مـن اوجـد الإرهاب؟
دوران ملكي
منذ انتهاء الحرب الباردة وتحول العالم إلى احادي القطب، والنظام الإيراني يسعى إلى السيطرة على العالم الاسلامي جزئياً أو كلياً عبر إحياء صراعات عفى عليها الزمن، وإنشاء قوى وأحزاب تعتمد الطائفية منهجاً في العديد من الدول الإسلامية وخاصة بعد خروجها من الحرب العراقية الإيرانية شبه منتصرة، وقوة صناعية عسكرية نتيجة الاعتماد على الذات والحاجة الماسة إلى التصنيع الحربي.
منذ البداية تؤسس لتصدير الثورة مستفيدة من الوجود السوري في لبنان حيث العلاقة المميزة استطاع تأسيس نقطة الارتكاز الاولى وهو انشاء حزب االله اللبناني وزيادة تعداد الشيعة في لبنان على حساب تقلص العنصر المسيحي، ولتساهم في دعم شيعة الخليج والتقارب مع الزيديين في اليمن من خلال تأجيج مشاعرهم الشيعية، وتحريك العلويين في تركيا وانشاء تحالف بينهم وبين حزب العمال الكوردستاني بمساعدة نظام الاسد في سوريا، واستطاع بالتعاون مع النظام السوري ان يبدع وسائل جديدة تواجه بها التطور الصناعي العسكري الغربي عن طريق استخدام الانسان كأقوى سلاح ضد الخصوم إذ لجأت الى تعبئته روحياً وايديولوجياً، وزجه في عمليات انتحارية بغية ضرب مصالح ومرتكزات الخصم المادية والمعنوية، وانه ارخص سلاح ولا يحتاج الى قدرات مادية كون قيمة الانسان ارخص من أي شيء.
البداية كانت استهداف قوات المارينز الامريكية بسيارة مفخخة يقودها انتحاري كسابقة فريدة من نوعها ثم تبعهامقتل العديد من الرئاسات اللبنانية يشرف عليها شبكة سرية عمادها الوجود السوري في لبنان.
كما قام النظام الأيراني بتقديم الدعم اللوجستي لتنظيم القاعدة في افغانستان، وايواء بقاياه فيما بعد والاشراف على تحركاته في جميع انحاء العالم حسب ما تؤكده
التقارير المخابراتية.
سقوط نظام صدام حسين على يد القوات البريطانية والأمريكية، وظهور بوادر خارطة طريق أمريكية للمنطقة جعلت الانظمة الدكتاتورية عرضة للهزات الجماهيرية كحالة استقواء طبيعية بالوجود الأمريكي، وكسر حاجز الخوف الذي ظل ساًئداً لعقود مما دفعت بالأنظمة إلى تطبيق ما بدأته في الألفية الماضية، إذ قامت بتحرير السجون من الراديكاليات الإسلامية المتطرفة ودمجهم مع حزب البعث العراقي المهزوم لتؤسس فصائل ذات نزعة عنصرية دينية متطرفة، استطاعت ان تعكر صفو الاجواء في العراق انطلاقاً من سوريا عبر الآلاف من التفجيرات الانتحارية التي اعدت في اقبية المخابرات كانت نتيجتها تقسيم المجتمع العراقي بشكل كامل.
كما اسست جماعات في سوريا على شاكلة القاعدة سميت جند الإسلام ويتبارز معها بين الفينة والاخرى مبرئاً ساحته عالمياً، وليضع له سهماً في مواجهة الارهاب، وجل اعماله توجهت الى العراق من منطلق مواجهة المحتل إلى ان اجبرت القوات الامريكية على الخروج من العراق.
ً مرة اخرى استخدم النظامان الإيراني والسوري ودخول النظام العراقي على الخط بعد انسحاب القوات الامريكية الفئات الارهابية في فترة الربيع العربي التي اجتاحت العديد من الدول، حيث ساهمت في تأجيج الصراعات المسلحة، وتحويل الاحتجاجات السلمية الى مسلحة واستغلالها من قبل الحوثيين في اليمن واحداث الانقلاب على الشرعية واستطاع حزب االله اللبناني السيطرة على المفاصل السياسية والاقتصادية في لبنان وتقليم اجنحة الحكومات المتعاقبة وتعطيل رئاسة الجمهورية لفترة طويلة.
وفي سوريا استطاعت ان تحول الصراع الى مسلح من خلال الايحاء الى الجماعات التكفيرية بالركوب على موجة الاحتجاجات، وتحويل الصراع الى مسلح تحت ستار الدفاع عن الثورة وفيما بعد الى صراع طاًئفي متجذر لتصبح ذريعة لدخول مليشيات متعددة تحارب الى جانب النظام لتملئ الفراغ الحاصل نتيجة الانشقاقات المتعددة في صفوف الجيش.
تحولت وجهة الثورة السورية بكاملها الى المسلح الذي يقوده في غالبيته الفصائل التي اوجدها النظام السوري ً اصلا، وتوقفت المظاهرات السلمية ودمرت المدن وانسحب النظام من الكثير من المناطق تاركا خلفه قوة اقتصادية وعسكرية هائلة من نفط وآليات وعتاد عسكري، وهذا ما زاد من نفوذ الإرهاب وتعدد اتجاهاته حتى اعلان دولة الخلافة بعد سيطرة التنظيم على مدينة الموصل بعد انسحاب القوات العراقية تاركة اموال في البنك مع عتاد عسكري قدر بمليار دولار أمريكي وإلى الآن البرلمان يلاحق هذه القضية ولكن دون جدوى نتيجة التواجد الايراني.
اضطرت الدول الغربية إلى ايجاد حلف عالمي لمواجهة ً الإرهاب بدلا من اسقاط الانظمة الدكتاتورية، ومحاسبة النظام الايراني والعراقي ودخول حزب االله والمليشيات المتعددة إلى الأراضي السورية إلى اعطاء الاولوية لمحاربة الارهاب، وهذا ما زاد من نفوذ إيران في المنطقة، واستطاع ان يساعد نظام الاسد وبمعاونة روسية على اجراء التغيرات الديمغرافية في مناطق الغوطة وحمص، وكذلك بالاستفادة من الوجود الإرهابي المصطنع.
اندحر التنظيم الإرهابي في العراق بمساعدة المليشيات الشيعية وبذلك تمت السيطرة الكاملة لإيران على المفاصل الاساسية لطرق المواصلات لتوصل إيران إلى جنوب لبنان براً.
يحكم النظام السوري جميع المناطق بشكل مباشر أو غير مباشر وان جميع التفجيرات التي تحدث والعمليات الانتحارية التي يتبناه التنظيم الإرهابي ليست إلا صناعة مخابراتية سورية إيرانية وخاصة في المناطق ذات الاقليات القومية والطائفية وكسر شوكتها وطموحها، وما سلسلة التفجيرات التي حدثت في المناطق الكردية في مدينتي الحسكة والقامشلي وفي بعض احياء التواجد المسيحي خير دليل، واخيراً استهداف ابناء الطائفة الدرزية في السويداء والتي حاولت بشتى الوساًئل النأي بالنفس إلا ان اليد الطولا استطاعت الوصول إليه.