آراء

ومن جديد المظلومية الكُردية.. مجزرة حلبجة 2\2

إعداد ليلى قمر ووليد حاج عبد القادر

مجزرة حلبجة 2 / 2

إذن ؟! هكذا كانت الحكاية الفاجعة زميلتي، وأنا الذي لمتك على دموعٍ انهمرت من عينيك زميلتي ليلى وبكاؤك ليلى خلتها ضعفاً في قسمنا الاول ؟! نعم .. هي كانت الفاجعة / الكارثة التي تستولد ولم تزل سريالية آلامها ، متواليات لموت تراكمت فيها وبها جروح تكدست بأملاح تكوي أوجاعها ، وبات الكُردي يجترح مرثيته انى ومتى وفي أي ظرف كان ! هي سريالية الموت ما أوقف تدفقه ، وهي جنازير الدبابات حيناً ، أو أزيز الرصاصات ولربما هدير الطائرات كانت تقصف حيث ترمي قنابلها وتتسلّل هاربةً كالخفاش ، ما كان لأحد أن يصدّق هكذا خبر أو يتوقّع هكذا مخيال حتى في الخيال ، ولكنها حدثت وتمّت وقتلت وهي تستهدف الإبادة وتدمير كلّ أنماط الحياة ولكن ؟! نسي المقبور صدام وابن عمه الكيميائي بأنهما ذهبا موتا وهاهي حلبجة تشمخ وتضمد جراحاتها وتجعل من كيمياء صدام سريالية مجد عنوانها الحياة ، برغم الكيمياء وفلسفة الإبادة بمتحورات أنفالها المتعددة .. نعم زميلتي ليلى .. هلا اجترحنا متراكمات هذه الأوجاع لا بسرياليات النحيب والنشيج والبكاء فقد هاجت بها الخنساء تصرخ بعينيها وهي لا تستدرك أقزا كان في العين أم عوار ؟ .. نعم الزميلة ليلى : هي المناحات وتراتيل أناشيد الحداد صمّم الطاغية أن يجعلها ربيعنا سواد دوموزي وهو يقتل فيه ربيعه و : صدام المجرم فتح سورة الأنفال وبطريقته استخدم حيث أراد وحيثما فعل .. ومن جديد زميلتي : سنوثّق ما استطعنا ونحفظ الحقائق ندعها تستنطق ذاتها ، وها نحن مثلما ابتدأنا ببواكير عمليات الأنفال في حلبجة ! دعينا نسترسل في حلبجة وندخل من خلالها فصول الأنفال كأقذر عمليات الإبادة الجماعية التي مورست بحق شعب في عصرنا الحديث . وهنا واستكمالاً لما جاء في القسم الأول ، فإنّ الهجوم على مدينة حلبجة الكُردية في كُردستان العراق ، بتاريخ 16 آذار 1988 كان هجوماً بالأسلحة الكيميائية استهدفت بالأساس الكُرد ، وذلك خلال الأيام الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية ، وجاء الهجوم في إطار حملة الأنفال في كُردستان وكمحاولة للجيش العراقي لصدّ عملية ظفر 7 الإيرانية ، ووقع الهجوم بعد 48 ساعة من سيطرة الجيش الإيراني على المدينة ، وقد خلص تحقيق طبي أجرته الأمم المتحدة إلى حقيقة استخدام غاز الخردل في الهجوم إلى جانب مهيجات عصبية أخرى مجهولة الهوية . ويعدّ هذا الحادث كما اسلفنا سابقاً كأكبر هجوم بالأسلحة الكيماوية في التاريخ ، موجّه ضد منطقة مأهولة بالسكان المدنيين ، والذي أسفر عن مقتل وجرح عشرات الألوف معظمهم من المدنيين ، وأظهرت النتائج الأولية من الدراسات الاستقصائية للمنطقة المنكوبة زيادة في معدل الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في السنوات التي تلت الهجوم ، وقد اعتبر هجوم حلبجة رسميًاً من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا لاحقاً بعد سقوط نظام صدام بأنه إبادة جماعية بحق الشعب الكُردي في العراق في عهد صدام حسين . وأدانت دول عديدة الهجوم واعتبرته جريمة ضد الإنسانية مثل البرلمان الكندي . وحسب ( وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب ) ففي 16 آذار/مارس 1988 ، قتل خمسة آلاف كُردي عراقي معظمهم من النساء والأطفال بغازات كيميائية ألقتها طائرات الجيش العراقي بأمرٍ من صدام حسين على مدينة حلبجة في شمال شرق العراق ، في قصف اعتبره الخبراء اخطر هجوم بالغاز يستهدف مدنيين . ففي 15 آذار / مارس ، حيث كانت الحرب العراقية – الإيرانية قد اقتربت من نهايتها ، سيطرت قوات الاتحاد الوطني الكُردستاني ، على حلبجة الواقعة في المنطقة الجبلية في كُردستان ، وبدعمٍ من إيران . فقام الجيش العراقي بقصف المدينة وانسحب المقاتلون الأكراد ومعظم الرجال الى التلال المجاورة تاركين وراءهم النساء والأطفال والمسنين ، وقد قدر حينها عدد سكان حلبجة ب 40 ألف شخص كانوا يعيشون حينها في حلبجة عل بعد 11 كلم من الحدود مع إيران . وفي 16 آذار/مارس حلّقت طائرات الجيش العراقي فوق المنطقة لخمس ساعات وألقت مزيجاً من الغازات . ( كما أسلفنا سابقاً ) . ويزعم بعض المراقبين المتتبعين حينها للحرب العراقية الإيرانية ، بأنّ الهجوم كان في الأصل انتقاماً من مزاعم دعم مقاتلي البشمركة للجيش الإيراني في الحرب التي بدأها العراق في 1980. ولم يمضِ وقتٌ طويل على القصف حتى انتشر نبأ المجزرة حينما اكتشف المقاتلون الذين نزلوا من التلال ما جرى ولينتشر خبر الفظائع في حلبجة وتوجّه الصحافيون الأجانب إلى المنطقة ، وفي 23 آذار / مارس نشرت الصور الأولى للقصف الكيميائي . عرضها التلفزيون الإيراني وأكّد صحتها صحافيون رافقهم الجيش الإيراني إلى الموقع . وعرضت جثث أهالي المدينة التي تملأ الطرقات بملابسهم الكُردية ، دون أن تظهر عليهم آثار جروح . وتوقّفت كاميرات التلفزيون الإيراني أمام جثث الأطفال وتحدّث المعلقون عن ضحايا هجوم كيميائي حمّلوا الجيش العراقي مسؤوليته . وفي نهاية آذار /مارس ، وصل فريق من منظمة ” أطباء بلا حدود ” من بلجيكا وهولندا في أول بعثة طبية إلى حلبجة ، حيث أكّدت البعثة استخدام غاز الخردل وعلى الأرجح كذلك غاز السيانيد . وقال أفراد البعثة ” استنتاجنا واضح : تعرّض مدنيون لهجوم بالغاز . القصف طال مدينة حلبجة وكذلك القرى المجاورة . وفي الأول من نيسان / ابريل، كتب مراسل وكالة فرانس برس ميشال لوكلرك ما شاهده وكيف غرقت “حلبجة الشهيدة في سبات طويل” فلم يُسمع فيها حفيف أو صوت أو تُرى أي حركة . وأضاف إنّ “آثار القصف ظاهرة وإن كانت المنازل في مكانها والمتاجر ممتلئة ، لكن لا يوجد أثر للحياة منذ أن أمطرتها الطائرات العراقية بسمّها القاتل”. وتجمّع الآلاف من الناجين في الجانب الآخر من الحدود ، في مخيمات إيرانية . وقدّر فريق فرنسي من “أطباء بلا حدود” عدد القتلى بما بين ألفين وثلاثة آلاف ، في حين تحدّثت المصادر الإيرانية عن خمسة آلاف قتيل . وفي أيار / مايو من ذات العام ، أكّد خبير بلجيكي في السميات أنّ تحاليل العينات “أثبتت استخدام ثلاثة أنواع من الغازات : السيانيد ، وغاز الخردل وغازات تؤثّر على الأعصاب”. وقدّر عدد الذين قُتِلوا جراء تعرّضهم للغازات السامة بنحو 3800 والذين تعرّضوا لها بنحو عشرة آلاف . وفي 2003، روى فتىً كان حينها في الخامسة عشرة من عمره أنه رأى “الدم يتدفّق من أنف وعيني وأذني امرأة “. ومع الأعوام اللاحقة اخذت تتسرـب بعض من خفايا المجزرة وداعميها ومبررات المجرمين لتنفيذها ، ففي سنة 2013، كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أنّ السلطات الأميركية زوّدت العراق بمعلومات استخباراتية عن استعدادات إيرانية لشنّ هجمات خلال حرب 1980 – 1988، مع علمها أنّ بغداد قد ترد باستخدام السلاح الكيميائي . وقال الملحق العسكري الأميركي في بغداد حينها إنّ “العراقيين لم يخبرونا بتاتاً أنهم يعتزمون استخدام غازات الأعصاب. لم يكن عليهم أن يفعلوا، كنا نعرف ذلك أساساً”. ويمكن القول ٱنّ هذا الحادث ينظر إليه على أنها استمرارية لحملة “الأنفال” التي قام بها صدام حسين ( ما بين 1986 و 1989 ) و التي استُهدفت خلالها مختلف الأقليات في العراق بهدف “تعريب” الأمة واصبح يمثّل أيضاً نقطة مهمة في الذاكرة العراقية والدولية وإلى طريقة تعاملهم مع هذا التاريخ . هذه الماساة الكارثية التي باتت منذ حدوثها وإلى الآن تطرح العديد من الأسئلة وأهمها : ما هي بعض الطرق المتبعة حديثاً التي استطاع المجتمع الدولي أن يعبّر من خلالها عن هجوم حلبجة بأنها إبادة جماعية ، وكيف ينظر أكراد العراق إلى هذه الأحداث ؟ . ( في ديسمبر 2005 ، بعد سبعة عشر عاماً من حادثة الإبادة الجماعية، أعلنت محكمة الجرائم الدولية في لاهاي عن ما يلي :

1 – من الناحية القانونية وبشكلٍ مقنع تمّ إثبات أنّ الجالية الكُردية تتماشى مع التعريفات المدرجة تحت متطلبات الإعتراف بمجموعة كجماعة إثنية بموجب الإتفاقيات المتعلقة بالإبادة الجماعية .

2 – المحكمة ليس لديها استنتاج آخر من ذلك الذي ينصّ على أنّ هذه الهجمات تمّ إرتكابها بقصد تدمير السكان الأكراد في العراق “. وبعد هذا الإعلان بدأت المحكمة الهولندية بالاستعداد لتقديم قضية ضد صدام حسين وفرانز فان إنرات الذي قام بإمداد صدام بالمواد الكيماوية . و مع أنه قد تمّ إعدام صدام أمام محكمة عراقية في عام 2006 قبل أن تجري أي محاكمة ضده ، استمرّت المحاكمة ضد فان إنرات و أصبح أول المدانين في العملية و ُحكم عليه في كانون الأول من 2005 بالسجن خمسة عشر عاماً على جرائمه ضد الأكراد . و تم أُعدام علي المجيد في كانون الثاني 2010 من قبل الحكومة العراقية لدوره في مجزرة حلبجة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية . تجدر الإشارة إلى أنّ الإبادة الجماعية للأرمن والقتل الجماعي للآشوريين في العراق في عام 1933، والمعروفة باسم مذبحة سيميلي ، كانت هي الأحداث التي يستند تعريف و تصنيف مصطلح الإبادة الجماعية ؟ . وعلى الرغم من أنّ محكمة لاهاي قامت بالإعتراف رسمياً بأحداث حلبجة المروعة على أنها إبادة جماعية ، فإنّ الاعتراف الدولي لم يتبع ذلك وبالسرعة المطلوبة . في عام 2010 اعترفت المحكمة الجنائية العليا العراقية بالمجزرة كفعل من أفعال الإبادة الجماعية ، وتقريباً بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على الهجمات في حلبجة قامت المملكة المتحدة والسويد بتمرير قرارات تصنّف هجمات حلبجة على أنها إبادة جماعية . و قال ناظم الزهاوي وهو عضو البرلمان البريطاني الكُردي الأصل ، في كلمته أمام مجلس العموم: ” وكما تمرّ أهوال المحرقة من الذاكرة الحية ، هناك خطر من أن حذرنا قد انخفض في مستواه ، وأننا اعتقدنا أنّ مثل هذه الأحداث الرهيبة تمّ حفظها و إغلاقها في كتب التاريخ وأنها لن تحدث أبداً مرة أخرى”. ومع ذلك فإنّ معظم الدول بما في ذلك كندا التي كانت أول دولة وصفت رسمياً هجوم حلبجة كجريمة ضد الإنسانية ، لا تزال لم تعترف بتلك الأحداث على أنها إبادة جماعية وفقاً لروداو ، و هي وسيلة إعلام كُردية ومجموعة إخبارية خاصة ، فإنّ معظم الجهات المشاركة في الحملة الشعبية الكندية هي من المنظمات الشعبية المنتمية إلى المجتمع الكُردي ومجموعات صغيرة أخرى ، على عكس حالات بريطانيا والسويد التي كان فيها دعم رسمي من حكومة إقليم كُردستان ومن النائب البرلماني في الحالة المذكورة أعلاه . ومع ذلك فإنّ هذه الحملات والأساليب المؤكّدة للذاكرة لها آثار هامة وهي تتقدّم وتكسب إهتماماً دولياً وكمثالٍ : من خلال التأكيد على طابع الإبادة الجماعية في مجزرة حلبجة تمّ توثيق هذا الحدث رسمياً في الذاكرة العالمية إلى جانب فظائع أخرى مثل الإبادة الجماعية للأرمن والآشوريين بالإضافة إلى المحرقة ( للجالية اليهودية) ، على الرغم من أنّ حادثة حلبجة فريدة من نوعها لأنها أيضاً تلعب دوراً مهماً في تعزيز عدم انتشار الأسلحة الكيماوية بشكل عام . ) .

( .. وبينما يتمّ تشييد النصب التذكارية و تمرير القرارات الوطنية و الدولية ، التي هي شكل من أشكال تعزيز الهوية وبناء الدولة ، يؤدّي هذا إلى تأثير مهم آخر من المؤكد أنّ قصف حلبجة كان استهدافاً للاكراد على وجه الخصوص ، ولكن مع مرور السنين وتضميد جراح هذه المأساة ، فإنها وثّقت ايضاً مكانة الشعب الكُردي وثقافتهم وكسبهم لأصوات دولية مستقلة ، إضافةً الى أنّ هدف صدام حسين والذي سعى إليه من خلال القضاء على الشعب الكُردي ارتدّ عليه عكساً ، حيث أصبحت المجزرة دافعاً وحافزاً قوياً لتشبّث الكُرد بقوميتهم وإرثهم الثقافي ، وكذلك شكل ونمط الحكم الذاتي ، أو النمط الفدرالي في حكومة إتحادية مع بغداد أو في أي نظام آخر ، وبات واضحاً أيضاً بأنّ الشعب الكُردي قد اخذ زمام المبادرة وأخذ يسطّر تاريخه وبالشكل الذي يرتأيه .. ) ..

ولكن علينا ان ننصف كثيراً في الكارثة البشرية وانعكاس الكيمياء بآثارها المادية والجسدية التي تعرّض لها الناس من الإبادة الجماعية ، وأيضاً من حملة الأنفال بشكلٍ عام فهي لا تزال مرئية . أمراض الولادة وأمراض السرطان والجروح ، ناهيك عن الآثار النفسية ، لا تزال تتبع الضحايا وقد تستمرّ لفترة غير معروفة من الزمن . تلك المضاعفات التي كانت ولم تزل مفترضاً بها أن تكون بمثابة إنذار للمجتمع الدولي لمنع وقوع مثل هذه الإخفاقات مرة أخرى . وفي الجانب الإنساني لضحايا حلبجة ورغم مرور كلّ هذه السنين ، لا تزال معاناة الناجين تذكّّرهم كلّ يوم بالمأساة، وهم ينتظرون من دون جدوى، تحقيق العدالة. بين هؤلاء ،هاوكار صابر الذي يعجز عن التنفس بدون جهاز أكسجين ، حيث كان في الثالثة من العمر عندما أصيب بالقصف الكيميائي وفقد ثلاثةً من أفراد عائلته في 16 آذار / مارس 1988. ( .. في ذلك اليوم ولمدة خمس ساعات قصف الطيران العراقي رجالاً ونساء وأطفالاً بمزيج من غاز الخردل وغاز الأعصاب توبان وغاز السارين بحسب خبراء وقتل نحو 5 آلاف منهم ووقع الهجوم إثر سيطرة قوات الاتحاد الوطني الكُردستاني بدعمٍ من إيران على حلبجة الواقعة في منطقة جبلية في حين كانت الحرب العراقية الإيرانية تشارف على نهايتها .. ) .

وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة ,( .. لا يزال سكان المدينة البالغ عددهم 200 ألف نسمة اليوم ، يعانون من تداعيات المأساة ، من بينهم 486 مصاباً يعيشون في وضعٍ صحي صعب ، على ما يقول لقمان عبد القادر رئيس جمعية القصف الكيمياوي لحلبجة الواقعة على بعد 250 كيلومتراً شمال بغداد . ) . يقول عبد القادر الذي فقد بدوره ستة من أفراد عائلته في القصف ، من مكتب منظمته في وسط المدينة أنّ هؤلاء ( .. يعانون من ضيق التنفس وضعف في النظر .. ) . ويعزو عبد القادر صعوبة وضع الناجين إلى ( .. عدم وضع برامج صحية لإنقاذ المصابين من قبل حكومة إقليم كُردستان والحكومة العراقية ، عبر إرسال مَن حالتهم سيئة إلى دول أوروبية لتلقّي العلاج .. ) .. ويشير السيد عبدالقادر مع ذلك إلى أنه ,( .. قبل انتشار فيروس كورونا كان بعض الناجين يرسلون إلى إيران للعلاج ، كما الحال مع صابر الذي ينتظر بفارغ الصبر تحسن الوضع الوبائي ليتمكّن من السفر إلى هناك والتداوي ) .

معاناة الناجين من هذه المأساة لا تنتهي فقط عند الضرر الجسدي . ( فهناك “142 طفلاً فقدوا حينها بعدما نقلوا إلى إيران أثناء القصف ، لكن لم يعثر ذووهم عليهم حتى الآن ، وفق ما شرح أيد آراس رئيس فرع حلبجة في منظمة حماية الأطفال. ولا تزال المدينة وفق آراس تعاني من وضع اقتصادي واجتماعي وبيئي صعب . ) . ,( كانت سويبه محمد البالغة من العمر 60 عاماً إحدى الشاهدات في المحكمة الجنائية العليا ضد علي حسن المجيد الملقّب بـ”علي كيمياوي”، ابن عم صدام حسين وأحد المسؤولين العسكريين البارزين في نظامه، في العام 2006. أعدم الرجل بعد أربع سنوات من محاكمته على خلفية جرائم عديدة من ضمنها مجزرة حلبجة، لكن ذلك لم يغيّر حياة سويبه التي فقدت خمسة من أولادها في القصف وكذلك نظرها وقالت باكيةً وعدني المسؤولون منذ سنين أن أتلقّى العلاج في الخارج ، لكي أفتح عيوني في آخر أيام عمري وألقي نظرة على أولادي الباقيين ، لكن لم يفوا بوعودهم ) . ،( .. ويسعى أهالي حلبجة الآن إلى تحقيق العدالة من خلال ملاحقة أشخاص يتهمونهم بأنهم دعموا صدام حسين لارتكاب مجزرة حلبجة .. وفي العام 2018، قام 5500 شخص من أهالي الضحايا ومن الناجين برفع دعوى قضائية في محكمة محلية ضد شركة أوروبية ومسؤولين، بتهمة مساعدة نظام حزب البعث السابق في تطوير أسلحته الكيميائية، وفق محاميهم إياد اسماعيل .. وبعد عامين، لم تبتّ المحكمة بعد في القضية التي “انعقد حتى الآن في إطارها ثماني جلسات”، فيما يفترض أن تعقد جلسة مقبلة لاحقاً، وفق اسماعيل الذي قال إنه سيجري إرسال “محاضر جميع الجلسات إلى الشركات” المشمولة بالمحاكمة ، “فضلاً عن الأدلة والوثائق المقدمة ضدّها .. لكن الوقت يداهم الناجين مع تردّي وضعهم الصحي. ويؤكّد عبد القادر، “توفي 116 ناجياً من المصابين في القصف الكيميائي في حلبجة منذ العام 2003″ أي بعد سقوط نظام صدام حسين … ) ….. ( … ومما نقلته منظمة هيومن رايتس ووتش من روايات لشهود عيان عاصروا هذا الهجوم أيضاً ، من بينهم طالب قال إنه كان يجد صعوبة في التنفس وكان يتقيأ مادة لونها أخضر . البعض كان يموت على الفور جراء استنشاق الغازات السامة ، والبعض كان يعاني من أعراض خطيرة قبل أن يموت ، ودائماً حسب روايات شهود عيان .. ) . نعم إنّ هجوم حلبجة هي من الأحداث التاريخية التي لن ينساها الكُرد ، ( .. فقد كان جزءا من حملة لصدام ضدهم قتل خلالها الآلاف منهم بأسلحة تقليدية وغير تقليدية ، حسب هيومن رايتس وووتش . ) .. ولابدّ من الإشارة هنا الى ( منظمة مراقبة حقوق الإنسان وهي منظمة أمريكية غير حكومية قد ناصرت الادعاءات حول مجازر حلبجة ، والإبادة الجماعية للأكراد في كُردستان العراق ، وقد نشرت المنظمة في 11 من مارس 1991 تقريرها عن مدينة حلبجة . وذكرت المنظمة أنّ العراق قد استخدم الأسلحة الكيمياوية في أربعين محاولة لشن هجمات على أهداف كُردية خلال حملة وصفتها بأنها إبادة جماعية . ويعدّ أهم هجوم ذكر في تلك التقارير هو الهجوم بالسلاح الكيمياوي الذي وقع في آذار/مارس 1988 والذي ذهب ضحيته وفقاً لدراسة أعدّتها المنظمة أكثر من 3,200 شخص أو ربما يصل عدد الضحايا إلى 5000 شخص أو حتى إلى 7000 شخص كما يزعم جوست هلترمان كاتب التقرير لصالح منظمة مراقبة حقوق الإنسان الخاص بحلبجة والذي نشرته المنظمة في 11 آذار/مارس 1991 وقد ورد في التقرير الفقرة التالية نقلاً عن أحد قادة الاتحاد الوطني الكُردستاني ( حزب الطالباني ) يقول فيه: إنّ ما حدث في حلبجة يومي 16 و17 آذار 1988 لم يكن المرة الأولى التي استعمل فيها العراقيون الغازات السامة ، فقد سبق لهم أن أسقطوها من قبل على قرية باغلو التي تبعد 20 – 30 كيلومتراً من الحدود الإيرانية حيث كان لحزب الاتحاد الوطني الكُردستاني مقرات هناك في ذلك الوقت … وحسب مصادر مؤكدة فقد بدأ الهجوم والذي استمرّ حوالي خمس ساعات في مساء يوم 16 مارس 1988، بعد سلسلةٍ من الهجمات العشوائية التقليدية – باستخدام الصواريخ والنابالم – وألقت طائرات الميغ والميراج العراقية قنابل كيماوية على مناطق حلبجة السكنية بعيداً عن قاعدة الجيش العراقي المحاصرة على أطراف البلدة ، وفقًا لقادة كُردستانيين في المنطقة ، ونفّذت الطائرات العراقية بتنسيق مع طائرات الهليكوبتر ما يصل إلى 14 هجومًا في كلّ طلعة جوية من سبع إلى ثماني طائرات لكلّ منها . وتحدّث شهود عيان عن سحبٌ من الدخان الأبيض والأسود ثم الأصفر ترتفع صعوداً كعمود حتى 150 قدماً ( 50 مترًا ) في الهواء . ) . ( وذكر الناجون من الهجوم إن الغاز عند إطلاقه كانت تفوح منه رائحة التفاح الحلو ، وذكروا أن الناس ماتوا بعدة طرق، مما يشير إلى وجود مزيج من المواد الكيميائية السامة . بعض الضحايا سقطوا قتلى في الحال ومات بعضهم من الضحك، بينما مات آخرون بعد بضع دقائق بعد أن ظهرت عليهم أولا ًعلامات حروق وتبثر أو ماتوا بعد سعال وقيء أخضر اللون ، وأصيب كثيرون أو لقوا حتفهم بسبب حالة الذعر التي أعقبت الهجوم ، وخاصةً أولئك الذين أصيبوا بالعمى بسبب المواد الكيميائية ) . و ,( .. في شهادة لأطباء ايرانيبن أفادوا بأنّ ضحايا الهجمات الكيماوية على حلبجة ظهرت عليهم أعراض التسمم بالسيانيد ، بينما أشارت تقارير أخرى إلى استخدام كميات كبيرة من غاز الخردل وأسلحة كيماوية أخرى . ومعظم الجرحى الذين نُقلوا إلى مستشفيات العاصمة الإيرانية طهران عانوا من التعرض لغاز الخردل .. وخلص تحقيق طبي أجرته الأمم المتحدة إلى استخدام غاز الخردل في الهجوم إلى جانب مهيجات أعصاب مجهولة الهوية . ولم يتمكّن محققو الأمم المتحدة من الحصول على أي معلومات محددة حول ما قيل أنه استخدام لغاز الهيدروسيانيك كمادة كيميائية شديدة السمية ، زعمت هيئة الإذاعة البريطانية أن أكثر الروايات قبولًاً هو أنّ الغاز المستخدم كان مزيجًا قاتلًا من غاز الخردل وغازات التابون والسارين والفي إكس ، قبل حادثة حلبجة كان هناك ما لا يقلّ عن 21 هجومًا كيميائيًا موثقًا أصغر حجمًا ضد أكراد العراق ، بدون أن يثير أي منها رد فعل جاد من المجتمع الدولي . ) . وماتلى الهجوم وكما أشرنا في القسم الأول فقد ,( .. التقط الصحفيون الإيرانيون الصور الأولى بعد الهجوم ، ونشروا الصور لاحقًا في الصحف الإيرانية. كما عرضت الصور التي التقطها طاقم كاميرا بريطاني من شركة ITN ونقلها الإيرانيون إلى جميع أنحاء العالم عبر البرامج الإخبارية ، بعض هذه الصور الأولى التقطها المصور الإيراني كافيه غولستان – والذي سنعيد تكرار شهادته التي نشرناه في القسم الاول – ووصف المشاهد للصحفي لغي دينمور من صحيفة الفاينانشيال تايمز ، كان غولستان على بعد حوالي ثمانية كيلومترات خارج حلبجة مع مروحية عسكرية عندما حلقت القاذفات المقاتلة العراقية من طراز ميغ 23. وقال يصف المشهد : لم تكن كبيرة مثل سحابة عيش الغراب النووية، ولكن عدة سحابة أصغر: دخان كثيف”. صُدم غولستان بالمشاهد عند وصوله إلى البلدة، رغم أنه شاهد من قبل هجمات بالغاز على الخطوط الأمامية في الحرب بين إيران والعراق وقال : الهجوم الكيميائي على حلبجة : كانت الحياة مجمدة توقفت الحياة ، وكأنك تشاهد فيلم وفجأة يتوقف عند دقيقة معينة. لقد كان نوعًا جديدًا من الموت بالنسبة لي .. كانت العواقب أسوأ ، لا يزال يتم إحضار الضحايا جاء بعض القرويين إلى مروحيتنا ،كان لديهم 15 أو 16 طفلاً جميلاً ، يتوسلون إلينا أن ننقلهم إلى المستشفى . جلس كل الصحفيين هناك وكل واحد منا تسلم طفلًا ليحمله . عندما أقلعنا خرج سائل من فم الفتاة الصغيرة التي كنت أحملها وماتت بين ذراعي ) . وبالرغم من كل تلك الفظائع ( لم تعلق الحكومة العراقية علنًا على استخدام الأسلحة الكيميائية في حلبجة حتى 23 مارس ، وكانت التصريحات المبكرة للمسؤولين العراقيين بشأن هذه المسألة غير متسقة . على الرغم من أن العراق نفى في نهاية المطاف مسؤوليته عن الهجوم وألقى باللوم على إيران، فإن صمته الأولي فضلاً عن حقيقة أن حلبجة لم تكن أبدًا جزءًا رئيسيًا من حملة الدعاية في زمن الحرب العراقية ضد إيران يثير تساؤلات حول مدى صدق هذا الإدعاء ) . وفي العودة الى بعض من وثائق الحكومة العراقية التي يعود تاريخها من 16 مارس لعام 1988 إلى عدة أسابيع لاحقة إلى “تصعيد حازم للقوة العسكرية والقسوة في حلبجة”، ذكر في الوثائق أيضاً ما يلي: “أدّى قصف طائراتنا ومدفعيتنا على منطقة حلبجة وخورمال إلى مقتل 2000 شخص تقريبًا من القوات المعادية للفرس والعملاء الإيرانيين ( الاتحاد الوطني الكُردستاني ) ، وذكر أيضاً : “الهجوم الأخير على حلبجة بالذخيرة الخاصة”، أحد الوثائق يشير صراحةً إلى “الهجوم الكيماوي العراقي على حلبجة ، وأوضح طيار عراقي في عام 2003 أن الدافع وراء الهجوم جزئياً هو التصور العراقي بأن التعاون الكُردي مع الجنود الإيرانيين الغازي يشكّل “خيانة عظمى ) . ورغم الصدمة القوية والمرعبة ( .. فقد قام الناجون بمساعدة البشمركة والإيرانيين بدفن معظم القتلى على عجل في مقابر جماعية مؤقتة . بعد استعادة حلبجة من القوات المتمردة الإيرانية والكُردية ، جاءت القوات العراقية بسترات واقية من الإشعاع ( NBC ) إلى حلبجة لدراسة مدى تأثير أسلحتها وهجماتها . وكانت المدينة لا تزال مليئة بالموتى غير المدفونين وتمّ دفنهم من قبل القوات العراقية باستخدام الجرافات والمتفجرات موّلت الحكومة اليابانية مشروع بقيمة 70 مليون دولار لتوفير الوصول إلى مياه الشرب الآمنة .. في غضون ذلك ، اعترف مسؤول عراقي رفيع المستوى رسمياً في اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار حينها باستخدام العراق للأسلحة الكيميائية . ) …. و ( .. بعد عشر سنوات في عام 1998 كان ما لا يقلّ عن 700 شخص لا يزالون يتلقّون العلاج من الآثار الشديدة للهجوم ، اعتبر 500 منهم بأنهم في حالة حرجة حتى وإن كانت الحالات الأشد خطورة ربما ماتت بالفعل، وفي المسوح التي أجراها الأطباء المحليون عثر في حلبجة على نسبة مئوية أعلى من الاضطرابات الطبية ، وحالات الإجهاض ( عدد المواليد الأحياء و14 مرة أعلى من المعتاد ) ، وسرطان القولون ( 10 مرات أعلى من المعدل الطبيعي ) ، وأمراض القلب ( أربعة أضعاف بين عامي 1990 و 1996 ) مقارنة بجمجمال ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن “السرطانات الأخرى وأمراض الجهاز التنفسي ومشاكل الجلد والعين والخصوبة واضطرابات الإنجاب هي أعلى بشكل ملحوظ في حلبجة ومناطق أخرى تعرّضت لهجمات كيماوية . بعض الذين نجوا من الهجوم أو أصيبوا على ما يبدو بجروح طفيفة فقط آنذاك أصيبوا لاحقاً بمشاكل طبية يعتقد الأطباء أنها ناجمة عن المواد الكيميائية ، وهناك مخاوف من أنّ الهجوم قد يكون له تأثير وراثي دائم على السكان الأكراد ، كما أظهرت الاستطلاعات الأولية زيادة معدلات العيوب الخلقية ) . وكذلك ظهرت أعراض أخرى حسب ما أشارت إليها بعض التقارير ( .. إلى أن الناجين من هذا الهجوم بالذات يعانون من إصابات دائمة بما في ذلك الحروق ، وبعضهم تظهر عليهم أعراض التلف العصبي رغم أنه لا يمكن تأكيد ذلك بشكل كافٍ حتى الآن … ) . وفي الختام لن ننسى مطلقاً ساعة العقاب بحق المجرم علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيماوي ابن عم الطاغية المجرم صدام حسين حيث أعدم شنقاً ( في كانون الثاني/ يناير 2010 ) وقد أفادت تقارير حينها بأنه ، أعدم الفريق علي حسن المجيد ابن عم صدام حسين المعروف بلقب “علي الكيماوي” شنقاً. وتفيد التقارير على أنه لم يبد أي ندم على ما فعله بعد إدانته والحكم عليه بالاعدام أربع مرات . لقد قال إنه تصرف بدافع من حرصه على أمن العراق . ورغم ذلك فقد بقي غصة في قلب 40 مليون كُردي في قرار إعدام صدام حسين في 2006 وذلك بسبب إدانته في مجزرة الدجيل الشيعية التي قتل فيها 148 شخصاً . وانتهت بذلك الملاحقات ضده في ما يعرف بقضية الأنفال حيث كان يحاكم بتهمة الابادة بحق الكرد

يتبع

….

  • غالبية مراجع هذه المادة هي من غوغل .. يوكوبيديا والمعرفة ومقالات من صحف عديدة وعليه اقتضى التنويه ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى