوز حدود الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد، ذكر دبلوماسي أممي ان “مبعوثين إيرانيين تم إرسالهم إلى تونس بهدف إقناع الحكومة بالعمل على إعادة إحياء العلاقات مع بشار الأسد”.