شريط آخر الأخبارمن الصحافة العالمية

بعد تشتيت تنظيم «الدولة»: إدارة ترامب ستعترف بالاستقلال الكردي في مرحلة «اليوم التالي للعراق»

لن يقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الاستقلال الكردي في العراق في حال وجود اتفاق بين حكومة بغداد والإقليم، وفقا للعديد من مسؤولي اللجنة الاستشارية الأمريكية للشرق الأوسط في إدارة ترامب. وفي الواقع، هناك اتجاه في البيت الأبيض يحث الأكراد على تقديم ورقة عمل لواشنطن لمناقشة دور كردستان في الشرق الأوسط مع الكثير من التعليقات التي تشيد بدور الميليشيات الكردية المسلحة في الحرب ضد تنظيم «الدولة».
ومن بين التصريحات الصادرة من مسؤولي إدارة ترامب في هذا السياق، تعليقات من سام يونو وهو عضو في ائتلاف الشرق الأوسط «أمكت» جاء فيها ان «إدارة ترامب تحترم شعب إقليم كردستان ونضاله من أجل الاستقلال» وانها ستبحث مناقشة دور كردستان في الشرق الأوسط ضمن اتجاه جديد لمراجعة الجهود الأمريكية في المنطقة والتخطيط لمعالم جديدة للتضاريس السياسية القائمة.
وقال مستشار ترامب، وليد فارس، ان الولايات المتحدة ستقدم دعما إضافيا إلى الحلفاء الأكراد وأن إدارة ترامب لن تتخلى عنهم، مؤكدا بأنهم جزء من الحملة العسكرية ضد الإرهاب. وأضاف ان ترامب يدرك جيدا الدور الذي لعبه الأكراد في محاربة تنظيم «الدولة» مؤكدا انهم سيلعبون دورا في الجهود المبذولة لإعادة الحياة إلى المجتمعات التي دمرها الإرهاب وضمان عدم ظهور جماعات إرهابية أخرى بعد هزيمة «الدولة».
وأعلن ترامب خلال حملته الانتخابية عن تضامنه مع الأكراد في ثلاث مناسبات منفصلة، كما أعرب عن انفتاحه في وقت مبكر على فكرة كردستان المستقلة في حين كانت منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون ملتزمة بتحذيرات شديدة مثل تسليح القوات الكردية ولكن ضمن عراق موحد. ووصل وفد كردي رفيع المستوى إلى واشنطن بعد أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية لعقد اجتماعات مع إدارة ترامب، وايصال توجهات أربيل إلى البيت الأبيض، وكان مايك بينس، نائب الرئيس الأمريكي، الذي زار إقليم كردستان عام 2008 أكد في اتصال هاتفي مع مسعود بارزاني على ان الإدارة الجديدة تدعم الأكراد والبيشمركه.
ويؤيد مساعدون لترامب، من بينهم ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض، فكرة دعم الأكراد سياسيا وعسكريا، وهناك شبه اتفاق بين الخبراء على ان ترامب سيمثل فرصة لخروج الأكراد من معاملة الاهمال والخيانة التي مارستها الإدارات السابقة بحقهم. وبرزت تعليقات في مواقع يمينية محافظة تتهم إدارة الرئيس السابق باراك اوباما بانها لم تفعل شيئا يذكر للضغط على بغداد، وطالبت ان تصل نسبة عادلة من المساعدات الدولية للأكراد الذين يحاربون تنظيم «الدولة». وردد العديد من محللي «مستودعات التفكير» التي تلهم أفكار طاقم ترامب فكرة مفادها ان الوقت حان لترامب والإدارات الأمريكية المتعاقبة للتعامل مع الأكراد على انهم الحليف الحقـيـــقي في الشــرق الأوسط وسط بحر من الأنظمة غير المنتظمة والمشكوك فيها، وكثيرا ما يقال ان ترامب يثمن بشكل كبير الولاء والاتفاق الايديولوجي، وقد أظهر الأكراد هذه الصفات المرة تلو الأخرى.

تهديدات في المستقبل

وسخر مساعدو ترامب مرارا من فكرة جلب الديمقراطية إلى الشرق الأوسط، وزعم العديد من المساعدين انه يمكن رؤية صعود ديمقراطية كبيرة ثانية في الشرق الأوسط وقالوا ان الأكراد يواجهون تحديات سياسية ودبلوماسية صعبة في الطريق ولكن مع ترامب، هناك احتمال حقيقي لتغيير فعلي.
التعليقات الرسمية الأمريكية بشأن أزمة الاستفتاء ورفع العلم كانت قليلة، وهي تصب في خدمة فكرة واحدة تتلخص في ان الولايات المتحدة لا تريد تشتيت الانتباه عن حملة محاربة تنظيم «الدولة». وعلى سبيل المثال، حذر السفير الأمريكي في بغداد، دوغلاس سيليمان، من ان الاستفتاء في إقليم كردستان وموضوع رفع العلم في كركوك سيشتت الانتباه عن تنظيم «الدولة» مشيرا إلى ان العراق يجب ان يكون ذا سيادة ومزدهرا، وأضاف «كل هذه الأمور لا تساعد على ذلك، مواضيع الاستفتاء ورفع علم الإقليم يجب ان يتم التباحث فيها ضمن الدستور العراقي».
هناك قناعات في واشنطن بان مستقبل العراق بعد هزيمة «داعش» سيكون عرضة لتهديدات أشد خطورة إذا لم تقتنع بغداد ان عليها التخلي عن المركزية وعدم الشمولية في الحكم، وهناك مخاوف أخرى في واشنطن تجاه مرحلة ما بعد هزيمة «داعش». وفي هذا السياق، ركزت محادثات صهر ترامب، جاريد كوشنر، أثناء زيارته لإقليم كردستان على مناقشة خطط تتناول اليوم التالي مع قادة الأكراد، بمن فيهم الزعيم الكردي مسعود بارزاني، ورئيس وزراء الإقليم نيجيرفان بارزاني، ونائب رئيس الوزراء القبراني طالباني وقائد البيشمركه محمد حاجي محمود، ولم تتعرض هذه الزيارة الاستطلاعية إلى العراق إلى قضية الاستفتاء أو رفع العلم ولكنها كانت فرصة لإدارة ترامب لاظهار نوع من الاهتمام بالمصالح الكردية كمقدمة لإحداث تغييرات في المستقبل.
وقال محللون أمريكيون ان من أهم دروس التاريخ التي تعلموها هي ان الولايات المتحدة كانت تجد نفسها في وضع مشبوه بعد دعمها لمجموعات معينة أو لدول في الشرق الأوسط فهي مثلا دعمت المجاهدين في افغانستان ليتحولوا فيما بعد جماعات مثل طالبان، وفي العراق، دعمت الولايات المتحدة حكومة شيعية تمارس نوعا من الاضطهاد الطائفي ضد السنة، ولكن ممارسات قوات البيشمركه لا تشير حتى الآن إلى انها ستتحول إلى عدو أو صديق غير مرغوب فيه في المستقبل، بل هو حليف استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. وهناك نقاشات جدية في واشنطن حول امكانية انشاء قواعد عسكرية دائمة في كردستان للتعامل مع متغيرات الأحداث التي قد تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية، ووفقا للعديد من المحللين فان الأكراد يرحبون بخطوة من هذا القبيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى