أخبار - سوريا

واشنطن بوست… السعي إلى إقامة كــردستان مستقلة يدخل مرحلة جديدة

Yekiti Media

بالنسبة إلى كثيرٍ من الأكراد العراقيين، فقد حان الوقت. في وقتٍ سابق من هذا الشهر، قال مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق: إنَّ استفتاءً غير ملزمٍ بشأن الاستقلال، سيُجرى في 25 أيلول /سبتمبر. ويقول المسؤولون إنهم يريدون من أولئك الذين يعيشون داخل المنطقة التي تديرها حكومة إقليم كردستان، والناس في الأراضي التي تعاني من نزاعٍ طويل الأجل (والغنية بالنفط) التي يديرها الآن مقاتلون أكراد، وحتى الأكراد في الشتات المتضامنين، أن يشتركوا في عمليات الاقتراع، بشأن مسألة إنْ كان ينبغي أن يكون هناك كردستان مستقلة.
بالنسبة لبارزاني وحلفائه، فإنّ الاستفتاء تتويجٌ لعقودٍ من النضال والتسوية السياسية، وبالنسبة للحكومة المركزية في بغداد، فهو خطوةٌ غير مرحب بها، ويمكن أنْ تزيد من تقويض حالتها الهشة بالفعل، وبالنسبة لجيران العراق، والولايات المتحدة، فإنّه يضيف ورطةً فحسب إلى مأزقهم الجيوسياسية في جزءٍ من العالم مليء بصراعاتٍ فوضوية.
لكنّ القيادة في أربيل/ هولير، العاصمة الكردية العراقية، تصرُّ على ضرورة الاعتراف بتطلعات استقلالهم. وفي اجتماعٍ مع مجموعة من الصحافيين في واشنطن، بيان سامي عبد الرحمن، الممثل الخاص لحكومة إقليم كردستان لدى الولايات المتحدة، شرحت تشكل القضية الكردية من الناحية التاريخية الكبرى.
قالت عبد الرحمن: “هناك تغيراتٌ تجتاح الشرق الأوسط”، مشيرةً إلى الفوضى المستمرة للحرب السورية، واشتعال التوترات السنية الشيعية، والمعركة الإقليمية ضد “الدولة الإسلامية”. وأشارت إلى أنّه بعد الحرب العالمية الأولى، ووسط الاضطرابات السياسية، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، تُرك الأكراد من دون دولة. وأضافت: “حدثت تغييرات أيضًا قبل نحو 100 سنة، وكان الأكراد من المتفرجين وقتئذ، نحن لن نكون من المتفرجين مرةً أخرى”.

عــدد الكــرد في أجزاء كــردستان
هناك ما يقرب من 30 مليون كردي يعيشون في تركيا، والعراق، وإيران، وسورية. في العراق فحسب، لديهم أحلامهم في إقامة دولةٍ تدعمها قوة سياسية حقيقية، فضلًا عن التعاطف، إن لم يكن الدعم الواضح من الخارج.
كانت للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى علاقات أمنية طويلة الأمد مع حكومة إقليم كردستان؛ وكانت وحدات “البيشمركة” حليفًا حيويًّا في الحرب البريّة ضد “الدولة الإسلامية” (تنظيم داعش الإرهابي).
وسرعان ما حذرت عبد الرحمن من أنَّ الاستفتاء لن يكون له أي تأثيرٍ على وضع حركات الاستقلال الكردية في أماكن أخرى.
لم تحقق القيادة الكردية في العراق قضية الاستقلال، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، فقد وقعوا على الدستور العراقي الجديد في عام 2005، الدستور الذي أعلن أنّ العراق جمهورية فيدرالية وديمقراطية، ستشترك فيه جماعاته العرقية، والدينية المختلطة على قدم المساواة في الحكم. ولكن أزمات السنوات الفاصلة حطمت كلّ ما كان لدى الأكراد من ثقةٍ في المشروع الاتحادي العراقي، كما قالت عبد الرحمن.
ومع ذلك، وحتى بعد فوز المعسكر المؤيد للاستقلال بالاستفتاء -كما هو متوقع على نطاق واسع- قالت عبد الرحمن: “أربيل/هولير لا تخطط لإعلان الاستقلال بعد يوم واحد”. وبدلًا من ذلك، فهم يريدون الدخول في مفاوضاتٍ مع بغداد، مسلحين بتفويض انتخابي. وأضافت: إنَّ “الهدف النهائي هو التوصل إلى تسويةٍ تفاوضية مع حكومة العراق”.
مقاتلو البيشمركة الكردية يقفون في نقطة دفاعية قرب سنجار/شنكال، العراق، في 1 حزيران/ يونيو (ألكيس كونستانتينيدس/ رويترز)
هذه الحكومة التي يرأسها حيدر العبادي، ليست حريصة على التمعن في هذه الفكرة، ويصرُّ العبادي على أنَّ توقيت التصويت خاطئ، إذ قال: إنّ محاولات تطبيق الاستفتاء على المناطق المتنازع عليها، مثل مدينة كركوك ستكون غير قانونية، وهو ليس وحيدًا، وكان ثاني أكبر حزبٍ سياسي في كردستان العراق، يعارض حتى الآن الاستفتاء، وهو موقفٌ يشكّل جزءًا من أزمةٍ سياسية داخلية أوسع في المنطقة.
حلفاء الأكراد، في الأحوال العادية، غير متشوقين للأمر، إذ حذَّر الاتحاد الأوروبي من أنْ تتخذ أربيل “خطوات أحادية الجانب”، في حين أنَّ الأمم المتحدة ابتعدت عن القيام بأيّ دورٍ في الاستفتاء. وقالت وزارة الخارجية الأميركية: إنها تدعم “عراقًا موحدًا فيدراليًا ومستقرًا وديمقراطيًا”، وحذّرت من أنَّ الاستفتاء سيصرف الانتباه عن “الأولويات الأكثر إلحاحًا” لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
“هذا ما كنا نتوقعه. كنا نأمل، بطبيعة الحال، بتجاوبٍ أكثر إيجابية، لكنَّ نمط حركات الاستقلال في أماكن أخرى أظهر أنَّ هذا هو النموذج، لا أحدَ يرغب في تغيير الحدود؛ لا أحد يريد تغيير أي شيء”. قالت بيان عبد الرحمن.
ولكنّ التغيير -كما تقول هي وزملاؤها- أمرٌ لا مفرَّ منه. كما هو الحال، فسلطة الحكومة العراقية لا تمتد إلى بعيد، شمال الموصل، المدينة التي ما تزال غارقةً في حملةٍ دموية، مدعومة من البيشمركة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
حكومة إقليم كردستان، المحظوظة بالثروة النفطية، والعديد من الأصدقاء الأجانب، لها دورٌ أقوى من حركات الاستقلال في أماكن أخرى. ولديها قصة مخادعة وجذابة تريد أن تقولها: إنَّ دولةً مستقلة تكون شريكًا مقربًا لبغداد، ووكيلًا شرق أوسطي لحلف شمال الأطلسي، ودعامة الاستقرار في أرضٍ غير مستقرة. وقالت عبد الرحمن إنها ستتبنى أيضًا صيغتها الخاصة من التعددية العرقية. وأضافت بيان عبد الرحمن: “يمكنك أنْ تكون كردستانيًا أو أشوريًا أو تركمانيًا أو حتى عربيًا في أماكن مثل كركوك، ليس كل من يعيش في كردستان هو كردي”.
عراقي يخيط علم كردستان وعليه صورة مسعود برزاني، في أربيل في 8 حزيران/ يونيو (سافين حامد/ وكالة الصحافة الفرنسية، عبر صور جيتي)
وهي تعتقد أيضًا أنّ الوقت قد حان الآن للدفاع عن الاستقلال. ومن المحتمل أنْ يجري العراق انتخاباتٍ في العام المقبل، وتشير بيان عبد الرحمن إلى تهديد من حكومةٍ أغلبية شيعية غير متسامحة مرةً أخرى تتحكم في بغداد، وأثارت المخاوفَ من هيمنة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، في أجزاءٍ من شمال العراق التي يتنافس عليها الأكراد. وقالت: “إننا ندرك أنَّ إجراء استفتاءٍ ليس أمرًا خاليًا من المخاطر، لكنَّ عدم إجرائه ينطوي أيضًا على مخاطر”.
قد لا يكون الشرق الأوسط على وشك التعرف على دولةٍ جديدة، ولكنَّ بيان عبد الرحمن تقترح، بأن الفوضى في هذه اللحظة هي فرصةٌ للانفصال، وجعلت تقول: “نحن لا نتحدث عن كيبيك. نحن لا نتحدث عن إسكتلندا”. مشيرةً إلى الحركات الانفصالية المهزومة في الدول الغربية المستقرة، وأضافت: “نحن نتحدث عن العراق”.
Washington Post

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى