أضواء على المشهد السياسي في الشرق الأوسط…من أين وإلى أين؟
عثمان عكيد..
مع بداية الحرب العالمية الأولى إلى انتهاء الحرب العالمية الثانية في أواسط الأربعينيات بين كل من دول المحور بقيادة ألمانيا، ايطاليا واليابان، ودول الحلفاء الذي تشكل من فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، الصين والاتحاد السوفييتي، الأمر الذي أدى إلى مقتل الملايين من الناس الأبرياء لدى الحلفين ناهيكم عن دمار في البنية التحتية على كل الأصعدة الاقتصادية والصحية والخدمية وكان النصر العسكري لصالح دول الحلفاء رغم خسارتها في الأرواح والعتاد وذلك في نهاية عام ١٩٤٥، ليفتح الباب نحو صراع من نوع آخر هذه المرة بين المعسكرين الشرقي بقيادة السوفييت /حلف وارسو/ والغربي بقيادة أمريكا /الحلف الأطلسي/ ليعيش العالم صراع في المجال السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والدبلوماسي (الحرب الباردة) مستمرا عشرات السنين حتى إسقاط النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي السابق في عهد الرئيس غارباتشوڤ الذي حاول إعادة بناءه ولكن في نهاية الأمر جاء إسقاطه فرصة ذهبية لكل قوميات وشعوب الاتحاد السوفييتي آنذاك.
الأمر الذي دفع كثير من الشعوب والقوميات بإعلان دولهم المستقلة ذات السيادة مما دفع الكثير منهم للانضمام إلى الحلف الأطلسي الذي مازال مستمراً بقيادة أمريكا ويضم في صفوفه أكثر من خمس وعشرين دولة. كما يملك اكبر ترسانة عسكرية واقتصادية في العالم اليوم وبعد الانتهاء من هذه المرحلة التي مرت على العالم الغربي والشرقي وما آلت إليهما من ويلات ومأساة جراء ظروف نتيجة مرورهما بويلات الحروب العالمية، توجهت أنظارهم ولاسيما الدول الغربية إلى الشرق الأوسط الخالي من كل نظام يُنظم الوضع، وقائد يقود المجتمع، وقانون يقنن نظم الحياة فيه والسير لتأمين حياة الناس من الناحية الإنسانية والصحية والاقتصادية، الأمر الذي ساعد تلك الدول (أي الدول الغربية) على توجيه أنظارهم إلى المنطقة سعياً منهم إلى استخراج الموارد الطبيعية والثروات الباطنية الهائلة في ظل تدني مستوى الوعي الثقافي والسياسي بين صفوف أبنائها والعمل أيضاً على البحث عن الآليات والوسائل لاستثمار تلك الموارد بغية الوصول إلى السيطرة الكاملة على الشرق الأوسط الجديد وفرض الدساتير وأنظمة الحكم نحو إنشاء النظام العالمي الجديد.
ومن أهم تلك الوسائل دعم إسرائيل على مختلف الأصعدة وكذلك إنشاء المزيد من الدول باستقلالها على الشكل التقليدي مع نهاية الحرب العالمية الثانية وإبرام الاتفاقات مع تلك الدول (الدول الخليجية وأمريكا مثالاً) والعمل على عقد الكثير من الاتفاقات مع الدول الناشئة في مجال النفط ومشتقاته مقابل الغذاء والسلاح والحماية تحت مسميات الاحتلال الناعمة كالوصاية والانتداب. ومن ناحية أخرى ذهبت الدول الغربية إلى استغلال العامل الفكري والسياسي في المنطقة ونشر ثقافته وسياسته بدلاً عنه. كل ذلك بغية تحقيق أهدافهم الإستراتيجية للحاضر والمستقبل.
لم تعط هذه الدول والحلفاء الجدد والشعوب المنتصرة والاتفاقيات المبرمة والحكومات التابعة دورا للشعب الكردية آنذاك ناسين بل متناسين جميع حقوقه بكل مجالاته دون أي اعتبار لحقوقه الثقافية والقومية، ومع هذه الفترة ظهرت العديد من الثورات والانتفاضات المطالبة بالحقوق الكُردية كـرد فعل طبيعي على تعامل القوى المحلية والأجنبية معها على حد سواء.
ونذكر من هذه الثورات على سبيل المثال لا الحصر: انتفاضة الشيخ سعيد في تركيا عام 1925 وثورة البرزاني الخالد في العراق 1961 وكذلك ثورة شيخ محمود الحفيد في السليمانية وأيضاً جمهورية مهاباد مع قاضي محمد وثورة سمكو شكاك في إيران.
العديد من هذه الثورات تم إخمادها من قبل القوى الدولية عسكريا، والعديد من القرارات الداعمة لحقوق الشعب الكردي تم طعنها في المحافل السياسية كذلك الأمر.
ومع استمرار هذا الوضع العام وخلق نزاع من نوع آخر بين العرب وإسرائيل منذ عام 1948 إلى يومنا هذا، زاد الوضع سوءاً نتيجة عدم الاستقرار في المنطقة رغم مناشدة الأمم المتحدة مراراً عبر قراراتها الأممية ولكنها لم تتمكن من تأمين الأمن والاستقرار في المنطقة. ورغم كل ما جرى ويجري من خلال هذه المرحلة الطويلة في المنطقة اعتقد أن أهم العوامل التي يمكن الوصول بها إلى الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين مصالح الدول الغربية والوصول إلى الأمن والسلم الدوليين في المنطقة هو القضاء على الإرهاب والتطرف وتأمين الأمن والاستقرار للشعب الكُردي في كُردستان، كُلِ كُردستان، لتشكل بذلك البذرة الأولى والنواة نحو تحقيق السلام ونشر المبادئ الديمقراطية وبذلك السير خطوة أخرى نحو تطبيق مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.