هل اقتربت نهاية “حكم المرشد”؟
Yekiti Media
عملية الخلافة في إيران تتضمن مكونات رسمية وغير رسمية
وضعت التقارير عن مرض المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، مستقبل الجمهورية الإسلامية في مهب التكهنات، نظرا لدوره المحوري منذ توليه عام 1981 أعلى سلطة سياسية ودينية وعسكرية في إيران.
خامنئي، البالغ 83 عاما، والذي نجا من جراحة سرطان البروستات عام 2014، أصيب مؤخرا بمرض خطير بحسب تقارير متعددة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، عن أربعة مصادر “على دراية بوضعه الصحي”، أن الجراحة الطارئة للأمعاء التي خضع لها تركته طريح الفراش، وفي حال أضعف من أن يستطيع الجلوس منتصبا.
ويتزامن تدهور الوضع الصحي لخامنئي مع احتجاجات شعبية واسعة، تعتبر الأكبر منذ احتجاجات 2009. وبالتالي قد تضع الطبقة الحاكمة أمام أزمة أكثر إلحاحا بكثير من التفكير في اختيار خليفة لخامنئي. لكن عملية الخلافة المبهمة – والأسئلة الأساسية حول شرعيتها وانعدام المساءلة بشأنها – ستشغل النظام السياسي الإيراني لفترة طويلة إذا تمكنت من قمع الاضطرابات، وفق مراقبين.
رئيساً لإيران بين عامي 1981 و1989، ثم خليفة لمؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني منذ عام 1989، أصبح خامنئي الآن أطول زعيم حاكم في دولة شرق أوسطية.
فهل ستأذن وفاته بتحول سياسي في إيران؟
يقول الأستاذ في معهد الشرق الأوسط، بواشنطن، حسين منيمنة، لموقع “الحرة” إن وفاة الخميني عام 1989، أشرت “الانتقال من حكم ديني إلى حكم عسكري مع واجهة دينية، وعندما تنتهي مرحلة المرشد، نكون قد انتهينا من هذه المرحلة الدينية التي قد تكون تمثلت في خميني وخامنئي، وانتقلنا إلى مرحلة استتباب السلطة للحرس الثوري كمؤسسة عسكرية ممسكة بالاقتصاد وممسكة بضبط الأمن على مستوى البلاد”.
وتشير منظمة “كريتكال تريث” في تحليل إلى أن مراكز قوى النظام بدأت تتصرف كما لو أن الخلافة إما وشيكة أو جارية. وألقى الرئيس إبراهيم رئيسي خطابا متلفزا في 28 سبتمبر تباهى فيه بإنجازاته منذ توليه منصبه في أغسطس 2021. وتعهد بأن النظام سيقمع المظاهرات.
وأشار التحليل إلى أن رئيسي في خطابه بدا وكأنه يوجه نداء إلى الدوائر الانتخابية الرئيسية في النظام للحصول على الدعم في صراع الخلافة أكثر من كونه رئيسا يحاول تهدئة المظاهرات الضخمة والعنيفة.
ووقع أربعة وعشرون من قادة الحرس الثوري الإيراني الحاليين والسابقين رسالة مفتوحة يشيدون فيها علنا برئيسي لخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر.
ونادرا ما تنشر شبكة الحرس الثوري الإيراني مثل هذه الرسائل وتستخدمها للإشارة إلى موقفها السياسي من القضايا الحرجة لبقية النظام. يشير توقيت هذه الرسالة إلى أن شبكة الحرس الثوري الإيراني تسعى على الأرجح إلى الإيحاء بتأييدها لرئيسي كمرشد أعلى، وفق التحليل.
ويقول ريتشارد وايتز، المحلل السياسي والعسكري في معهد هدسون الأميركي “كان ممكنا القول قبل سنوات إن وفاة خامئني سيكون لها تأثير على دينامكية النظام السياسي في إيران، ولكن مع وجود رئيسي الآن في السلطة، ليس هناك الكثير من الاختلاف بين وجهات نظر الرئيس والمرشد لذلك اعتقد أنه لن يكون تأثير كبير على مدى القريب أو حتى الطويل”.
لكن منيمنة يرى أنه “لربما جرت تسويات داخلية، أتحدث تحديدا عن الحرس الثوري، بما يمنع صراع أجنحة وبالتالي هناك احتمالات عديدة تشير إلى أن المرشح، وهو نجل المرشد وهو مقرب جدا من القيادة العسكرية للحرس الثوري قد يكون هو المرشد القادم، وقد تم رفعه مؤخرا إلى رتبة آية الله، والمسألة تصبح هل رئيسي يرضى بذلك؟ هل هناك طموحات لرئيسي بهذا الشأن؟ حقيقة لا نستطيع أن نجزم. ولكن ربما نستطيع أن نقول إنه مرت مرحلة تمكن الحرس الثوري خلالها من ترتيب البيت الداخلي”.
وتتضمن عملية الخلافة في إيران مكونات رسمية وغير رسمية تعكس الهيئات المنتخبة وغير المنتخبة في نظامها الديني الهجين، حيث يجلس المرشد الأعلى فوق الجميع ويحتفظ بالسلطة والنفوذ الشاملين.
ويرى الأستاذ بجامعة واشنطن، بليت تود في حديث مع موقع “الحرة” أن “اختيار مرشد جديد سيتطلب بعض الوقت”، وتأثير ذلك بحسب تود، سيكون في أنه سيمنح الفرصة للمطالبين بالتغيير والمعارضين للنظام الديني في البلاد”.
وينص الدستور الإيراني على أن مجلس خبراء القيادة يرشح وينتخب الزعيم القادم. وعندما يموت خامنئي أو يصبح عاجزا، سيعقد المجلس جلسة طارئة. ومن هناك، وكما كان الحال في عام 1989، سيتم تسمية المرشحين، على الأرجح من الجمعية نفسها.
وللتحضير لعملية الخلافة المقبلة، أعلن قادة مجلس الخبراء في عام 2016 أنهم شكلوا لجنة لتحديد مؤهلات المرشح المثالي وتحديد قائمة مختصرة من المتنافسين.
وطُرحت في إيران سابقا فكرة مجلس القيادة على أنها تطور محتمل لما بعد خامنئي، إلا أن هناك حاجة إلى مراجعات دستورية لجعل هذا السيناريو أمرا واقعا. وفي الوقت الراهن، ومن دون التوصل إلى توافق في الآراء بشأن ذلك، يبدو من المرجح أن تسفر المناورات عن مرشح مقبول لدى كل من المؤسسة الدينية و”الدولة العميقة” الإيرانية، التي اكتسبت سلطة كبيرة في عهد خامنئي.
وتشمل الدولة العميقة السلطة القضائية، وبعض أعضاء البيروقراطية الدينية، والمؤسسات الخيرية شبه الحكومية، والعديد من الكيانات شبه الخاصة التي تعتبر حاسمة للتمويل، والأهم من ذلك، المكتب القوي للمرشد الأعلى، وهو كيان يمارس إشرافا مفصلا على جميع الأنظمة والعمليات السياسية في إيران.
وأشعلت النساء النار بحجابهن والمتظاهرون بصور رجال الدين، ويبدو أن التظاهرات التي اتسعت رقعتها في إيران تكسر المحرمات وتضع النظام الإسلامي القائم في طهران أمام تحد غير مسبوق.
وأطلق المحتجون هتافات مناهضة للسلطات ومزقوا صورا للمرشد الأعلى علي خامنئي ولمؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، وفق مقاطع فيديو. في حين أدى عنف القوات الأمنية إلى مقتل عشرات المتظاهرين.
ويرى الباحث حسن منيمنة أن “ما يجري من حراك في إيران يشير إلى أنه ليس بوسع الحرس الثوري أن يشهد خلافات داخلية، أي أنه قد تكون هناك خلافات داخلية، قد يكون هناك تفضيل للبعض لاسم معين، ولكنهم ليسوا في موقع رفاهية كي يتحملوا هكذا خلافات، وبالتالي في حال وقعت وفاة المرشد، الراجح أن بعضهم سيضطر للعض على الجرح، أتحدث هنا عن رئيسي الذي قد يرضى مضطرا بمجتبى خامنئي، الأرجح أن تسير الأمور منعا لانهيار ما هو مصلحة” الطبقة الحاكمة.
المصدر: الحرة