آراء

من وحي ليلة الغدر في كوباني

محمد جمعان

جاؤوا إليكِ من كلّ حدبٍ وصوب
جاء إليك الغربان مشرّدين من أهلهم غير مرغوبين في ديارهم ..

غير معروفة هوياتهم ولا أسماؤهم ولا أصل ولا فصل..ولا مبدأ و لا هدف ..

بادروك بالقتل والذبح
كنت عذراء في عاداتك وشرفك وكرم الضيافة
فخانوا العهد
فمنهم من خان الأخوة
ومنهم من خان الدين والإسلام والعادات والتقاليد .

استباحوا في بيتك الحزينً كلّ شيء ..

سمّوك عين الإسلام وعين العرب وحتى لكنتك الكوبانية الخاصة شوّهوها فمنهم مَن فعل ذلك من أجل الله ومنهم من أجل حياة القائد ..

جاؤوك من شمال الوطن وشرقه وجنوبه باسم الحماية والأخوة والديموقراطية ، ليوجّهوك إلى الطاعة العمياء للسروك الأوحد، لقد غيّروا فيك الشال والشاپك حتى الأعراف استباحوها بأسماء غير معلومة.

فإن لم تطع فالويل لك فإما السجن أو الفتل أو الهروب والموت في البحار … لأنّ موطنك لم يعد يستطيع أن يحميك أو يحضنك ، فلا بدّ من مفر… فاهرب إلى الغربة والضياع بين الثقافات ..

جاؤوك من شمال العالم وغربه باسم الإسلام ،
جاؤوا إليك بالسيف، لأنك كافرة وزنديقة وعاهرة ..

وذبحوا صغاركِ قبل المسنّين على مذبحة المتهورين في رفع راية دولة الإسلام.

ولم يشفِ غليلهم، فكانت ليلة الغدر، حيث اختلط المهاجم مع الحامي والمدافع والسلطة والشعب، وكان هدف الجميع قتلك وانتهاك عرضك وشرفك .

المهاجم والمنفلت من بقاع العالم ، والإدارة هم خارج القانون والحكم،
فكنتِ أنتِ الضحية والفريسة والمحمية عليها ..

في هكذا وضع ما عليك يا كوباني الوحيدة ..ما عليك إلا تقديم الشهداء ، سمّيهم مرةً من أجل الوطن غير المعلوم معالمه عندهم أو من أجل السروك ، المهم أن تعطي الضحايا وببذخ…

نعم ضحيتِ ، وها قد زيّنوا لك مقابركِ ، وعدد اللذين تحت الأرض يفوق بكثيرٍ مما فوقها ، والميزان لازال لصالح الراحلين..

كثر عليك المفترسون ، مشتركون بهدفٍ واحد هو افتراسك وانتهاك عرضك وعذريتك.
لأنك إما كافرة ولا تتقنين لغة القرآن او لا تطيعين نداء القنديليين
فأنت بحكم الجميع مدانة.. لذلك استوجب عليك العقاب ..

لهذا وذاك من فلسفات وآيات و تبريرات فقد اتخذوا القرار، وأفسحوا لكِ المجال في الاختيار، وهذه هي روح الديموقراطية والآيات السماوية
فإما الجوع أو المشاركة في الحروب بصغارك على مذبحة الراية السوداء أو الصفراء أو الهرب أو الذهاب إلى مقبرة كوباني الكبيرة الجميلة ، التي زُينت لكي يعشقها أهلك، ، وليس الحياة. ولإيجاد التبريرات شكًلوا فيك ومنك جيشاً من المنافقين والفاسدين والمتهورين.

وأصبح المخلص والصادق فيك مهزوماً هارباً مشكوك فيه ، معزولاً خارج الحدود .
في عرف القانون أنتِ المجني عليها، لكن ذاك القانون أكله الحمار وشاركه أصحاب القرار.
ولازلتِ أنتِ الفريسة بين مخالب الوحوش وبقيت، و مازلت، موطن المأساة ..
لأنك اخترت أن تكوني كُردية، وهذه جنحة تعاقبين عليها بأشدّ العقاب وتدفعين أغلى الأثمان .

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “309”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى