آراء

ومن جديد: المظلومية الكُردية – كُردستان العراق 1 من 3

إعداد ليلى قمر ووليد حاج عبد القادر

كانت معركة جالديران سنة 1517 هي المعركة الفاصلة التي وضعت حدّاً بين الدولتين : الصفوية والعثمانية، وإن ظلّت كالكثبان المتحرّكة، تمطّ وتشدّ على طول الحدود المشتركة بينهما ، ومعها تشتدّ قبضة المركزين أو تضعف ، ولم تهدأ ثورات الشعوب التي خضعت لهما ، والأمر ذاته مع الإمارات التي استقلّت بشكلٍ ما ومن ثم أعيدت بالقوة ، هذه التفاصيل كنّا قد استعرضناها في بدايات هذه السلسلة، ولكلّ دولةٍ منها على حدة ، من خلال ردّنا على نارام سن الورقي (المظلومية الكُردية) ، وعليه فسنركّز هنا وبعجالةٍ على متتاليات الأحداث منذ بروز المسألة الشرقية وتطوراتها خاصةً في المرحلة التي بدأت فيها السلطنة العثمانية تفقد هيمنتها وقوتها ، وعلى أساسها برزت مطامع الدول الكبرى ، التي سعَت كلّ واحدةٍ منها ، وبتعمقٍ، تبحث عن المفيد لها من أملاك هذه الإمبراطورية الشاسعة ، ومع تباشير اشتداد أوار الحرب الكونية الأولى ، لابل وفي مقدماتها التي كانت تستعر في حدّيتها المعارك العسكرية بمدّها وجذرها ، تلك المعارك التي كانت تُخاض في تلك المنطقة من قبل قواتٍ لدولٍ عديدة ، وفي العراق كان الجيش البريطاني قد تعرّض لضرباتٍ موجعة ، وعلى إثرها خطّط لمقارعة العثمانيين وبأسلوبٍ جديد مبتكَر ، اعتمد فيها على بناء تحالفاتٍ محلية ، وعلى هذا المبدأ اشتغلوا على محورين : محلي ودولي أيّ بين الدول المتحالفة ، حيث ظهرت بوادر إنشاء تحالفاتٍ ثلاثية بين كلٍّ من روسيا القيصرية وبريطانية وفرنسا ، حيث اتخذت مسار تقسيم وتوزيع تركة الرجل المريض ، فيما أخذت دولتا فرنسا وبريطانيا منحىً موازياً ترتكز على مبدأ التفاهم مع شعوب المنطقة حول مستقبلهم ، وقبل الدخول في تفاصيل ذلك ، لابدّ لنا من التذكير بخارطة الآيالات العثمانية وتموضع / تقاطع أجزاء كردستان فيها ، وسنحاول هنا التركيز على مخرجات كُردستان العراق خرائطياً ، وإن كان التداخل هو سيّد الموقف هنا منوّهين كذلك بإيرادها في إعدادٍ سابق وبالتفصيل ( المظلومية الكُردية ) ، وفي العودة إلى خريطة التقسيمات سنلاحظ :

من أهم الولايات العثمانية التي تضمّنت أجزاء أو كلية كُردستانية :

إيالة قارص : وهي إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي تغطّي اليوم أجزاء من أراضي شرقي تركيا وكانت إيالة قارص تشغل مساحة (16,090 كم مربع).

إيالة وان

إيالة وان وهي إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي تغطّي اليوم أجزاء من أراضي، فيما يُعرف اليوم جنوب شرق تركيا، وكانت إيالة وان في القرن التاسع عشر تشغل مساحة (24,910 كم مربع).

إيالة الموصل

إيالة الموصل إيالة عثمانية كانت تضمّ منطقة كُردستان العراق الحالي.

إيالة الرقة

إيالة الرقة إيالة عثمانية كانت تضمّ منطقة الجزيرة السورية من جبال طوروس شمالاً إلى بادية الشام جنوباً.

إيالة حلب

إيالة حلب كانت إيالة عثمانية ودخلت في حيازتها أجزاء هامة من كُردستان تركيا والعراق .

إيالة ديار بكر

إيالة ديار بكر وهي إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي تغطّي اليوم أجزاء من أراضي فيما يعرف اليوم جنوب شرق تركيا والأجزاء الشمالية من سوريا وكانت إيالة ديار بكر تشغل مساحة (52,660 كم

إيالة شهرزور

إيالة شهرزور وهي إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي تغطّي اليوم أجزاء كبيرة من أراضي فيما يُعرف اليوم بكُردستان . وعلى هذه الأرضية بادر البريطانيون وروسيا وفرنسا العمل على نسقين مثلما أشرنا أعلاه ، حيث تنشّطت الدبلوماسية البريطانية خاصةً مع الولايات الجنوبية للسلطنة ، وتحديداً مع الشريف حسين والي الحجاز ، هذا الجانب الذي نوقش أيضاً في إعدادات سابقة ، وفي العودة إلى أهم التحركات والمفاوضات التي سبقت ذلك حتى ، فقد ظهرت مقدماتها مع مقدم جيش والي مصر محمد علي باشا إلى دمشق وتحالفه مع إبراهيم باشا الملّي الكُردي في دمشق على نية التوجه الى آستانة والإطاحة بالسلطان العثماني , وعليه فقد ظهرت الممهدات لتقسيم ممتلكات الرجل المريض حتى قبل الحرب الكونية وإن أخذت طابعاً ممنهجاً مع استعار صدى المعارك ، فكان أن تنادت كلٌّ من روسيا وبريطانيا وفرنسا إلى لقاءات ماراتونية من أجل ذلك ، هذا الأمر الذي أسهبنا في تفاصيلها بأقسام سابقة من هذا المبحث والمعنونة ب ( المظلومية الكُردية .. ردّ على … ) ، وباختصارٍ فقد تمّ ترتيب شبه نظري لتقسيم وتوزبع تركة الرجل المريض وذلك في اتفاقية سايكس بيكو في 1916 والتي هي عبارة عن معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقةٍ من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا ، ( .. ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت المسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى . اعتمدت الاتفاقية على فرضية أنّ الوفاق الثلاثي سينجح في هزيمة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ويشكّل جزءاً من سلسلةٍ من الاتفاقات السرية التي تأمل في تقسيمها.. ) . وباختصارٍ ولخاصية البحث هنا فقد خصّصت لفرنسا مناطق تقع في جنوب شرق تركيا وشمال العراق ( كُردستان ) وسوريا ولبنان . وتدلّ وثائق تلك المرحلة على أنه وبالترافق مع تحضيرات التوقيع على تفاهمات سايكس وبيكو ، كانت هناك مراسلات ونقاشات بين الشريف حسين ومكماهون ، وتعنونت المراسلات باسمهما ، وتبادلا أكثر من عشر رسائل من يوليو 1915 إلى مارس 1916 ، وفيها وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال العرب بعد الحرب مقابل قيام شريف مكة بإطلاق الثورة العربية ضد الدولة العثمانية ، وحدّدت منطقة الاستقلال العربي كالتالي ( .. من الشمال مرسين وأضنة تصل إلى خط عرض 37° شمال وهي الدرجة التي تقع عليها البيرة وأورفة وماردين ومديات وجزيرة ابن عمر والعمادية حتى حدود بلاد فارس ؛ ومن الشرق على حدود بلاد فارس حتى خليج البصرة ؛ ومن الجنوب المحيط الهندي ، باستثناء ميناء عدن حيث يبقى كما هو ؛ في الغرب البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط البحر حتى مرسين باستثناء أجزاء من سوريا تقع غربي مدن دمشق وحمص وحماة وحلب .

وكان بيكو الفرنسي قد اقترح أن تشمل المنطقة الفرنسية ما يلي : “كلّ سوريا وفلسطين ، ويجب أن تكون الحدود الجنوبية هي الحدود مع مصر الحالية “، بحيث يمتدّ الخط الحدودي إلى دير الزور ثم يتجه شرقًا إلى جنوب كركوك ، ومن ذلك المكان يذهب شمالًا ليشمل كلّ ولاية الموصل ؛ ومن هناك غرباً لتشمل ديار بكر وأضنة بأكملها .”

أما البريطانيون فقد اقترحوا الحدود الشرقية كالتالي :”خط الفرات يتجه جنوباً حتى دير الزور ومن ثم في اتجاه الجنوب الغربي “.

ومع انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة بين الإدارات البريطانية والفرنسية حيث طالبت الأخيرة بحيازة الأراضي ابتداءً من جبال طوروس ( .. من البحر في قيليقية ، ثم تتجه شرقاً لتضمّ ديار بكر والموصل وكربلاء ، ومنها العودة إلى دير الزور على الفرات ومن هناك جنوباً على طول الحدود الصحراوية حتى تنتهي على الحدود المصرية . ومع ذلك أضافت بريطانيا بأنها مستعدة .. لتقديم اقتراحٍ إلى الحكومة الفرنسية لإعطاء الموصل إلى المجمع العربي ، إذا تمّ ذلك في حالة بغداد ) .

وفي اللقاء الثاني تمّ التوافق على إضافة مدن حلب وحماة وحمص ودمشق إلى الحكم العربي و بإدارة العرب . وحدث خلاف رغم أنّ الفرنسيين قلّصوا مطالبهم نوعاً ما ، إلا أنّ البريطانيين أرادوا إضافة لبنان للدولة العربية المستقبلية ، وعليه فقد انتهى الاجتماع من دون نتيجة . وما يهمّنا هنا عملياً في هذا الإعداد هو وضع كُردستان عامةً وخاصةً كُردستان العراق ، حيث سنلاحظ كيف أنّ سايكس حدّد أهدافه التفاوضية في مقابلةٍ مع لجنة الحرب البريطانية ، وأبدى رغبته في سيطرة بريطانيا على فلسطين ( مثل دولة تكون جنوب حيفا ) ، وخلق “حزام دولة تسيطر عليها بريطانيا ” تكون جنوب ” خط e في عكا إلى آخر k في كركوك ، ولتستمرّ المفاوضات بين سايكس وبيكو ومن ثم التوافق على حلٍّ وسط بشأن منطقتين أساسيتين كانتا مختلفتين عليها ، وهي ولاية الموصل الكبرى حيث تمّ تقسيمها إلى قسمين على نهر الزاب الصغير ، وتمّ التوافق على أن يكون القسم الشمالي للفرنسيين أي الموصل وأربيل ، وللبريطانيين القسم الجنوبي أي كركوك والسليمانية . وطفح على السطح بعض من التوقعات على أنّ بيكو قد يوصي حكومته في حال قبول المقترح سيستلزم ذلك تنازلاً عن مصالح بريطانية كبيرة شرط ضمان موافقة العرب ، الأمر الذي سيعني للعرب أيضاً ضماناً في ضمّ مدن حمص وحماة ودمشق وحلب لدولتهم المرتقبة ، وفي هذه الحالة يفترض ببريطانيا ألا تعترض على هذا الترتيب . وجاءت الموافقة الفرنسية على تلك المقترحات الخاصة بالقضية العربية . وبالمحصلة فقد احتوت الاتفاقية الرسمية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا على أحد عشر خطابًا ، سنأخذ منها مايهمّ عرضنا في قسمه هذا وسنتجاوز ما يخصّ الدولة الروسية منها كونها ألغيت بسبب سقوط الحكم القيصري ، وسنتجاهل وعد بلفور أيضاً مركّزين على الأهم في هذا السرد ، وفيما يلي أهم بنود الإتفاقية :

( المادة الأولى : إنّ فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتان أن تعترفا وتحميا دولة عربية برئاسة رئيس عربي في المنطقتين ” آ ” ( داخلية سوريا ) و ” ب ” ( داخلية العراق ) المبيّنة في الخريطة الملحقة بهذا الاتفاق . يكون لفرنسا في منطقة ( آ ) ولإنگلترا في منطقة ( ب ) حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية ، وتنفرد فرنسا في منطقة ( آ ) وإنكلترا في منطقة ( ب ) بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناءً على طلب الحكومة العربية أو حلف الحكومات العربية .

المادة الثانية : يباح لفرنسا في المنطقة الزرقاء ( سوريا الساحلية ) ولإنگلترا في المنطقة الحمراء ( منطقة البصرة ) إنشاء ما ترغبان به من شكل الحكم مباشرةً أو بالواسطة أو من المراقبة، بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية . ( المادة السادسة : لا تمد سكة حديد بغداد في المنطقة ( آ ) إلى ما بعد الموصل جنوباً ، ولا إلى المنطقة ( ب ) إلى ما بعد سامراء شمالاً ، إلى أن يتمّ إنشاء خط حديدي يصل بغداد بحلب ماراً بوادي الفرات ، ويكون ذلك بمساعدة الحكومتين . ) .

( المادة التاسعة : من المتفق عليه أنّ الحكومة الفرنسية لا تجري مفاوضة في أي وقت للتنازل عن حقوقها ، ولا تعطي ما لها من الحقوق في المنطقة الزرقاء لدولةٍ أخرى سوى للدولة أو لحلف الدول العربية ، بدون أن توافق على ذلك مقدماً حكومة جلالة الملك التي تتعهّد بمثل ذلك للحكومة الفرنسية في المنطقة الحمراء . وبعد التفاهمات البينية الفرنسية البريطانية ، أصبح الهدف هو التركيز على إقناع الشريف حسين بالموافقة على صيغة تفيد بأنّ الفرنسيين سوف يتبعون نفس السياسة في سوريا مثل البريطانيين في بغداد ؛ وبما أنّ الشريف حسين كان في اعتقاده أنّ بغداد ستكون جزءاً من الدولة العربية ، فقد كان ذلك كافياً كي يجعله راضياً . ولتظهر بعد ذلك تقارير لاحقة من مشاركين أعربوا فيها عن شكوكهم حول الطبيعة الدقيقة للمناقشات والدرجة التي تمّ بها إطلاع الشريف حسين بالفعل على شروط سايكس بيكو . ومع إقرار الإتفاق تمّ إنهاء مهمة فرنسا العسكرية وبشكلٍ عاجل من الحجاز . ومع كشف الاتفاقية وبنودها أخذت بعض الحقائق تظهر ، سيما حول النوايا الحقيقية لبريطانيا وفرنسا ، وبدأ حراك للشعوب التوّاقة للتخلص من العثمانيين والاستعمار ، ومعها التوق إلى تطبيق مبادئ ويلسون وحق تقرير المصير للشعوب وموافقة المحكومين وكذلك المعاهدات السرية والظروف المتغيرة فيما يتعلّق بها. بعد ثلاثة أيام تميّز ويلسون بمبادئه الأربعة عشر، والثاني عشر هو أنّ “ضمان سيادة الأجزاء التركية وإعطاء الشعوب الأخرى غير التركية التي تخضع لها حق تقرير المصير”. ومع دخول بعض الإجراءات قيد التنفيذ العملي كما حدث في 30 سبتمبر 1918 حيث أعلن الثوّار العرب من دمشق حكومة موالية لشريف مكة وتمّ إعلانه ملكًاً للعرب بمباركة علماء للدين وغيرهم من الشخصيات البارزة في مكة .

ومع دخول الجيوش العربية والبريطانية دمشق في 1 أكتوبر 1918 وفي 3 أكتوبر 1918 تمّ تعيين علي رضا الركابي حاكماً عسكرياً لما سٌمي إدارة أراضي العدو المحتلة الشرقية . ودخل فيصل بن الحسين دمشق في 4 أكتوبر وعيّن الركابي رئيساً لمجلس الزعماء ( أي رئيس الوزراء ) في سوريا . وفي 5 أكتوبر وبإذن من اللنبي أعلن فيصل إنشاء حكومة دستورية عربية مستقلة تماماً ستقوم على العدالة والمساواة لجميع العرب بغضّ النظر عن الدين . وفي أعلانٍ صدر في نوفمبر 1918 تعهّدت كلٌّ من بريطانيا العظمى وفرنسا على أنهما (ستساعدان في إنشاء حكومات وإدارات محلية في سوريا والعراق العثمانيتين ) من خلال ( تشكيل حكومات وإدارات وطنية تستمدّ سلطتها من الممارسة الحرة للمبادرة واختيار السكان الأصليين .. ) ، ووافق الفرنسيون على مضضٌ على إصدار الإعلان وذلك بإصرار من البريطانيين .حيث تكشف محاضر اجتماع مجلس وزراء الحرب البريطاني أنّ البريطانيين قد استشهدوا بقوانين الاحتلال والاحتلال العسكري لتجنب تقاسم الإدارة مع الفرنسيين في ظلّ نظامٍ مدني . ) . بعد كلّ هذه التسويات التي تمّت ، وعلى إيقاعٍ كما إنقاض التطبيقات العملية للمعاهدات والتوافقات ، ومن ثم برمجة الأوضاع عملياتياً ، حيث لوحظ كيف أنّ خرائط سايكس بيكو قد تعرّضت من جديد للشذب والمطّ ، وأيضاً خضعت في بعض المناطق إلى الفرض بالقوة كما حصل في سوريا ، حيث زحفت فرنسا بقواتها لفرض انتدابها ، ومع هزيمة الجيش السوري بقيادة يوسف العظمة أمام الجنرال الفرنسي غورو في معركة ميسلون ، حتى طلب من الملك فيصل الذي كان قد نُصِب ملكاً على سوريا بمغادرتها ، وبالفعل فقد غادر إلى العراق مع كتاب تكليف بتنصيبه ملكاً على العراق المتشكّلة من ولايتي البصرة وبغداد وحدودها الشمالية كانت جنوبي مدينة الشرقاط ، وما تبقّى – ولاية الموصل – فقد دخلت في أتون صراعٍ سياسي – أممي كما سنرى لاحقاً . ولكن نرى من المفيد هنا استعراض ردّة فعل الشعب الكُردي في كُردستان العراق على هذه التحولات السياسية والخرائطية التي ابتدأت مع المقدمات الأولية لتطبيق تلك المشاريع . ومعها شرائط القصّ واللصق في المنطقة ، وما آلت إليها الأحوال في كُردستان ، خاصةً ما اتفق أو تسمّت بأزمة لواء الموصل والتي كانت باكورتها حينما وقّع العثمانيون على هدنة مودرس في 30 أكتوبر 1918 . فاحتلّ البريطانيون ولاية الموصل يوم 2 نوفمبر وليندلع نزاع إقليمي عُرِف باسم مشكلة الموصل ، وفي يوم الأحد 1 ديسمبر عقد لويد جورج وكليمينسو اجتماعاً خاصاً وغير موثق في السفارة الفرنسية بلندن، حيث سلّم الأخير مطالب فرنسا بالموصل ( المدينة وجنوب الزاب الصغير ) ومعها فلسطين الممنوحة لهم حسب اتفاقية سايكس بيكو . على الرغم من أنّ لويد جورج وآخرون كانوا قد أشاروا إلى أنه لم يتمّ إعطاءهم أيّ شيءٍ بالمقابل ، مع وجود تسريبات عن وعد لويد جورج بدعم مطلبٍ واحد على الأقل أو ربما جميع المطالب الفرنسية بالزور ، وعندما يبدأ إنتاج النفط في الموصل ستحظى فرنسا بحصةٍ، وسيتمّ الحفاظ على الاتفاقية فيما يتعلّق بسوريا .

في مؤتمر السلام الذي افتُتٍح رسمياً في 18 يناير وافق الأربعة الكبار – كان في البداية ” مجلس العشرة ” الذي ضمّ مندوبين من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا واليابان – في 30 يناير على الخطوط العريضة لنظام الانتداب (وتتكوّن من ثلاث مستويات ) ليصبح لاحقاً المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم. ثم يقرّر الأربعة الكبار بعدها أي المجتمعات والظروف التي ستخضع للانتداب .

وأوضحت المحاضر التي كُتِبت خلال اجتماع الأربعة الكبار بباريس في 20 مارس 1919 وحضره وودرو ويلسون وجورج كليمنصو وفيتوريو إمانويلي أورلاندو وكذلك لويد جورج وآرثر بلفور ،وجهات النظر البريطانية والفرنسية فيما يتعلّق بالاتفاق . كان هو الموضوع الأول الذي تمّ طرحه خلال مناقشة سوريا وتركيا ، والذي أضحى محور كلّ النقاشات التالية .

في نوفمبر 1914 احتلّ البريطانيون البصرة. ووفقاً لتقرير لجنة دي بونسن عُرِّفت المصالح البريطانية في العراق بأنها الحاجة لحماية جناح الهند الغربي وحماية المصالح التجارية بما فيها النفط . أصبح البريطانيون قلقين أيضاً بشأن سكة حديد (برلين – بغداد) . على الرغم من أنه لم يتمّ التصديق عليه، وأيضاً قام البريطانيون بالتوقيع على المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913.

دخل البريطانيون بغداد خلال حملة بلاد الرافدين في 11 مارس 1917، وعلى الرغم من توقيعهم على هدنة مودروس في 30 أكتوبر 1918 إلا أنهم واصلوا تقدّمهم ودخلوا الموصل في 2 نوفمبر . بعد منح بريطانيا الانتداب على العراق في سان ريمو ، واجه البريطانيون ثورة عراقية ضدهم من يوليو وحتى فبراير 1921 ، بالإضافة إلى تمرّدٍ كُردي في شمال العراق. ولتهدئة ذلك تقرّر تثبيت فيصل ملكاً على العراق بعد مؤتمر القاهرة .

وفي العودة إلى الفرص وحسب التوزبع فقد خصّصت سايكس بيكو جزءاً من كُردستان الشمالية ومناطق كبيرة من ولاية الموصل بما في ذلك مدينة الموصل إلى فرنسا في المنطقة ب ، وحصلت روسيا على بدليس ووان في كُردستان الشمالية ( انقسمت الدولة العربية المزمعة والتي تضمّ الأكراد في حدودها الشرقية مابين المناطق A و B ) .

تقسيم الدولة العثمانية وفقاً لمعاهدة سيفر المجهضة : حيث قدّم شريف باشا ” مذكّرة بشأن مطالبات الشعب الكُردي ” إلى مؤتمر باريس للسلام سنة 1919 كما أوصى التقرير المتبوع للجنة كينغ – كراين بنوعٍ من الاستقلال الذاتي في ” المنطقة الجغرافية الطبيعية التي تقع بين ماسُميت أرمينيا شمالاً والعراق جنوباً ، وحددوها الغربية هي الفجوة بين الفرات ودجلة ، أما الشرقية فهي فارس “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى