آراء حول موقف واشنطن من الانتخابات الرئاسية في سوريا
Yekiti Media
قالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد خلال جلسة لمجلس الأمن حول سوريا إن “ما تسمى بالانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 أيار المقبل، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.
وأضافت: “وفقا لتكليف أصدره هذا المجلس بالإجماع يجب إجراء الانتخابات وفقا لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ويجب على نظام الأسد اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”.
يكيتي ميديا توجهت إلى نخبة من السياسيين حول موقف واشنطن من الانتخابات الرئاسية التي يزمع النظام إجراؤها في الأيام المقبلة …كيف تقرؤون الموقف الأمريكي بخصوص انتخابات بشار الأسد ؟
مرح البقاعي… مستشارة السياسات الدولية/واشنطن
لم يتّضح بعدُ بشكلٍ مقنع موقف واشنطن تجاه الانتخابات الرئاسية ؛ التي يجريها النظام حالياً دونما عوائق حقيقية ، أو لنقُلٔ موانع فعلية من أيّ طرفٍ دولي تؤخذ على محمل الجدّ من قبل النظام.
وقالت: إنه يمضي بعينٍ واحدة باتجاه هدفه في البقاء في السلطة ، بعد أن هجّر سبعة ملايين سوري من أرض الوطن ،وقتل عشرات الآلاف، واعتقل الآلاف من الوطنيين الشرفاء.
وأضافت: للأسف مكتب سوريا في الخارجية الأمريكية لم يتشكّل بشكلٍ كامل ، مايمنع أن يُتّخذ فيه أيّ قرارٍ جدّي الآن، إدارة بايدن تعوّل على حلّ القضايا المعلّقة مع إيران ، و بعدها ستلتفت إلى الملفّ السوري ،كونها تربط بين الوضعين الراهنين ،الإيراني والسوري ،وتضعهما في كفةٍ واحدة ، وهذا خطأ فادح من قبل الإدارة الحالية.
وأكدت: صحيحٌ أنه لجم إيران ومليشياتها في سوريا، وهذا سيساعد في إيجاد مخارج عادلة للقضية السورية ، إلا أنه يجب الفصل بين الملفّين لأنّ ما يحدث في سوريا يتعلّق بنفوذ أكثر من دولة، ولو أنّ إيران أخطر دولةٍ موجودة في سوريا على أمن السوريين ودول الجوار والمنطقة بأسرها ، وتتّخذ من الأرض السورية منصةً لأعمالها العدوانية التوسعية.
د. عبد الباسط سيدا… سياسي
لا جديد حتى الآن في المواقف الأمريكية من نظام بشار الأسد التي يُعلن عنها من حينٍ إلى آخر من قبل المسؤولين الأمريكان، ومنها ما جاء على لسان السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غيرينفيلد، التي أعلنت في مجلس الأمن أنّ الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية تلك الانتخابات، ولن تساهم في عملية اعادة الإعمار. وإنما نتلّمس تراجعاً، إذ أن التصريح لا يشير إلى عملية انتقال سياسي جدية، إذ يكتفي بالتركيز على الإصلاحات (المبهمة)، والمساعدات الإنسانية التي نصّت عليها أصلاً قرارات أممية بصورة واضحة. ولكنه لم يتطرّق إلى خارطة الطريق التي وضعها كوفي عنان، وأصبحت أساساً لبيان جنيف1 الذي تمّ التوافق عليه في 30 حزيران/ يونيو 2012، وهو البيان الذي من المفروض أنه يمثّل مرجعية القرار الأممي 2254 الخاص بسوريا .
وأضاف: فهناك تركيزٌ على الدستور والانتخابات التي ينبغي أن تكون تحت إشرافٍ دولي وفق الموقف الأمريكي المعلَن. وهذا ما ذهب إليه أيضاً المندوب الأممي الخاص بسوريا غير بيدرسون في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن؛ ومما قاله الأخير في هذا السياق هو أنّ الانتخابات التي أعلن عنها النظام لا تدخل ضمن مهمته، وبالتالي لا يعترف بها، ولكنه في المقابل دعا إلى تخفيف الضغط الاقتصادي على النظام من أجل السوريين.
وأوضح: أما الروس فقد وجدوا في موضوع الدستور واللجنة الدستورية ضالتهم، لأنه يحرّرهم من القيود الزمنية، ومن موضوع هيئة الحكم الانتقالي، ويغطّي على مساعيهم التضليلية المستمرّة التي تستهدف تثبيت النظام لشرعنة تواجدهم، وما يفعلونه في سوريا .
وتابع قائلاً: ما يُستنتَج من التصريحات والاتصالات، والوقائع الميدانية، هو أننا لن نشهد انفراجاً منتظراً في الموضوع السوري؛ وإنما ستستمرّ ظاهرة مناطق النفوذ التي تلقي الضوء على مدى وحدود تحكّم القوى الإقليمية والدولية بالدولة والمجتمع السوريين عبر جيوشها ومليليشياتها سواءً الوافدة أم المحلية؛ وهي ظاهرة قد تتحوّل في المستقبل مع مضي الوقت، وفي ظلّ غياب الجسم القيادي الوطني السوري الجامع، إلى تقسيمٍ فعلي، ليس بالضرورة أن يُعترف به بصورة رسمية على المستوى الدولي، لا سيما بعد ترسّخ عملية ارتباط المصالح الكبرى والصغرى الخاصة ببعض الشرائح السورية، وحتى على مستوى الأفراد، بما هو قائم.
فؤاد عليكو.. سياسي
من المؤسف القول إنّ الموقف الأمريكي لم يرتقِ للمستوى المطلوب ، بتأكيدهم على أنّ هذه الانتخابات لن تكون نزيهةً وشاملة وتتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254 ,لكن في المقابل لم يتطرّق الى شرعية هذه الانتخابات قانونياً ، وهذا يعني أنّ النظام سيحتفظ بشرعيته القانونية دولياً وستبقى أمريكا تتعامل مع النظام كنظامٍ دكتاتوري قمعي ، لذلك ستكتفي بالعقوبات المفروضة عليه، ولن تساهم في إعادة الإعمار وستطالب كالعادة بتطبيق القرار الدولي لا أكثر ، دون حصول الضغط المطلوب ويأتي في مقدمة هذا الضغط سحب الشرعية الدولية منه، واعتباره نظاماً متمرّداً على الشرعية الدولية.
وأضاف: واستنتاجاً على ذلك فإنّ السياسة الأمريكية المقبلة بالنسبة لسوريا ستتركّز على بقاء العقوبات على النظام، وربّما تشديدها وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين ،والعمل على تبريد الجبهات العسكرية بانتظار حصول توافقٍ دولي على شكل الحلّ السياسي ،
ويأتي في مقدمة هذا التوافق التفاهم بين روسيا وأمريكا ، وهذا مستبعَد ضمن المعطيات الحالية نتيجة الخلافات الكبيرة بين الطرفين في ملفاتٍ كثيرة مثل أوكرانيا والقرم ومسألة التجسس الروسي على الانتخابات الأمريكية.
وتابع قائلاً: كما أنّ الروس يسوقون لفكرة بأنّ النظام هو أفضل الموجود؛ لأنّ البديل هو التيار الإسلامي المتطرّف (النصرة أو داعش )وهذا ما يرعب المجتمع الدولي أكثر، لذلك يعمل الروس (ليل – نهار ) على الترويج لفكرة تأهيل النظام عربياً وحتى إسرائلياً ،وبأنّ تقوية النظام وتأهيله عربياً ودولياً كفيلٌ بإضعاف دور إيران وحزب الله في سوريا ولبنان ، وإزالة المخاوف العربية والإسرائيلية من التواجد الإيراني الكبير في البلدين، وسيطرته على قرار الدولتين ، وربّما العوامل المذكورة أيضاً تدفع بالامريكيين الى التردّد في مسألة الضغط على النظام بموضوع سحب الشرعية القانونية والدبلوماسية منه…إذاً نحن أمام مرحلة انتظارٍ جديدة وإدارة للأزمة في انتظار انفراجٍ غير محدّد بالزمان.
صالح دميجر / إعلامي واشنطن
الولايات المتحدة الأمريكية، كإحدى أقوى الدول الحرّة والديمقراطية – إنٔ لم تكن أقواها – في العالم، تدعم وتساند أية جهودٍ لإجراء انتخاباتٍ نزيهة و شفّافةٍ في أيّ بلدٍ في العالم ، وسوريا ليست مستثناة من هذا الدعم، ولكن بشرط توفّر الشروط اللازمة والبيئة الملائمة لضمان نزاهة واستقلالية هكذا انتخابات. وهذه الشروط غير متوفّرة الآن في سوريا.
وقال: ادّعاء النظام السوري بأنّ إجراء هذه الانتخابات هو استحقاقٌ دستوري هو ادّعاءٌ مفصول جملةً وتفصيلاً عن الواقع السوري. فكيف ستُجرى انتخاباتٌ في بلدٍ أكثر من نصف سكانه مشرّدين ولاجئين في الداخل والخارج؟
عن أيّ دستورٍ نتحدّث وسوريا كلّها مستباحة لقوى إقليمية ودولية لا تنظر للحلّ السوري إلا من خلال مصالحها ورجحان كفة الجماعات العسكرية التي تسيطر كلّ منها على جزءٍ من سوريا ؟
وأردف قائلاً: الا يحقّ للمدنيين في إدلب وشمال حلب والرقة ودير الزور والكثير من المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، أن يشاركوا في اختيار رئيسٍ لوطنهم أم إنّ هذا الوطن ملك لجماعة دون أخرى؟
هذه الانتخابات ليست انتخابات رئاسية شاملة لكلّ سوريا ، وبالتالي تفقد صفتها الشرعية والدستورية. فهي انتخابات في المناطق التي يسيطر عليها النظام عسكرياً ولا تحمل أية قيمةٍ لأنها بكلّ بساطةٍ مبايعة للرئيس بشار الأسد ولا تمتّ للاستحقاق الدستوري بأية صلةٍ .
وأشار إلى أن النظام السوري يعلم وتعلم روسيا، الحليفة القوية لنظام دمشق، علم اليقين أنّ هذه الانتخابات هي هروب إلى الأمام وقفز على العديد من الاستحقاقات السياسية ، وبالتالي هي لعبة لن تنطلي على المجتمع الدولي المتمثّل في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي أكّدت مراراً وتكراراً بأنه خارج القرار الدولي ٢٢٥٤، لن يكون هناك أيّ حلٍّ لسوريا.
واختتم قائلاً: القرار الدولي ينصّ صراحةً على وقفٍ لإطلاق النار في أرجاء البلاد والسماح بوصول المساعدات الإنسانية ومن ثم تشكيل هيئة حكمٍ انتقالي وصياغة دستور جديد لسوريا واجراء انتخابات برعاية دولية يشارك فيها كلّ سوريٍ وأينما كان.