آراء

هيبستوس وكاوا الحداد – أفروديت وخاتونا زمبيل فروش

وليد حاج عبدالقادر

وجهة نظر مقارنة
تدلّ المعطيات التاريخية والآثار ومما خلّفته التجمعات البشرية في طبقاتها المتداخلة على أنّ اكتشاف المعدن ، والذي تجسّد في صهر الحديد وتطويعه واستخدامه بشرياً قد تمّ في بلاد الحثيين بآسيا الصغرى – سهول كيليكية تحديداً – منذ القرن 17 ق .م . ومع انهيار مملكة الحثيين انتهى استحواذهم على تقنيتها وسرّها ، ولتنتشر الصناعات الحديدية في سوريا وممالك الشرق وساحل المتوسط ، هذا الإكتشاف بتطويعه واستخدامه والتي ارتبطت كحرفة باسم الإله هيفستوس أو هيفست ابن الإله زيوس كبير الآلهة وأمه هيرا ، وهو أخ لهيستيا ، ربّة الصبايا والشباب والجمال ، والإله آرس ربّ الحرب ، وهيفستوس لُقِب بربّ الحدادة والنار والصناعة والبرونز في الميثولوجيا الإغريقية ، وهو مَن شجّ رأس أبيه زيوس لتخرج منها أثينا ( مقارنةً بتحطيم كاوا لرأس ازدهاك ) ، وهو زوج للإلهة أفروديت . وتقول الأسطورة بأنّ هيبستوس قد سقط من السماء، عند ولادته، إلى قعر بركان فتشوّه جسده وصار الإله الأعرج ، وكان أقبح الآلهة منظراً ، عكس أخيه الجميل، فمالت عنه أمه ، وربّته الحوريات في البحر فحذق في الصناعة والحدادة ، وصار إلهاً للنار . وقد تزوّج هيفيستوس من أفروديت ،إلهة الجمال والرغبة، كعقابٍ فرضه زيوس عليها ، فخدعته ومالت إلى أخيه الجميل آرس مما أشعره بمرارة كبيرة ، وتقول الأساطير بأنه هو صانع باندورا كأول امرأة في الأرض ، وباني بروج أوليمبوس الإثني عشر ، أو منازل الآلهة ، وهو الذي برع في صناعة أسلحتهم ، وكذلك الأدوات التي وطّدت آلية التحكم ، وفي بعض التفاصيل والمعلومات الأوسع و المتعلّقة بهيفستوس ، والتي تتعلّق بتفوق زوجته أفروديت عليه في الأغلب ، وكذلك مما نُقل عن مظهره : إنه كان رجل ذو شعر داكن يعاني من صعوبةٍ في المشي، بسبب أقدامه المشوّهة.

وبعضهم يجعلونه كالقزم ، وقد يكون هذا مرتبطاً بمظهر عمال المناجم المحتملين ، وقد أوسم إليه صفة المزج والنار ، أما نقاط قوته وميزاته : فهو العامل المبدع ، والماكر ، وموجد المعدن ، ويقال بأنّ خيانة زوجته مع أخيه في سريرٍ كان قد صنعه هو ، وإصراره على كشفهم وجعلهم مهزلة أمام محفل أوليمبوس ، ومما يُقال في سبب عرجه بأنه كان لديه أقدام نمت بشكلٍ سيئ ، وأنّ أمه هيرا كانت تشعر بالاشمئزاز الشديد منه بعد أن وضعت مولودها ، فألقت به إلى الأرض وأصيب في الخريف . وهناك أمر مثير للاهتمام ، حيث يمكن أن يربط بهيفيستوس ذلك الحرفي الكريتاني الشهير الذي كان أول مَن سافر باستخدام أجنحةٍ صناعية . وفي الأساطير الرومانية ، يتشابه هيفيستوس مع الإله فولكان ، وهو سيد آخر في الحدادة والأعمال المعدنية . وكذلك مع كاوايي هسنكر في الميثولوجيا الكُردية وباختصار ، وبالرغم من تفصيلات متقاطعة عديدة مما ذكرته سرديات الميثولوجيا الكُردية ، ووجود أكثر من إلهة – لاوك للحرف إلا أنّ كثيراً من الأساطير العليا كُردياً تتقاطع مع مثيلاتها ، وهنا وفي خاصية هيفستوس وكاوايي هسنكر ، يمكننا ملاحظة تقاطعات رئيسية بين هيبستوس وكاوا ، وأولها هو التشارك المهني ، وذلك كأداة تغيير وتحول جوهري للبيئة والمجتمع ونمط العيش ، وأيضاً البقعة – المحيط الجغرافي حيث سهول كيليكية التي تعدّ تأريخياً بداية وكبيئة تطويع معدن الحديد ، ومن ثم ترابطها الممكن مع دشتا هسنا ، والأهم هنا هي الصراعات البينية إن في مجمع الآلهة او تحوراتها مع الشكل البشري كما كاوا وازدهاك والنمط الأسطوري ، والذي يجسّد وبتقاربٍ شديد للمفاهيم بين بيئة هيفستوس ومكانته وصراعه مع الآلهة من صلب عائلته المقدّسة ، وكذلك كاوا الحدّاد بمهنته القاسية ، وقد وضع نصب عينيه تسخير كلّ إمكاناته العضلية والمهنية لتوفير أداة صراع حديثة في صراعه مع ثعابين ازدهاك أو شخصه وما تلا ذلك من سطوة النار بإشعاله كواحدة من أهم مسبّبات كشف وإنتاج وصناعة الحديد ، هذا الأمر الذي لن ينسينا مطلقاً للإشارة الى زوجة هيفستوس أفروديت وخيانتها ، وكذلك خاتونا زمبيل فروش ، حيث يتقاطع الحدث من جديدٍ مع الصناعة والحرف ، واستناداً على أرضية تحولاتها ، انهارت منظومة العلاقات الإجتماعية ، أو بعبارةٍ أدقّ وجدت المقدمات التي ستؤدّي لاحقاً الى تفكك السابق ومن ثم الإنطلاق نحو مأسسةٍ جديدة ، وباختصار : إنّ الحرف بمختلف أنواعها فرضت ذاتها واستمرّت بعنفوانها تقاطعاً مع صعود أو هبوط أهميتها المجتمعية والبيئية كما تقاطع البعد الأسطوري لكلٍّ من هيفستوس وكاوايي هسنكر وربطها الحديد باحتراف مهنيتها وانتاجها كما البيئة والجغرافية المناطقية وأعني بها سهول ما تتسمّى وبشموليةٍ واسعة بسهول كيليكية والتي تغطّي أيضاً – دشتا هسنا – والأهم مما يتوجّب ذكره أيضاً حول إفروديت وخيانتها ، وكذلك خاتونا زمبيل فروش وسعيها لإستدراج زمبيل فروش كصانع حرفي مع التأكيد على أمرٍ هام يخصّ تحديداً صناعة السلال كأقدم حرفةٍ بشرية ..
..
– بعض المعلومات منقولة من يوكيبيديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى