▪︎ انتظارِ معارضةٍ متجانسة.. تسويف للحل- كُردياً▪︎
عبدالله كدو
إنّ تجيير السخط الشعبي الكُردي السوري على تكتلات أو شخصيات سياسية أو ثقافية سورية معارضة، ذلك بسبب تحفظها على جوانب من خطاب الحركة السياسية الكُردية أو رفضها له، سواءً راهناً أم سابقاً، ضد المجلس الوطني الكُردي، كونه مشارك في مؤسستي هيئة التفاوض و الائتلاف السوري لقوى الثورة المعارضة الوطنية السورية، إنما ينطلق من غايات دعائية تحريضية، أكثر مما هي قناعة لدى القائمين بها، ويستند على شحن عاطفي شعبوي، بعيداً عن المقاربة الواقعية و المحاكمة المنطقية المسؤولة.
فالقضية الكُردية في سوريا هي- أصلاً – ناتجة عن رؤى و ممارسات تسلطية للأنظمة الاستبدادية المتعاقبة، المتستّرة بلبوسٍ قوموي عروبي ، و متشرّب – أحياناً – بنزعة إسلاموية تناسب مقاس المتسلّلين للحكم انقلابياً و استطالاتهم ، أولئك الذين لا هدف لهم سوى ديمومة الاستئثار بالسلطة و الثروة المسلوبتين منذ عقود ، فهؤلاء وقفوا ضد القضية الكُردية خشيةً من أن تكون بوّابة للديمقراطية التي تُعتبر عدوتهم الأولى .
حيث أولئك المتسلطين المتباهين بالنزعة الشوفينية، على أنها تشبث بالعروبة، هؤلاء يعتبرون ويسوّقون ، في تأويلهم الخاص، بشكل مباشر أو فيما بين السطور ، على أنّ الإسلام منجز و إرث قومي، و يجيّرون – حتى – لغة القرآن لمآربهم المتنافية مع جوهر الإسلام و جميع الأديان، المتمثل بالمساواة و نبذ الاستعلاء.
أقول بأنّ هذه النماذج من الشخصيات أو التكتلات السورية، ذات الرؤى المتحفظة أو الرافضة للخطاب الكُردي السوري، جزئياً أو كلياً ، و النماذج الأخرى المتنكرة للخصوصية القومية المشروعة للشعب الكُردي، وربما المتنكّرة لتاريخهم ، قد يستمرّ بقاؤها (النماذج) لفترات طويلة قادمة، رغم أنني متفائل بأنها إلى الانحسار و التضاؤل ، بحكم ” التقدم الاجتماعي” العام و سيادة ثقافة حقوق الإنسان و الديمقراطية على المستويين المحلي و العام ، و عليه فإنّ الكُرد السوريين الذين خبِروا النضال السلمي ، مطالَبون بالاستمرار في التحاور مع الجميع ، بمن فيهم تلك النماذج التي ستصادفهم في سياق تفاعلهم مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية السورية، ذلك تحت قباب مجالس البلديات و البرلمان وغيرها من المؤسسات في سوريا المستقبل… و من المهم أن يستثمر الكّرد خبرتهم السياسية السلمية، القائمة على التآخي بين مختلف المكونات السورية، في تعزيز التعامل، وبشكلٍ خاص، مع القوى المؤمنة بالشراكة الوطنية الحقيقية، لإضعاف مفاعيل تلك النماذج السلبية المومأ إليها، وصولاً للتجانس الوطني ، حيث لا خيار أمام السوريين، بمختلف قومياتهم و أديانهم و ثقافاتهم ، إلا التعايش في ظلّ الانتماء الوطني السوري الجامع لكلّ الأفراد والجماعات.
فهل مطلوبٌ من الديمقراطيين السوريين، و منهم أعضاء و أنصار المجلس الوطني الكُردي، و غيرهم من الكَرد المؤمنين بالشراكة مع عموم المعارضة الوطنية السورية ، رفض المشاركة في مؤسسات المعارضة العامة التي تأوي، فيما تأوي، بعضاً من تلك النماذج السلبية إزاء حقوق الكُرد ، ريثما يتحقّق الإجماع على حقوق الكُرد، أيْ خلوّ مؤسسات المعارضة من المتحفّظين على الخصوصية الكّردية و رافضيها ؟.
و هل من جدولٍ زمني ينْبئنا عن تاريخٍ يتحقّق فيه ذلك الإجماع ؟.
أعتقد أنّ استخدام هذا ” التجيير ” يفيد – من حيث يدري العاملون عليه أم لا – النظام و ملحقاته أولاً ، لأنه يشيع الفرقة و الإحباط في أوساط جماهير الشعب السوري، الحامل الأساس للديمقراطية المنتظَرة القادمة .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 286