هل تخلى إقليم كردستان عن شعب كردستان الغربية؟
عدنان بدرالدين
هل بدأ إقليم كردستان العراق بمراجعة سياساته حيال كردستان الغربية بإتجاه الإعتراف رسميا بكانتونات الإدارة الذاتية الديمقراطية، تماشيا مع “متطلبات المرحلة الراهنة”، وكتمهيد لتطبيع العلاقات معها كممثل للشعب الكردي في سورية، خاصة في ضوء مايقال عن ضغوط كبيرة تمارسها إدارة أوباما وحلفائها الجدد في طهران على الإقليم الكردي لتغيير سياسته تجاه الأزمة السورية، وذلك كحلقة في سلسلة من تفاهمات الطرفين حول تسويات إقليمية تعيد إعادة ترسيم مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط؟
بعض المحللين يعتقدون بأن هذا التساؤل بات يطرح نفسه بإلحاح مؤخرا على خلفية مؤشرات عديدة تؤكد وجود تحرك في هذا الإتجاه. فحضور وفد رفيع من الحزب الديمقراطي الكردستاني مؤتمر حزب الإتحاد الديمقراطي، وكيله المديح لسياسات الحركة الأوجلانية، ولقاء السيد مسعود بارزاني بصالح مسلم للتباحث في شؤون كردستان الغربية تحت عنوان مواجهة داعش من وراء ظهر المجلس الوطني الكردي، ناهيك عن ما كشف من عقود نفطية بملايين الدولارات وقعها الإقليم الكردي لصالح الإدارة الأوجلانية، وهي عقود لن يستفيد منها الشعب الكردي في كردستان الغربية شيئا، وإنما ستسخدم بالتأكيد من أجل تثبيت دعائم السياسة الشمولية المطلقة للإدارة الأوجلانية المعلنة من طرف واحد و بتنسيق مع نظام الأسد على ماتبقى من الشعب الكردي في هذا الجزء من بلادنا، لابل أن صالح مسلم لمح إلى إمكانية قيام الرئيس بارزاني بزيارة إلى كردستان الغربية بناء على دعوة وجهها له أثناء لقاءه به مؤخرا مما سيشكل إعترافا صريحا بإدارة أنصار أوجلان الإشكالية.
هناك آراء تذهب إلى حد إعتبار أن هذه المؤشرات باتت تعطي أجوبة على كثير من الإسئلة التي ظلت طويلا مستعصية على الفهم فيما يخص علاقة الإقليم الكردي بكردستان الغربية. لماذا لم يدعم الإقليم الكردي مثلا محاولات بعض الأحزاب الكردية – تحديدا يكيتي وآزادي – تشكيل فصائل عسكرية لحماية المنطقة الكردية قبل عدة سنوات مما كان سيخلق نوعا من التوازن العسكري في الساحة الكردية السورية ؟ ولماذا إقترح الإقليم جعل المرجعية السياسية الكردية مناصفة بين المجلس الوطني الكردي والأوجلانيين الذين لم يكونوا هم أنفسهم يحلمون بأكثر من 30% منها؟ ولماذا تصر قيادة الإقليم على ربط عودة الآلاف من بيشمركة روجآفا المدربين في كردستان العراق بموافقة الحركة الأوجلانية حينما تعرف تماما أن الحصول هذه الموافقة مستحيلة؟ كما أن شماعة “حرب إقتتال الأخوة”، كما يقول الكثيرون، صممت في الإقليم الكردي بالذات، وبات يرددها بعض السذج في أوساط الحركة التقليدية الكردية، في حين أنها مجرد موضوع سخرية وتندر في أوساط الأوجلانيين الذين يفهمون ذلك على أنه ضوء أخضر للإستمرار في سياساتهم المدمرة التي حولت كردستان الغربية إلى أرض بلاشعب، وهو، حتى الآن، “الإنجاز” الوحيد لثورتهم المزعومة.
بعض هذه الإسئلة تبدو معقولة ومنطقية في حين أن بعضها الآخريتأسس على إفتراضات ومزاعم يصعب إثباتها، لكن الأكيد أن الموقف العام لإقليم كردستان العراق تجاه محنة كردستان الغربية هو بالمجمل موقف مخيب للآمال. أعتقد أن المسؤولية القومية والأخلاقية تتطلب من قيادة كردستان العراق تقديم تفسيرعن بعض من مواقفها الأخيرة خاصة فيما يتعلق بالعقود النفطية التي أشهرتها مؤسسة كردية رصينة من وزن – روداو – ، لأن هذا، لو صح، سيكون تصرفا سيئا للغاية من جانب الإقليم تجاه أخوته في كردستان الغربية الذين يعانون الأمرين من جانب سلطة الأمر الواقع الشمولية، كما أن كلمة الدكتور كمال كركوكي، وهو مناضل كردي كبير ومحترم، أمام مؤتمر حزب الإتحاد الديمقراطي جاءت دون التوقعات، علاوة على أن تسويف عودة بيشمركة روجآفا إلى وطنهم للدفاع عنه في وجه الفاشية الداعشية، وربط ذلك بموافقة الإدارة الأوجلانية على ذلك هو أمر لايمكن القبول به تحت أي طائل..
نحن لانزال حتى الآن نراهن على أن القوى الخيرة في كردستان العراق، وفي مقدمتها بالطبع الرئيس مسعود بارزاني، ستقوم بواجبها القومي والأخلاقي بنصرة الشعب الكردي في كردستان الغربية في محنته القاسية هذه. هناك حاجة ملحة وفورية لتأمين عودة بيشمركة روجآفا إلى وطنهم من أجل التصدي الناجع لإرهاب داعش وإحداث تغيير حقيقي في ميزان القوى على الأرض بما يضمن إنهاء إستفراد الحركة الأوجلانية بالسلطة، وفك تحالفها مع النظام، ووضع حد للنزيف البشري المرعب من الموت إلى الموت الذي حول كردستان الغربية إلى أرض بلا شعب، وتمهيد الطريق نحو عودة المهجرين من دول الجوار إلى بيوتهم، وخلق شروط رفع الحصار عن شعبنا نتيجة لسياسات سلطة الأمر الواقع اللامسؤولة، وتطبيع العلاقات مع الجوار الكردي سوريا وإقليميا ودوليا، والسير قدما نحو بناء سورية ديمقراطية يتمتع فيه شعبنا بكافة حقوقه القومية المشروعة.