من وحي حلبچة…
د. محمد جمعان/ قانون دولي
في عام 1988 كنتُ طالباً في بلغاريا -أدرس الحقوق، بعد قصف النظام العراقي مدينة حلبچة و أماكن أخرى في كُردستان بالسلاح الكيماوي بعدة أشهر قرأتُ في جريدة – پراڤدا – لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوڤييتي – عن كارثة حلبچة مايلي:
« تتهمُ الدول الامبريالية…. أنّ السلاح الكيماوي قد استُعمِل في شمال العراق “. – هذا كلّ ما كتبته تلك الجريدة عظيمة الشأن منذ فترة الحرب العالمية الأولى إلى بداية التسعينات من القرن الماضي، تلك الجريدة التي كانت تطبع بالملايين و تُوزّع في أغلبية دول العالم.
سياسة موسكو الحالية وبقيادة پوتين- لاڤروڤ حيال قضية الشعب الكُردي ليست بأفضل.
لقد غُرِرنا نحن جيلٌ كاملٌ بسياسة السوڤييت في تلك الفترة حول موقف الحزب الشيوعي السوفييتي من حقّ تقرير مصير الشعوب.
و الحقيقة أنّ أيّ شعبٍ لم يقرّر مصيره تحت سياستهم الدكتاتورية ، لأنّ ذلك الحزب كان ساحقاً و مدمّراً لكلّ الشعوب – نظام آمنَ بالدكتاتورية طول فترة وجوده.
و تجربتنا ككُردٍ معهم اختصرها هنا بعدة أمثلة :
– أزالوا الجمهورية الحمراء في گورنو كاراباخ عن وجه الأرض إرضاءً لمصطفى أتاتورك و تشريد أهلها و توزيع شعبها في كافة أنحاء الاتحاد السوڤييتي، فمنهم مَن مات جوعاً في القطارات و منهم مَن مات من البرد في سيبيريا . و هكذا أزيلت جمهوريةٌ بكاملها عن وجه الأرض.
– الدور الاستخباراتي للأحزاب الشوعية في سوريا و العراق و عداؤهم للحركة التحرّرية الكُردية . حيث كانت الأحزاب تتبجّح بشعاراتها عن حرية الشعوب و حقها في تقرير مصيرها في أمريكا اللاتينية و بالأخصّ التضامن مع قضية الشعب الفلسطيني ، و بنفس الوقت كانوا يحاربون أيّ مطلبٍ للشعب الكُردي في الحرية حتى حقه في تقرير مصيره، لا بل في كثيرٍ من المراحل التحمت تلك الأحزاب الشيوعية و العمالية في العالم العربي مع الأحزاب العربية الشوفينية العنصرية في محاربة حركة التحرّر الوطني الكُردستانية. بالرغم من أنّ قادة تلك الأحزاب كانوا كُرداً ، من أمثال : خالد بكداش في سوريا و عزيز محمد في العراق.
– موقف السوڤييت المتخاذل حيال جمهورية كُردستان و رئيسها الخالد قاضي محمد بعد الحرب العالمية الثانية يشبه كثيراً موقف الروس حيال عفرين قبل عدة سنوات و تسليمها للأتراك و المرتزقة.