آراء

• ومن جديد : المظلومية الكردية •

رد على المتزعم نارام سن الورقي
قسم 2 / ب
إعداد : ليلى قمر – وليد حاج عبدالقادر

في القسم الثاني تبيّن لنا كيف انّ اتاتورك استطاع وكنتاج لإنتصاراته الكبيرة في حرب الإستقلال ، أن يفرض على الفرنسيين والإنكليز بإلغاء اتفاق سبفر وأن ينتزع مقابلها في يوم 24 يوليو / تموز عام 1923 بلوزان اتفاقية جديدة وقّعتها كلٍّ من تركيا وبريطانيا وفرنسا ، حيث تمّ إنهاء الدولة العثمانية ، وولادة الجمهورية التركية المعاصرة محلها وباعتراف دولي . وقد تضمّنت المعاهدة 143 مادة وزِّعت على 17 وثيقة ما بين – اتفاقية – و – ميثاق – و – تصريح – و – ملحق – حوت مواداً تناولت ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقّعة على المعاهدة ، وتمّ فيها مأسسة العلاقات الدبلوماسية بينها – وفقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي
وقبل الدخول في تفاصيل هذه المعاهدة ، يجب التذكير بمسألة هامة ، وبشكلٍ خاص بعد نجاح مناورة أتاتورك بدفع الكُرد للإلتفاف حول – حركته الوطنية – التي أسّسها ، وبانَ تأثير ضغوطاته على زعماء الكُرد بعد مؤتمر ارضروم عام 1919 والتي طلب منهم بإرجاء القضية الكُردية ريثما يكتمل تحرير تركيا ، وبوعد منه على عقد مؤتمر للصلح ، باتحاد العنصرَين التركي والكُردي ، كأصحابٍ للبلاد حسب نص الميثاق الوطني ، الذي صدر عام 1920. ووعد منه بأن تعترف تركيا باستقلال كُردستان ، وبمساحةٍ أكبر وأوسع مما ورد في معاهدة سيفر . وكان عدد النواب الأكراد حينها والذين يمثّلون كُردستان في المجلس الوطني الكبير بأنقرة 72 نائباً . ووقّعت معاهدة لوزان في23 يوليو 1923 ، بين الحلفاء وحكومة أنقرة الوطنية . وبهذه المعاهدة ألغيت معاهدة سيفر . وقدّم الإنجليز والأتراك تنازلات لبعضهما ، ولم يذكر أي شيء بخصوص المسألة الكُردية ولا عن استقلال الكُرد ، سوى ما جاء في المواد ( 38 ) و ( 39 ) و ( 44 ) من الفصل الثالث :
– المادة ( 38 ) : تتعهّد الحكومة التركية بمنح جميع السكان الحماية التامة والكاملة ، لحياتهم وحريتهم ، من دون تمييز في العِرق والقومية واللغة والدين.
– المادة ( 39 ) : لن تصدر أية مضايقات في شأن الممارسة الحرة لكل مواطن تركي لأية لغة كانت ، إن كان ذلك في العلاقات الخاصة أم في العلاقات التجارية ، أو في حقل الدين والصحافة ، أو في المؤلفات والمطبوعات ، من مختلف الأنواع أم في الاجتماعات العامة .
– المادة ( 44 ) : تعهدات تركيا هذه هي تعهدات دولية ، لا يجوز نقْضها ، في اي حال من الأحوال ، وإلا فيكون لكل دولة من الدول الموقعة على معاهدة لوزان ، والدول المؤلفة منها عصبة الأمم الحق في الإشراف على تنفيذ تركيا هذه التعهدات بدقة، والتدخل ضدها لحملها على تنفيذ ما تعهدت به أمام العالم .
وأصبحت هذه المعاهدة أكبر شؤم ومؤامرة كبيرة مازال الكُرد يدفعون ضريبتها منذ أكثر من قرن ، وكلّ ذلك تمّ بالرغم من بريطانيا وفرنسا كانتا قد طالبتا الحكومة التركية : ( منح الاستقلال الذاتي للولايات التي يعيش فيها غالبية كُردية ، وتحديد حدودها بدقة ) ، ورد وزير الخارجية التركية حينها بكر سامي : ( بأن الاستقلال الذاتي لن يمنح للأكراد وحدهم ، بل بوجه عام لجميع الولايات ، وسيتمّ تطبيق لا مركزية واسعة ) . وللأسف وعلى هامش المؤتمر وقّعت فرنسا مع حكومة أنقرة اتفاقية عسكرية وسياسية واقتصادية عزّزت من خلالها مصالحها في تركيا ، وقامت بتعديل نقاط عدة من حدود الانتداب الفرنسي على سوريا 1921 . وهكذا عملت بريطانيا أيضاً ، التي ما أن ضمنت سيطرتها على ولاية الموصل ، حتى مالت الى تحسين علاقتها مع تركيا التي أعلن وزير خارجيتها بأنّ – ميزوبوتاميا ثمن بخس مقابل الصداقة البريطانية – .
وعود على بدء فإنّ مؤتمر لندن كان من أكبر الخطوات وراءً بالنسبة للقضية الكُردية ، حيث تمّ تجزئة كُردستان وتخلي بريطانيا عنها لصالح أنقرة عدا كُردستان العراق التي تقع ضمن ولاية موصل . وكان ذلك كواحدة من أكبر مخرجات معاهدة لوزان الذي استمر لحوالي ثمانية أشهر وبانقطاع لحوالي ثلاثة أشهر وبغياب أي تمثيل كُردي تلبية لرغبة الوفد التركي ، وكان جليا بأنّ هدف المؤتمر هو التفاوض على معاهدة جديدة مع تركيا ، التي رفضت الاعتراف بمعاهدة سيفر . حيث تمّ وبعد مفاوضات شاقة وطويلة تسوية الخلافات بين بريطانيا وفرنسا وتركيا . وقابل ذلك من الجانب التركي : إلغاء السلطنة وحكومة الباب العالي ، ونقل العاصمة من اسطنبول إلى أنقرة ، وإلغاء الخلافة وإعلان النظام الجمهوري في عام 1923 .
( … والآن وبعد مرور 99 عاماً على هذه المعاهدة ! وما ترتّب عليها من نتائج جيوبوليتيكية وجيواستراتيجية ليس فقط على الدول الأطراف الموقّعة عليها ، ولكن على حوض المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط ، وأمام تصاعد الجدل المثار حولها ، والذي لم يخلَ أحياناً من إقحام معلومات غير دقيقة بقصد وبغير قصد ، فقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة المعاهدة ترجمة كاملة، وإتاحتها للباحثين والمتخصصين والمهتمين بالتحولات الاستراتيجية في المنطقة، وهي النسخة الأولي الكاملة باللغة العربية، وذلك على النحو التالي .. كما ورد اعلاه ) وأدناه بعض من القسم الثاني في خاصية الجنسية :
المادة 30 :
الرعايا الأتراك المقيمون بصفة اعتيادية في إقليم مفصول عن تركيا بموجب أحكام هذه المعاهدة سيصبحون بحكم الواقع ، في الشروط التي ينص عليها القانون المحلي ، رعايا الدولة التي يتم نقل هذه الأراضي إليها.
المادة 31 :
يحق للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً والذين يفقدون جنسيتهم التركية والحصول على جنسية جديدة بموجب المادة 30، في غضون عامين من بدء نفاذ هذه المعاهدة أن يختاروا الجنسية التركية .
وعلى الرغم من ان معاهدة لوزان وقبَيل حل مشكلة الموصل في عام 192 ، لأننا نجد تسامحاً ، في بعض التصريحات الكردية فقد صرح فتحي بك ، رئيس الوفد التركي إلى مؤتمر استانبول ، الذي انعقد لحل مشكلة الموصل ، عام 1924 قائلاً: “إن هذا الوطن يخص الأُمتَين الكردية والتركية فقط . وكان ذلك مما يخدم الحكومة التركية في مسألة الموصل آنذاك .
ومع توقيع معاهدة لوزان ، بقي في تركيا فقط الأكراد والأتراك كشعبين فيها . وبعد قيام الجمهورية راى الكماليون أنه لا مكان لغير الشعب التركي فيها ، وعليه فقد اندلعت ثورة مسلحة في صباح 21 مارس 1925 ، وهو يوم الاحتفال بعيد النيروز ، أو رأس السنة عند الأكراد. ولكن وصلت قوة تركية إلى قرية بيران، حيث يقيم الشيخ سعيد الكردي، في 7 مارس 1925، فنشب القتال بينها وبين أتباع الشيخ سعيد، لسبب بسيط تافه، فانفجرت الثورة في كل أنحاء كردستان. وكان من أبرز شعاراتها ” إقامة كردستان مستقلة، في ظل الحماية التركية وإعادة حكم السلطان .
وبادر الفريق خالد الجِبرانلي، ومن معه من الضباط الأكراد، الذين كانوا خارج المكان، الذي انفجرت فيه الأحداث، إلى التوجه إلى المكان المذكور، للإشراف على الثورة، وإدارة دفة القتال. ولكن قبض عليهم، قبْل وصولهم إلى مكان الثورة ، وأعدموا من دون محاكمة. وبذلك، حرمت الثورة من اشتراك المخططين لها، والعارفين بالفنون الحربية . فقادها من لا خبرة لهم بها ولا بأسرارها ، وأخمدت الثورة وتم تقدِّيم الشيخ سعيد ورفاقه إلى المحاكمة ( محاكم الإستقلال ) التي حكمت بشنقهم ، وظلّوا معلّقين على أعواد المشانق كعِبرة لمن يعتبر ، وفر قسم من المقاتلين إلى رؤوس الجبال أو إلى الدول المجاورة .
وقد أعلن رئيس المحكمة الذي حكم بالإعدام على ثلاثة وخمسين زعيماً من زعماء الثورة ، أثناء المحاكمة في 28 يونيه 1925 قائلاً : لقد اتخذ بعضكم إساءة استعمال السلطة الحكومية ، والدفاع عن الخلافة ذريعة للثورة ؟ ولكنكم كنتم متفقين جميعاً على إقامة كُردستان المستقلة .
وعلى أثر فشل ثورة 1925 وما مارسته الدولة التركية من جرائم وسن قوانين ارتقت الى التصفيات والتهجير الممنهج وتشتيت العائلات ، عقد الكُرد مؤتمراً عام 1927 ، شهدته جميع الفئات الكُردية ومندوبو الجمعيات ورؤساء العشائر ووجوه البلاد والمراكز ، وعقد المؤتمر داخل الحدود التركية ، ودامت جلساته مدة شهر ونصف الشهر . وتشكلت جمعية خويبون – الإستقلال والتي قادت كفاحاً مسلحاً أيضاً عام 1930 في إقليم أرارات ( جبال آغري ) ، بقيادة الفريق إحسان نوري باشا . وكان السبب المباشر لاشتعالها ، اتخاذ الحكومة التركية الاجراءات اللازمة لتتريك الأكراد، والأقليات الأخرى. وقد سمحت الحكومة الإيرانية للقوات التركية باستخدام الأراضي الإيرانية لمهاجمة مؤخرة المقاتلين الأكراد . وبعد حربٍ طويلة قضي على الانتفاضة ، وقد تصوّر عصمت إينونو رئيس الوزراء التركي في خطبةٍ ألقاها في 30 أغسطس 1930 بعدم أحقية الأكراد في الاعتراف بهم: “ليس في هذه البلاد جماعة لها الحق بادعاء كيان قومي ووطني غير الجماعة التركية”.
فيما قال وزير العدل التركي محمود أسعد أورامش في خطبة له في سبتمبر 1930 : هذه هي عقيدتي ونظريتي : ليعلم الصديق والعدو حتى الجبال أن سيد هذه البلاد هو التركي . فمن لم يكن من الدم التركي ليس له في الوطن التركي سوى حق واحد ، هو أن يكون خادماً وعبداً . نحن في بلاد أكثر حرية من جميع بلاد العالم . هذه هي تركيا ولهذا أنا لا أخفي عواطفي وأحاسيسي عن أحد .
وفي الشأن السوري وتحت وصاية الإنتداب الفرنسي وبالإستناد على ( مقتطفات من مقال بعنوان الحركة الكُردية والمسيحية في الجزيرة – موقع روداو – بقلم الاستاذ سيامند حاجو ) يمكننا توثيق قضايا عديدة اهمها :
( .. بتاريخ 22 \ 12 \ 1936 تم توقيع الاتفاق الفرنسي السوري بين حكومة جميل مردم والحكومة الفرنسية في دمشق ، وتم بموجبه انهاء الانتداب الفرنسي لسوريا ، والذي لقي ترحيباً واسعاً بين صفوف القوميين السوريين والقوميين العرب . وفي إحدى مرفقات هذا الاتّفاق نصّت على منح العلويين والدروز ولواء اسكندرون نوعاً من الاستقلال الإداري والمالي إلى حدّ ما ، ولم تُمنح الجزيرة المناطق الكردية أياً من هذه الامتيازات … الإتفاق … أثارحفيظة ومخاوف أعضاء ومؤيدي الحركة السياسية الكُردية والمسيحية المطالبة بالحكم الذاتي في الجزيرة من تعرّضهم للأعمال الانتقامية والقمع والاضطّهاد .. وأصبحت تلك المخاوف واقعاً وتحقّقت .. في الانتخابات البرلمانية السورية التي نُظّمت نهاية عام 1936 ، فاز أربعة مرشحين من الجزيرة وكوباني بعضوية البرلمان ، ثلاثة من الفائزين كانوا من أعضاء الحركة السياسية الكُردية والمسيحية ، والرابع هو دهام الهادي من القوميين العرب السوريين . و – كونهم -كانوا مسيطرين على البرلمان السوري .. قبلوا فقط فوز مرشّحهم دهام الهادي ، ورفضوا عضوية الفائزين الثلاثة الآخرين … ( رغم أنّ نسبة المصوتين حوالي 75% منهم كانوا مؤيدين للحركة الكُردية والمسيحية وصوّّتوا لها … ولتخرج مظاهرات رافضة للقرار في الجزيرة وكوباني ، وتمّ إضراب عام ، ووجّه حاجو وحلفاؤه من قادة الحركة الكردية والمسيحية تهديداً بالتمرد والعصيان على حكومة مردم في دمشق . إلى أن تمّ في منتصف شهر نيسان من عام 1937 ، قبول البرلمان السوري عضوية الفائزين الثلاثة ، وتراجع عن قراره السابق برفض عضويتهم في البرلمان السوري ( من كتاب الخوري Syria and French Mandate ، والصادرعام 1987 ، الصفحة 529 ) . ولفهم أسباب ما أثاره تهديد الحركة الكُردية والمسيحية من مخاوف للحكومة السورية وحسب ما أشار إليه الأستاذ سيامند حاجو والذي ذكر مقاطع من ( .. وثيقة محفوظة في الأرشيف الوطني الفرنسي في مدينة نونت في ( S – L : C . P . 503 ) . وهي عبارة عن رسالة صادرة عن الكابتن ماير بتاريخ 31 \3 \ 1937 ، والذي شغل منصب رئيس استخبارات جرابلس حينها ، ورد فيها :
” عندما قام كل من مصطفى وشاهين بوزان بزيارة الجزيرة للقاء قادة العشائر الكُردية والمسيحية في 31 \ 3 \ 1937 قالا : الكرد والمسيحيون في الجزيرة استقبلونا بحفاوة وحماس ، فلقد كان بانتظارنا 2000 فارس مسلح وقفوا وقفة شرف لنا على جانبي الطريق ، وما أثار استغرابنا هو حالة الوحدة والّلُحمة الشديدة للقادة الكُرد والمسيحييّن مثل حاجو ، قدور بك ، خليل ابراهيم باشا ، سعيد اسحق ، ميشيل دوم ، عبد الأحد بحدو . )
ويضيف السيد سيامند حاجو في متن مقاله ( .. وثيقة محفوظة أيضاً في الأرشيف الوطني الفرنسي في مدينة نونت في (S-L: C.P. 503)، وهي تقرير حول الوضع السياسي والاقتصادي في منطقة القامشلي، صدر عن رئيس وكالة الاستخبارات الفرنسية في القامشلي بتاريخ 28 /7/ 1937 ، وتحمل توقيع (Moucannas) . حيث يشير .. إلى ( .. دلالتين هامّتين قبل التعرض الى مضمونها ، الأولى : تبيّن الوثيقة بأن الكرد والمسيحيين في الجزيرة قد اتّخذوا الخطوة الأولى في وضع أساس لتشكيل إدارة في المنطقة . والثانية : تبيّن الوثيقة أيضاً أن الجزيرة وكوباني لم تكن للحكومة السورية فيها وجود ، وأنّها خلت من موظّفي الحكومة السورية ، وأنّ أهالي المنطقة كان يديرونها بأنفسهم. وتؤكّد الوثيقة بأنّ حالة الاعتراض والاحتجاج في الجزيرة استمرّت حتى بعد تراجع البرلمان السوري عن قرارة برفض عضوية المرشحين الفائزين الثلاثة ، لأنّ المطالب الأساسية للحركة الكُردية والمسيحية .. ( كانت ) المطالبة بالحكم الذاتي – والتي – لم تُلبّ .. ) ويضيف السيد سيامند حاجو بعض مما جاء في تلك الوثيقة التي ترجمها ( .. بعد تدخّل مسؤول المخابرات ، يقال لنا بأنّ الأسواق فتحت مجدّدا في القامشلي منذ البارحة ، لكنّنا لا زلنا بعيدين عن عودة الحالة التجارية إلى وضعها الطبيعي . الكُرد والعرب من أهالي القرى لا يجرؤون على القدوم إلى المدينة لبيع منتجاتهم أو شراء المنتجات من المدينة . وكذلك الأمر بالنسبة لأهالي المدينة ، فهم لا يذهبون إلى الأرياف بسبب حالة عدم الاستقرار ، المنطقة تمرّ بمرحلة شديدة من انعدام الثقة ، وأن لم يتمّ اتّخاذ خطوات سريعة جديّة وفعالة ، ستكون التبعات سيئة على الجزيرة … ) .
ويضيف الاستاذ حاجو في سرد مقاطع من الوثيقة ( .. جميع التجار السوريين الذين كانوا قد قدموا من الداخل ، يخرجون من المنطقة . ورؤوس الأموال التي كانت قد قدمت في وقت قصير من لبنان وفلسطين ، والتي رغبت بشراء أراضي زراعية شاسعة ، وحصد القمح والقطن بالآلات الحديثة ، أيضا تركوا المنطقة على الأقل بشكل مؤقت ، وتركوا مشاريعهم كذلك … ) .. ويستمرّ السيد سيامند حاجو ( .. منذ نحو عشرين يوماً توجد في الجزيرة حكومة شكلية ، ممثّلو الحكومة السورية تركوا المنطقة على عجل ، وكذلك الشرطة والعسكر . والقلّة الباقية من العسكر يُسمح لهم بالخروج فقط من دون سلاح ، وإن ظهروا حاملين سلاحهم فسيذبحهم الأهالي تماماً كما حدث لأربعة من عناصر شرطة في الحسكة . الجنود الفرنسيون هم الذين يقومون بتوفير النظام والأمان في المدن … ) ويضيف مترجماً عن الوثيقة ( .. في القامشلي والحسكة تمّ تأسيس لجان تقوم بدور المحاكم لفضّ الخلافات التي تحصل بين الأهالي ، وهذه اللجان لها رؤساء تمّ انتخابهم مثل حاجو ، وعبدي آغا خلّو ، و أعضاء هذه اللجان منهم ملكي أسمر ، وموسى عزّو ، ورشيد بك حجي علي بك بن قدري بك البرلماني ، موشي نعّوم ، ابراهيم دلنجي ، عبد الكريم دولى … ) . ويضيف السيد حاجو مستشهدا بما ورد ( .. في مذكّرات المستشرق الفرنسي توماس بوا (ٍٍ Saulchoir, Dossier 45 ) في شهر تموز 1937 ، حول اللجان المذكورة في تقرير رئيس الاستخبارات الفرنسية في القامشلي . يقول توماس بوا في مذكراته : “هذه اللجان لها شرطة وسجون ، وتقوم بجباية الغرامات من المخالفين . ) . ويضيف السيد حاجو ما ورد في الوثيقة الفرنسية بعد ترجمتها الى العربية .. ( .. من المفيد استغلال هذه الفرصة للقول بأنّ أهالي الجزيرة في المدن والأرياف مسلّحون، وجميع رؤساء العائلات يملكون سلاحاً واحداً أو أكثر من سلاح على الأقل ، ويقال أن نحو 10 آلاف إلى 12 ألف بندقية موجودة في الجزيرة .. ) .. ويستطرد ( .. إن لم نتمكن من اتّخاذ خطوات صحيحة لتقريب وجهات نظر جميع الأطراف ، وإن لم نقم بتقريب الطرفين – مشيراً إلى حركة الحكم الذاتي الكُردية والمسيحية والقوميين السوريين – سنكون في خطر ، وبقناعتي ستصاب المنطقة بالشلل … ) ..
وقد مرّت مراحل تقسيم سورية بمراحل متعددة وإن ابتدأت ( .. بفك أربعة من الأقضية عن دمشق بعهد هنري غورو في 3 أغسطس عام 1920 وهي بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا وإلحاقها بجبل لبنان . وكذلك إعلان لبنان الكبير من قبل هنري غورو ايضاً في31 أغسطس 1920 ، وإعلان دولة لبنان الكبير ، والذي اشتمل متصرفية جبل لبنان إضافة للأقضية الأربعة ، وبيروت ، وسنجق صيدا ، وسنجق طرابلس من النهر الكبير الجنوبي ، لكون شمال النهر ذي غالبية علوية .
وقام هنري غورو ايضاً بترسيم الحدود مع تركيا – اعتبار خط حديد اسطنبول – بغداد حدوداً بين الدولة التركية ومناطق الانتداب الفرنسي . وذلك أدّى لقسمة ولاية حلب ليكون قسمها الشمالي ذي الغالبية الكردية تابعًا لتركيا ؛ أيضًا خرجت بلدات ذات غالبية عربية نتيجة التقسيم . وفي ( .. ترسيمه لحدود دولة دمشق قام هنري غورو في نوفمبر 1920 .. بفك الأردن وفلسطين عن دولة دمشق كونها ألحقت بالانتداب البريطاني بموجب اتفاقية سايكس بيكو ومؤتمر سان ريمو . وفك الأقضية الأربعة التي ألحقت بلبنان . وفك استثنائي لقضاء عجلون الذي سيطر عليه البريطانيون . شملت الدولة دمشق وريفها ولوائي حمص وحماه وحوران ، باستثناء المناطق ذات الغالبية العلوية التي أضيفت لدولة الجبل … )
وقام .. ( .. هنري غورو في نوفمبر 1920 بإعلان استقلال دولة حلب ودولة جبل العلويين . وشملت دولة حلب القسم الجنوبي من ولاية حلب فضلاً عن أراضي متصرفية الزور ، وهي ذات طابع كردي – عشائري. أما دولة الجبل – أو حكومة اللاذقية – شملت اللاذقية وطرطوس، مع فصل جسر الشغور عن حلب حينها ، وتلكلخ والحصن عن حمص ومصياف عن حماه ، لكون المناطق ذات غالبية علوية . ) ..
واعلن هنري غورو 4 مارس 1921 اعتبار جبل العرب دولة مستقلة يحكمها الأمير سليم الأطرش بمعاونة مستشارين فرنسيين . وتمّ التقسيم بعد اجتماع لوفد من شيوخ العقل مع المفوضية العليا الفرنسية ؛ وكانت تشمل لوائي السويداء وصلخد التابعين حتى ذلك الحين إلى حوران إداريًا ، وكانت ذات سلطة على دروز الجولان والبقاع .
وخصّص هنري غورو في نوفمبر 1920 لواء إسكندرون بإدارة ممتازة والتي كانت بالأصل تابعة لولاية حلب . وذلك نتيجة لتنوعها بين أتراك وعرب علويين وسنة ومسيحيين وأرمن ، حيث فصل ومنح إدارة مستقلة حتى 1926 حينما انضمّت للدولة السورية مجدداً أيام الرئيس أحمد نامي . فصل مجدداً عام 1937 ومنح حكماً مستقلاً ، ثم ضمته تركيا عام 1939.
واستحدث هنري غورو عام 1920 إدارة ممتازة لمقاطعة الجزيرة ، نظرًاً لأهميتها الاقتصادية وتنوعها الديني / العرقي ) .
– دولة حلب (1920 إلى 1925) :
( امتدت في مناطق الشمال السوري بالإضافة إلى منطقة حوض نهر الفرات في شرق سورية ، وضمّت عدة مدن مثل دير الزور والرقة والحسكة إلى جانب مدينة حلب العاصمة ، وكان غالبية السكان من العرب السنة (83.1 %) بالإضافة لتواجد الكثير من التجمعات المسيحية واليهودية ويوجد في الدولة أيضاً أقليات من الشيعة والعلويين، كما سكنها الأرمن المهجرين أيام الإبادة الأرمنية والكُرد، والشركس والآشوريين وخاصةً في مناطق شمال مدينة حلب جنبا إلى جنب مع العرب ، وتعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق خصوبة ووفرة بالمعادن . ) .

• تبع من مرحلة ماقبل الحرب العالمية الثانية وظهور الأحزاب القومية العربية والإنقلابات العسكرية مرورا الى الوحدة مع مصر
•• غالبية الإعداد هي من مصادر نتية مثل ويكيبيديا وغوغل والمعرفة وفي هذا القسم اعتمدنا بشكل كبير مقال للاستاذ سيامند حاجو منشور في موقع روداو النتي باللغة العربية وبعنوان : الحركة الكُردية والمسيحية في الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى