أثر الحصار الاقتصادي والإجراءات والقرارات الاقتصادية التي أتخذها النظام السوري وداعش على كُردستان سوريا في ظل الأزمة السورية
خورشيد عليكا
عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
تعيش كُردستان سوريا في ظل حصار اقتصادي وأزمة اقتصادية وأمنية خانقة وخاصة بعد سيطرة تنظيم داعش على كامل الحدود الجنوبية لكُردستان سوريا وتشديدها للحصار الاقتصادي والأمني على مواطنيها، وأغلاق شبه تام للحدود من قبل الحكومة التركية مع كُردستان سوريا، وعدم لعب معبر سيمالكا مع إقليم كُردستان العراق دوره الاقتصادي الحيوي مع كُردستان سوريا، وتقاعس النظام السوري وحكومات الكانتونات الثلاثة؟ والمجلس الوطني الكُردي في خدمة كُردستان سوريا وإقرار النظام السوري جملة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي عمقت الأزمة الاقتصادية في كُردستان سوريا.
تحدثَ تقرير اقتصادي صادر عن “اتحاد عمال سورية”، في نيسان الماضي إنَّ “مجمل خسائر الاقتصاد السوري بسبب الحرب، تجاوزت 6 تريليون ليرة سورية شاملة جميع القطاعات”. وأكد التقرير أن “إنتاج سورية من النفط الخام انخفض من 385 ألف برميل يومياً، إلى حدود 9000 برميل”، مضيفاً أنَّ “سورية كانت تنتج 4 ملايين طن من القمح سنوياً، وبفعل الحرب تراجع هذا الإنتاج بنسبة 50 بالمئة، كما تم استهداف مراكز الكهرباء ومستودعات الوقود وخاصة في المنطقة المتوسطة والشمالية الشرقية من سورية”. وأوضح التقرير، أنَّ “الزراعة تراجعت 80 %، وقطاع السياحة تأثر بحدود 96 % مقارنة مع عام 2010، كما تراجع معدل النمو الاقتصادي، فقد كان ايجابياً بحدود 5 % في 2001 إلى 2010، وأصبح سالباً منذ 2011.
كما وأعلن مركز البحوث في الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية في 28 آب 2015 عن ارتفاع معدل البطالة في سورية من 8,6 عام 2010 إلى 57.7 في المئة حتى نهاية عام 2014.”، وبحسب مركز البحوث فإن 12,22 مليون سوري من أصل 28 مليون سوري قد فقدوا دخلهم الرئيسي.”
وهنا لا بد من البحث عن هذين الأثرين على كُردستان سوريا:
– أولاً: أثر الحصار الاقتصادي على كردستان سوريا في ظل الأزمة السورية:
حيث تخضع كُردستان سوريا إلى حصار اقتصادي من أطراف متعددة ومتنوعة ولأسباب سياسية وطائفية منذ بداية الأزمة وخاصة منذ سيطرة داعش على الأطراف والحدود الجنوبية لها. ويتجلى الحصار الاقتصادي المفروض على كُردستان سوريا من أطراف متعددة ولأسباب متعددة منها:
-الحصار الاقتصادي غير المباشر الذي تفرضه النظام السوري:
إنَّ النظام السوري منذ بداية الأزمة السورية يتحاشى نوعاً ما التصادم مع الكُرد ولكنه يمارس سياسة غير مباشرة أمنية واقتصادية ضد الكرد، حيث يتعمد إلى قطع الكهرباء والماء عن مناطقهم من جهة ويتناغم مع داعش لمهاجمة وتدمير القرى والمدن الكردية وتهجير أهلها ولا يدافع عن تلك المناطق التي هي تابعة له ويترك أهالي المنطقة في مواجهة مباشرة مع داعش وحلفائها، كما يتعمد على فصل الناشطين والسياسيين الكُرد المعارضين له بغية تجويعهم وتشريدهم وإرغامهم على الهجرة.
والنظام لم يلي أي اهتمام بالمنطقة الكُردية من الناحية الاقتصادية ومن ناحية التنمية الاقتصادية أسوة بباقي المناطق التابعة له كـ: طرطوس واللاذقية وحمص ودمشق حيث يوفر معظم الحاجات لمناطقه وبأرخص الاسعار ويحول أكثرية الموازنة العامة لتلك المناطق التي يرى هو بأنها أكثرية المناطق ذات نفوذ وتأييد لسلطته المركزية وذلك على حساب المناطق المعارضة له.
-الحصار الاقتصادي المباشر الذي تفرضه داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وفصائل إسلامية متعددة:
منذ سيطرة داعش على الحدود وجنوبي كُردستان سوريا منذ أواسط عام 2013 حيث شدد الحصار الاقتصادي والأمني المباشر على تلك المنطقة ومنع وصول السلع والخدمات إليه إلا بعد دفع ضرائب باهظة الثمن، ومنع تنقل الكُرد براً باتجاه الجنوب حيث كانوا يتعرضون للاعتقال والقتل والتشرد، ولم يكتفي داعش بذلك بل مارس سياسة مهاجمة المنطقة الكُرديّة وتفريغ وتهجير الكُرد من قراهم ومناطقهم والسيطرة على ممتلكاتهم ومواردهم الاقتصادية. حيث مارس الحصار على كوباني ودمرها وسيطر على ما يقارب 384 قرية تابعة لكوباني وهجّر أهلها، كما سيطر على كري سبي وقراها وهجّر أهلها، وسيطر على قرية تل معروف والعديد من القرى القريبة منها ويشدد الحصار على عفرين.
-الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الحكومة التركية:
لجأت تركيا على تشديد الحصار على كُردستان سوريا وخاصة بعد تزايد نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وتفرده بالسلطة والحياة السياسية فيها وفقاً لأجندات إقليمية وذلك بمنحه النظام السوري آليات وأدوات السلطة والنفوذ والتضييق والتصفيق. وذلك في ظل تقاعس المجلس الوطني الكُردي وعدم إتاحة المجال له من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، وبالتالي دخلت كُردستان سوريا في مواجهة غير معلنة مع تركيا. حيث تشدد تركيا الحصار الاقتصادي والأمني على الكُرد من ناحية وترسل داعش والكتائب الإسلامية الراديكالية لمهاجمة الكُرد ومناطقهم وقراهم وذلك بغية: تجويعهم، تشريدهم وتهجيرهم.
ثانياً: أثر الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي اتخذها النظام السوري في ظل الأزمة السورية على سوريا وكُردستان سوريا:
بسبب الخسائر التي مني بها الاقتصاد في سوريا، وحاجة النظام إلى مداخيل إضافية غير اعتماده الكلي على الدعم الإيراني الذي ذكرت تقارير أممية أنَّه وصل إلى حدود قياسية وصلت لـ35 مليار دولار، دفعت النظام لإصدار مجموعة من القرارات الاقتصادية من أجل تحصيل مزيد من المال.
-رفع أسعار الوقود في سوريا:
حيث لعب النظام السوري بشكل تدريجي على زيادة أسعار الوقود وذلك اعتماداً على استراتيجية “تكتيك زيادة الأسعار” حيث وصل سعر البنزين لـ160 ليرة سورية، ومن المتوقع أن تشهد البلاد سلالم من الارتفاعات في البنزين، خلال الفترة القادمة، بينما وصل سعر ليتر المازوت 130 ليرة سورية، وهو ما أدى إلى ارتفاع عام في مجمل السلع والخدمات في سورية. حيث أنَّ اسعار الوقود غير مستقرة وهي تخضع للارتفاع والانخفاض حسب الحصار المفروض على المنطقة وحسب الفصول التي تمر بها السنة بالنسبة للوقود يزيد سعر البنزين السوري عن 300 ليرة، والبنزين المكرر بـ 75 ل.س، والمازوت بـ 60 ل.س، والكاز بـ 70ل.س، ويبلغ سعر جرة الغاز بحدود 3000 ليرة سورية.
-الحصول على جوازات السفر وتجديدها:
إنَّ حصول أعداد كبيرة من الشعب السوري عامةً والكُردي خاصةً على جوازات سفر زاد من إيرادات الدولة كما أنَّ منح جوازات سفر خلال فترة قصيرة تبعاً للحاجة أيضاً تم مقابل دفع المزيد من النقود لخزينة الدولة، كما أنَّ تجديدها أيضاً تطلب دفع نقود إضافية زاد من تلك الإيرادات.
-فرض رسوم على الذهب:
منذ 19 شباط 2015 فرض النظام ضرائب على الذهب، بنسبة 5 % أثناء دمغ القطع الذهبية، ليصبح على كل غرام ذهب ضريبة إنفاق استهلاكية بقيمة 400 ليرة أي أنَّه سيصبح على كيلو غرام الذهب الواحد ضريبة بقيمة 400 ألف ليرة.
إنَّ هذا الحصار الاقتصادي والإجراءات والقرارات الاقتصادية والأمنية التي أتخذها النظام السوري وداعش في سوريا وكُردستان سوريا وذلك في ظل تقاعس حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكُردي في تأمين الحاجات والخدمات الأساسية للمواطنين زادت من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيش فيها المواطنين وذلك في ظل انخفاض الليرة السورية وفقدانها لأكثر من 80% من قيمتها فأصبحت العائلة الواحدة المؤلفة من 5 أشخاص بحاجة شهرياً إلى ما لا يقل عن 135000 ل.س أي ما يعادل 450 دولاراً أمريكياً.