وباء كورونا.. امتحانٌ للإعلام بين التهويل والموضوعية
Yekiti Media
في ظل تفشي وباء كورونا عالمياً، وارتفاع عدد المصابين وضحايا الفيروس المستجد بشكل كبير، وجه موقع يكيتي ميديا هذا السؤال الاستطلاعي إلى نخبة من الإعلاميين الكُرد.
– ممّا لاشكّ فيه أنّ البشرية جمعاء أمام منعطفٍ خطير سواءً في مواجهة وباء فيروس كورونا، والذي أخذ يمسّ بنية المجتمعات ويؤثّر جبراً في إحداث تغييرات حاسمة في نمط العلاقات البشرية بينياً حتى ضمن الأسرة الواحدة، وهنا في الجانب الإعلامي وأيضاً على المستوى العالمي وأمام مهامه المتفرّعة سواءً في المتابعة اللحظية لتغطية آخر الأخبار والمعلومات، كما الإرشادات المطلوبة والتصدّي للإشاعات والأخبار الكاذبة، من هنا وبخصوص عموم كُردستان والإعلام الكُردي هل ما يقوم به يؤدّي الدور المطلوب بحجم الكارثة رغم محدودية الإمكانات؟ وكمختصّين في الجانب الإعلامي ماذا تقترحون في هذا المنحى؟
* صالح دميجر إعلامي كُردي في راديو صوت أمريكا
أعتقد أنّ الإعلام العالمي بكل أدواته ومنابره الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعلمية، أنتج كماً هائلاً من التقارير والأخبار والمتابعات الإعلامية حول انتشار ڤايروس كورونا، في مدة قصيرة جداً، بحيث استطاع أن يوصل مخاطر هذا الڤايروس إلى حياة الإنسان وكيفية التعاطي الجدّي والمسؤول معه، لدرجة أنه ّأقنع أعتى الدكتاتوريات أن ّالخطر حتمي لا محالة وأن السبيل الوحيد للحدّ من نتائجه الكارثية هو الالتزام بالعمل الجماعي على مستوى العالم بأسره ، بغضّ النظر عن الخلافات السياسية والاختلافات الثقافية والمنافسات العلمية بين مكوّنات الكون قاطبةً. لقد واجهت البشرية عبر تاريخها العديد من الأمراض والأوبئة، مخلفةً وراءها الضحايا بالملايين، إلا أنّ الفارق بينها ّوبين هذا الوباء هو الرد الجماعي وحالة الاتحاد بين البشر التي افتقدها آباؤنا وأسلافنا بسبب افتقارهم لا للمعلومة ولكن لإيصال المعلومة حول العالم. هذا باعتقادي منجز عظيم من منجزات الثورة الإعلامية في عصرنا بحيث تصل المعلومة ٍبلمح البصر الى أية بقعة صغيرة وقرية نائية في العالم.
وما الإعلام الكُردي إلا جزءٌ يسيرٌ من هذه المكنة العالمية الضخمة، ينقل ما تتناقله ويفتقر إلى ما تفتقره. أرى أنّ الإعلام الكُردي، بالرغم من محدوديته وافتقاره إلى الدعم المالي اللازم من السلطات والأحزاب السياسية، استطاع بشكلٍ من الأشكال أن يدقّ ناقوس الخطر ويوصل فكرة أنّ الابتعاد عن الأماكن الحاشدة والبقاء في المنزل هو الحلّ الوحيد والأمثل للتعاطي مع هذا الوباء.
بقي أن نذكر أنه من الضرورة بمكان، أن يستقي الإعلام الكُردي معلوماته وأخباره من مصادر موثوقة ويبتعد عن نشر أخبارٍ غير مؤكّدة واعتبار أي خبرٍ جديد “سبقاً صحفياً”.
إنّ شعبا وأهلنا اليوم هم أحوج إلى المعلومة الدقيقة منها إلى التسابق على نشر معلومة كاذبة.
العالم بأسره في حيرةٍ من أمره من هذا الوباء وأقلّ ما يمكننا فعله في هذه المرحلة المصيرية هو ضخّ الخبر الصحيح والمعلومة الدقيقة في شرايين مجتمعنا، المجتمع الكُردي الذي عانى الامرّين أكثر من أيّ مجتمعٍ آخر على وجه الارض.
* سيروان قجو إعلامي كُردي \ الولايات المتحدة
وسائل الإعلام الرئيسية في العالم الكُردي حتى هذه اللحظة تقوم بتغطيةٍ جيدة لأزمة الكورونا كونها على تواصلٍ مباشر من الجهات المسؤولة محلياً ودولياً، لذا لديها القدرة على إيصال أخبارٍ مبنية على الحقائق إلى المتلقّي الكُردي. المشكلة الحقيقة تكمن في بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم إلى حدٍٍّ كبيرٍ في نشر أخبار كاذبة حول فيروس الكورونا. معظم هذه المواقع لا تعتمد على مصادر ذات مصداقية وبالتالي نشر أخبار غير مستندة على مصادر تساهم في تشويه الحقيقة حول هذا الفيروس.
في ظلّ هذه الظروف، أعتقد أنّ أفضل وسيلةٍ لمساعدة الناس على تلقّي المعلومات الصحيحة هي الاعتماد على المنظمات الدولية التي تنشر بشكلٍ يومي أرقام وحقائق حول كورونا. كذلك التواصل المستمر مع أطباء وأخصائيين ومشاركة تعليماتهم مع الجمهور من شأنه أن يشكّل حالةً من الارتياح لدى الناس فيما يتعلّق باتّباع أفضل السبل للوقاية من هذا الوباء.
* دلشاد ملا إعلامي كُردي في قناة كُردستان 24
القلق والهلع الذي سبّبه فيروس كورونا، لم يكن سببه الوحيد هو الانتشار السريع للجائحة بين الناس، بل أسلوب تناول الحدث من قبل وسائل الإعلام كان له الدور الكبير في تضخيم الحدث وإفزاع الناس، حتى وإنْ كان الإعلام يطرح القضية بشكلٍ مدروسٍ وموضوعي، إلا أنّ السيل الكبير من الأخبار والمتابعة اللحظية لآخر المستجدّات المتعلّقة بكورونا، أغرق المتلقّين بتفاصيل الحدث.
و الإعلام الكُردي و الذي هو انعكاس للسلطة( في أغلبه ) كان مواكباً بشكلٍ جيد للخطوات السبّاقة و السريعة التي اتّخذتها حكومة إقليم كُردستان لمواجهة تفشّي الفيروس، و كان و لا يزال الأداة القوية في الترويج للقرارات الصادرة و متابع مدى التزام المواطنين لها، و تنبيههم للخطر الذي من الممكن أن يشكّله الفيروس إذا انتشر بشكلٍ كبير، و ذلك من خلال الإرشادات الدعائية، و من خلال البرامج الطبية التي استحدثت خاصةً لهذه الأزمة العالمية، بالإضافة إلى المتابعة اليومية لأخبار العالم و مقارنتها بالوضع في الإقليم و الذي يُعتبر حتى الآن تحت السيطرة بشكلٍ كبير.
لكن كما المؤسسات الاعلامية العالمية على اختلافها، لم يسلمْ الإعلام الكُردي من بعض الثغرات ومنها على سبيل المثال لا الحصر: تهويل موضوع الحجر الصحّي للعائدين للإقليم، ممْا خلق حالةً من الخوف وحدا بقسمٍ منهم للعودة بشكلٍ غير قانوني، مجتازين الحدود عائدين لعائلاتهم..!
ومن المآخذ الأخرى، تحديد مضمون برامجها وأخبارها وتوجيه المحتوى فقط للإقليم، ولم تستطع حتى الآن أن تستهدف بموادها كامل كُردستان بنفس السوية… وباعتقادي أنه لتلافي هذه الثغرات ومجاراة الأحداث بشكلٍ أكثر فاعلية، يجب أن تحوي المؤسسة الاعلامية على مختصّين في جميع المجالات المهمة، من صحة وتربية وسياسة وقانون، لطرح وتقديم الأفضل، كلِّ في اختصاصه.