آراء

مبدأ سيادة القانون

المحامية لافا عباس

الدساتير الوطنية وأيضاً القانون الدولي على مبدأ سيادة القانون باعتباره مبدأ سامياً يهدف إلى تعزيز السلم والأمن الدوليين بالنسبة للمجتمع الدولي وتحقيق مستوى جيد للعدالة والأمن الوطني بالنصوص والأمثلة التي وردت في القانون والعرف الدوليين وتعريفه لهذا المبدأ ، وصفَ الأمين العام للأمم المتحدة سيادة القانون بأنها “مبدأ للحوكمة، يكون فيه جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات، العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام قوانين صادرة علناً، وتطبّق على الجميع بالتساوي ويحتكم في إطارها إلى قضاءٍ مستقلٍ، وتتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويقتضي هذا المبدأ كذلك اتخاذ تدابير لكفالة الالتزام بمبادئ سيادة القانون، والمساواة أمام القانون، والمساءلة أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، والمشاركة في صنع القرار، واليقين القانوني، وتجنب التعسف، والشفافية الإجرائية والقانونية”. ((تقرير الأمين العام: سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع (S/2004/616)).

ويؤكّد ترسيخ مفهوم سيادة القانون ماورد في ميثاق الأمم المتحدة حيث تنصّ ديباجة الميثاق على أنه كأحد أهداف الأمم المتحدة “أن تبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي”. و أحد المقاصد الأساسية للأمم المتحدة في “أن تتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدّي إلى الإخلال بالسلم، أو لتسويتها”. ويبرز مبدأ سيادة القانون أيضاً في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 حيث ينصّ على أنه “… من الضروري أن تتمتّع حقوق الإنسان بحماية سيادة القانون إذا أريد للبشر ألا يضطرّوا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد …”.

وفي الدورة السابعة والستين التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أيلول/سبتمبر 2012. والذي تمثّل بالاجتماع رفيع المستوى المعني بسيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي اجتمعت فيه الدول الأعضاء في الجمعية العمومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وتمّ التعهد بتوطيد سيادة القانون. و استصدار إعلان وذلك بتوافق الآراء أكّدت فيه الدول الأعضاء التزامها بسيادة القانون وتناولت بشكلٍ موسع الجهود المطلوبة لدعم الجوانب المختلفة لسيادة القانون. ومضمون الإعلان وفحواه “سيادة القانون تنطبق على جميع الدول وعلى جميع المنظمات الدولية على قدم المساواة، بما في ذلك الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية، ويستوجب عليها أن تلتزم في كلّ ما تقوم به من أنشطة بمبادئ احترام سيادة القانون والعدالة وتعزيزهما بما يتيح التنبؤ بأعمالها ويضفي المشروعية عليها. ويؤكّد أيضاً بأنّ جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات، العامة والخاصة، بما فيها الدول نفسها، يخضعون للمساءلة وفقاً لقوانين عادلة ونزيهة ومنصفة ولهم الحق في أن يتمتعوا بحماية القانون على قدم المساواة دونما تمييز”.

وأبرز الإعلان سيادة القانون بوصفها مسألة شاملة لعدة قطاعات تربط الركائز الثلاثة للأمم المتحدة: السلام والأمن، وحقوق الإنسان والتنمية. وهذه الروابط الثلاثة بين سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والسلام والأمن والتنمية جرى تناولها بمزيدٍ من الاستفاضة في الإضافة لتقرير الأمين العام بشأن تعزيز أنشطة الأمم المتحدة في مجال سيادة القانون وتنسيقها لعام 200‪4

ومن أجل تعزيز هذا المبدأ وتطبيقه بوجه أمثل يتطلّب ذلك استقلال القضاء لتمكينه لتطبيق القانون على جميع الأفراد على قدم المساواة دون تمييز أو تفرقة بسبب العرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو التفكيير والمعتقد السياسي

والشعب السوري هو أحوج من أيّ وقتٍ لهذا المبدأ وذلك لترتيب البيت السوري بعد فترةٍ متعبةٍ من الحرب الأهلية والفوضى وعدم الاستقرار.

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 296

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى