آراء علماء الجيولوجيا حول التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها
فواز خليل
بعيد حدوث الزلزال المدمّر في تركيا و سوريا ظهرت آراءكثيرة غير مسندة إلى المنطق في وصف التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها؛ لذا كان لابدّ من تصحيح هذه الأفكار الشائعة، والاحتكام إلى الوقائع العلمية البعيدة عن اللغط للاستفادة وتقليل أضرارها المدمّرة قدر المستطاع ، فعمدتُ إلى تقليب صفحات العلم؛ لأنهل من معين العلماء و آخر تصريحاتهم بهذا الخصوص ، و بعد تنقّلي بين المواقع الالكترونية و المقابلات التلفزيونية توقّفت عند عالمين جيولوجيين هما
سـوزان هوغ ،عالمة الزلازل بهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، كذّبت في برنامج مخاطر الزلازل صحة الادّعاءات والتصريحات بخصوص إمكانية توقّع الزلازل ، مشيرة إلى أنّ الحالة الأخيرة تندرج ضمن البيانات والتوقعات العشوائية ، وذلك في حديثها لـلإذاعة الوطنية العامة الأميركية NPR.
وقالت أيضاً: قد سبق لهوجبرتس أن قام بعدة توقعات غير صحيحة ، أشهرها ادّعاؤه أنّ زلزالاً كبيراً سيضرب كاليفورنيا يوم 28 مايو 2015، وحثّ الناس على وضع خطة هروب جاهزة ، محذّراً من وقوع زلزال خطير للغاية بقوة 8.8 درجة أو أعلى ،
و رداً على “تنبّؤ” هوجبرتس، قالت عالمة الزلازل، سوزان هوغ :إنّ المنطقة التي وقع فيها الزلزال، موقع نشاط متكرر: حيث تتلاقى ثلاث صفائح تكتونية ، موضحة أنّ الزلزال القوي “لم يمثّل مفاجأة لأي عالم زلازل”، مضيفةً: إنّ “تركيا منطقة زلازل معروفة . ونعلم أنّ الزلازل بهذا الحجم ممكنة”.
و صرّحت ايضاً بأنّ هوجبرتس لم يستجب على الفور لطلب الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية “NPR” للردّ على العلماء الذين يشكّكون في ادّعاءاته.
وتقول وكالة المسح الجيولوجي :إنه “لا يمكن توقع حدوث الزلازل بشكلٍ دقيق، ولا نتوقّع معرفة ذلك في أي وقتٍ في المستقبل المنظور”، مضيفةً: إنه يمكن للعلماء فقط، حساب احتمال وقوع زلزال كبير (كما هو موضّح في خريطة المخاطر لدينا) في منطقةٍ معينة خلال عددٍ معين من السنوات”.
و في هذا السياق ايضاً أفاد الدكتور فاروق الباز العالم في وكالة ناسا الأمريكية في مقابلةٍ على إحدى القنوات التلفزيونية المصرية بأنه لا يمكن التنبؤ بحدوث الزلزال قبل وقتٍ قصير ؛لأنّ تحرّك الطبقات المتراصفة فوق بعضها يكون على أعماق آلاف الكيلو مترات، في عمق الأرض أسفل القشرة الأرضية ، و ما حدث مؤخراً هو تحرك قطعة صغيرة من هذه الطبقات المتراصفة فوق بعضها في الزاوية الشمالية من الكتلة أو الطبقة التي تحمل شبه الجزيرة العربية تحرّكت تحركاً بسيطاً ، مما أحدث هذا الدمار الهائل ، و رداً على سؤال: ما دور مراكز رصد الزلازل ؟ قال : في كلّ مرة يحدث الزلزال يستفيد العلماء بإضافة معلوماتٍ جديدة إلى العلم ، بمعرفة الطبقة التي تحرّكت و عمقها و آثارها ، أما النشاط الزلزالي لكتلة شبه الجزيرة العربية و تحرك الصفائح هذا ليس جديداً بل يعود الى ما قبل ستة ملايين سنة، و أجاب رداً على سؤالٍ ساخر: بعد كم تحرك في القشرة الأرضية ، بمعنى آخر بعد: كم هزة أرضية يمكن للعلم التوصل إلى الإنذار المبكر ، فقال ربما بعد خمسين سنة أو أكثر يتوصل العلماء إلى حقائق تمكّنهم من اختراع أجهزة تنبؤ بحدوث الزلازل قبل وقتٍ كاف؛ لتجنب مخاطرها وإنقاذ أرواح الناس ، و استطرد قائلاً: إنّ تركيا تقع في شمال طبقة شبه الجزيرة العربية، التي تمتدّ بدءاً من اليمن جنوباً و على يسارها الصدع الأفريقي الذي شكّل البحر الأحمر قبل ملايين السنين و هو الأخطر جيولوجياً ، و امتداد طبقات القشرة الأرضية الأفريقية باتجاه الشمال ضغطت على الصفيحة الأرضية في أوروبا و قوّستها نحو الأعلى و شكّلت حدبةً هي ما تسمّى حالياً جبال الألب ، أما بالنسبة لتنبؤ العالم الهولندي بحدوث الزلزال المدمّر في تركيا و سوريا ، قال: هو مجرد تخمين ، و نحن العارفين و المهتمين بالجيولوجيا بديهي لدينا أنّ المنطقة تقع ضمن النشاط الزلزالي حسب توضع الطبقات التكتونية ، و لم نتوصل بعد لحقيقة ، أية قطعة من تلك الطبقات سوف تتحرّك ؟و متى ؟،، و التخوف الأكبر من الصدع الفاصل بين كتلة شبه الجزيزة العربية و كتلة أفريقيا، و أي تحرّك سيكون في الشق الطولي للبحر الأحمر.