ملفات و دراسات

أكراد سورية في مرآة مصادر الأرشيف العثماني خلال القرن 18 للميلاد

دراسة للاستاذ نضال حاج درويش بعنوان “أكراد سورية في مرآة مصادر الأرشيف العثماني خلال القرن 18 للميلاد”
الدراسة قيمة للغاية, قمنا بنشر المدخل فقط على الموقع مع ارفاقها بملف الـPDF كاملاً ليتمكن الجميع من قرائتها ومراجعتها والاستفادة منها.

المدخل:

كانت لسورية (بلاد الشام) أهمية كبيرة بالنسبة لتاريخ الشعب الكردي. بالرغم من أن قبائل كردية صغيرة استقرت منذ القديم في المناطق الجبلية الساحلية واندمجوا مع سكان المنطقة، إلا إن التاريخ الحقيقي للكرد يبدء بحسب المصادر العربية منذ هجرة (ربما المتحدثين باللهجة الكرمانجية) أشباه البدو من المناطق الشرقية لجبال طوروس في العصور الوسطى.
مع صعود الاقطاع العسكري في الشرق الأوسط وإعطاء الأراضي لبعض القبائل وقادة العسكر، استقرت ومنذ القرن 11-12[1] قبائل كردية في مناطق فيها حصون ذو أهمية استرتيجية مثل حصن الأكراد (قلعة الأكراد فيما بعد قلعة الحصن) والقصير في أعالي أنطاكية.
أقوى قائد عسكري في هذه العصر هو صلاح الدين الأيوبي (توفي 1193) الذي وحد كامل سورية واستطاع الانتصار على الصليبيين، وهو يتمتع بأهمية تاريخية عظيمة لدى الكرد والقوميين العرب.               لم يتم حتى الآن البحث بشكل واسع في تاريخ القبائل الكردية. في تقارير البلاط العثماني والرحالة أمثال
[1] ]بغض النظر عن تاريخ الكرد في فترات ما قبل التاريخ, يورد الطبري رسالة بعثها حسين بن زكريا (صاحب الشامة) القرمطي سنة 902 للميلاد إلى حليفه الكردي جعفر بن حميد الكردي طالباً منه المشاركة في حركة القرامطة، ويفهم من فحوى الرسالة بأن جعفر ربما كان يحكم في منطقة حمص (الطبري ج10, ص 105، المترجم[.
شرفخان البدليسي[1] وأوليا جلبي[2] لدينا معلومات غزيرة عن الإمارات الكردية في القرن 16-19 والتي كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي في أيالة دياربكر والمناطق المحيطة بها. بعكس ذلك يتم الحديث عن المجتمع الكردي في شمال سورية ابتداء من القرن 19 في كتابات المستشرقين الروس وموظفي الانتداب الفرنسي في القرن 20. بأمكان المرء الحصول على الكثير من الوثائق من الأرشيف العثماني بخصوص حلب والرقة وطرابلس والتي تلقي الضوء على الهيكل الإداري والمشاكل المتعلقة بالإدارة لدى القبائل الكردية في نهاية القرن 17 والقرن 18.
بعد فشل الحملة العثمانية ضد فيينا 1683 وما تبعها من فقدان لبعض المناطق في منطقة البلقان، تركزت سياسة الباب العالي بالدرجة الأولى على الأمن الداخلي والبناء الاقتصادي في المناطق الآسيوية للامبراطورية العثمانية، وترتكز هذه السياسة بشكل أساسي في مسألة الإسكان الداخلي للقبائل الكردية والتركية والمرتزقة من الجند، ولتحقيق ذلك اتبعت وسائل العنف والترحيل، إضافة إلى إيجار الأراضي بأسعار مناسبة وحوافز أخرى تدفع المرء للأستقرار[3]. غزارة الوثائق الكتابية في الأرشيف العثماني ليس لها مثيل، وهي تزودنا بمعلومات عن مراقبة ومعاقبة القبائل من قبل الجهاز الإداري للسلطنة العثمانية، الأمر الذي يوفر لنا فرصة فريدة لمعرفة أمور كثيرة لم نكن نعلمها عن تاريخ شعوب وتاريخ الاستعمار ضمن آسيا الغربية في بواكير العصر الحديث.
توجد ثلاثة مناطق في سورية الحديثة مجاورة للحدود التركية مفصولة عن بعضها البعض، تسكنها أغلبية كردية يتحدثون بلغتهم الأم. في هضبة عفرين (كرداغ) شمال غرب حلب، ومنطقة عين العرب (نبع العرب)[4] شمال الرقة والحزام الحدودي حول القامشلي مع امتداد جبل سنجار العراقي في شمال شرق الحسكة. يتم التعرف في الوثائق العثمانية على مجموعات بدوية كردية كثيرة كانت تتوزع على مناطق واسعة من سورية الداخلية خلال القرن 18، وكانوا يجمعون الضرائب بأسم الدولة، إضافة إلى هؤلاء البدو وجد قسم من الكرد الذين استقروا حديثاً وبنوا القرى.
يهدف هذا البحث إلى سرد العلاقة بين تلك المجموعات الكردية والدولة العثمانية من الناحية التاريخية وذلك من خلال وثائق الأرشيف العثماني. في الجزء الأول من البحث تتم دراسة القبائل والإمارات الكردية التي سكنت المناطق الغربية من الساحل السوري في القرن 18 والذين اندمجوا مع مرور الوقت في المجتمع العربي أي أنهم استعربوا. في الجزء الثاني من البحث يتم دراسة هجرة قبيلة الملان
[1] ]شرف خان البدليسي لم يكن برحالة كما ذكره الباحث وإنما حاكم إمارة بدليس الكردية الواقعة غرب بحيرة وان، وألف كتابه المعروف شرفنامه وباللغة الفارسية في سنة  1596م، وهو كتاب يبحث في تاريخ الدول والإمارات الكردية في العصور الوسطى والحديثة إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، المترجم[.
[2] ]عاش أوليا جلبي في الفترة من 1611  أو 1616 إلى 1684 م، المترجم[.
[3] Orhonlu 1987; Halaçoglu 1988; zur _Iskan-Politik in Nordsyrien vgl. Winter 2003.
] [4].للمدينة تسميات عديدة وهي بحسب تسلسل زمانها كانيا عربا وهي أقدم تسمية كردية للمدينة أي نبع العرب، وسميت يهذا الاسم نظراً لأن القبائل العربية كانت تأتي بقطعانها لتسقيها عند النبع الذي كان موجوداً فيها، والتسمية الثانية هي “كوباني” وقد عممت على المدينة خلال فترة نفوذ عشيرة الملليين الكردية، كما أطلق العثمانيون عليها اسم “مرشد بنار” كجزء من حملات تتريك الأسماء المحلية، وأثناء بناء السكة الحديدية فيها من قبل شركة ألمانية في العام /1911/ أُطلق عليها اسم “كومباني” واصلها الكلمة الانكليزية (company)، ثم عربت أسم المدينة في عهد البعث إلى عين العرب، انظر: حسين أمين حسين، “عين العرب” في مئة عام، المترجم[.
والرشوان خلال القرن 18 من مناطق الأناضول إلى منطقة الجزيرة، ولو أن الوثائق الحالية تمكننا من إلقاء نظرة تقريبية على توزع القبائل في ذلك العصر، وهي تبين لنا تداخل المجتمع الكردي والعربي خلال بواكير العصر الحديث.
رابط ملف الـPDF:
أكراد سورية في مرآة مصادر الأرشيف العثماني خلال القرن 18 للميلاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى